عاد موضوع الهجرة ليفرض نفسه بقوة خلال حملة الانتخابات الإقليمية والفدرالية والأوروبية التي ستعرفها بلجيكا الأحد المقبل (26 ماي).
ويمكن ملاحظة الأهمية المتزايدة التي أصبح يحظى بها موضوع الهجرة داخل المشهد السياسي البلجيكي على الخصوص، في برامج مختلف الأحزاب السياسية من أجل استقطاب الناخبين خلال هذه الانتخابات.
وتتموقع الأحزاب، أكثر من أي وقت مضى، بخصوص موضوع الهجرة الذي يواصل هيمنته على النقاش العمومي في بلجيكا، مما يخلق توترات قد تؤدي إلى أزمات سياسية عميقة، كانت آخرها الأزمة الحكومية التي اندلعت في دجنبر الماضي بسبب خلاف بين الحزب القومي التحالف الفلاماني الجديد، وباقي مكونات الأغلبية حول الميثاق العالمي للهجرة والذي انتهى بتفجر الحكومة الفدرالية على بعد ستة أشهر من نهاية ولايتها.
ويرى حسن بوستة، الأستاذ بجامعة لييج ورجل سياسي بلجيكي من أصل مغربي، أن الهجرة كانت حاضرة بقوة أكبر في الأشهر القليلة الماضية في بلجيكا مقارنة مع باقي البلدان الأوروبية، حيث أدت إلى الإسراع في انهيار حكومة شارل ميشيل وأدخلت البلاد في أزمة سياسية.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه القضية، التي تشكل موضوع خلاف بين ” خيارين متناقضين بشكل كبير داخل المجتمع، خيار قومي وشعبوي يدعو إلى الانغلاق الهوياتي، من جهة، ومن جهة أخرى، خيار تضامني دولي حول استقبال المهاجرين”، تحظى بأهمية كبرى حيث تمثل رهانا انتخابيا ” قويا للغاية “.
ففي وقت تحاول فيه مجموعة من التيارات الشعبوية في أوروبا تعبئة هذه القضية من خلال ” تشويه الرهانات “، تشهد بلجيكا تناقضات بالنظر لأن قضية الهجرة ليست مسيسة بنفس الطريقة لدى المجموعتين اللغويتين، يضيف حسن بوستة المتخصص في قضايا الهجرة.
وأوضح أنه إذا كانت الهجرة في بلجيكا الفرونكفزنية ليست موضوع مزايدات سياسية، فإن هذه القضية في الجهة الفلامانية حاضرة بقوة بسبب صعود الأحزاب القومية (حزب التحالف الفلاماني الجديد وفلامس بيلانغ اليميني المتطرف) والذين يستغلون ” خزانا ” من الناخبين منشغلين بالقضايا المتعلق بالهجرة.
وفي السياق ذاته، أبرزت الباحثة بالجامعة الكاثوليكية بليل، الانقسامات بين الفرونكفونيين والناطقين باللغة الهولندية حول قضية الهجرة، مشيرة إلى أن حضور هذه الأخيرة بحدة في الجهة الفلامانية يفسره الصعود المتنامي للحزب اليميني المتطرف فلامس بيلانغ، في استطلاعات الرأي واستقرار التحالف الفلاماني الجديد في هذه الاستطلاعات، في حين أنها أقل في بلجيكا الفرونكفونية “. فبالنسبة لبلجيكا الفرونكفونية، أشارت الباحثة إلى أن التشكيلات السياسية التي تضع قضية الهجرة على رأس أجندتها هي الأحزاب الصغرى التي لم تستطع استقطاب سوى عدد محدود من الناخبين.
وحسب الباحثة، فإن هذه اللوائح إذا ما حصلت على مقاعد، وخاصة في برلمان جهة بروكسل كابيتال، فإن ذلك سيكون بفضل نظام الاقتراع الذي يمكن من تجميع اللوائح للحصول على العتية الانتخابية.
أما الباحثة البلجيكية في العلوم السياسية كاترين كزارديز، فأكدت أن الهجرة فرضت نفسها في الأجندة السياسية في بلجيكا، على غرار باقي البلدان الأوروبية، عقب مختلف الأحداث التي خلقت نقاشا عموميا حول هذه القضية، خاصة انهيار التحالف الحكومي بعد رفض التحالف الفلاماني الجديد المصادقة على الميثاق العالمي للهجرة، ووصول عدد من طالبي اللجوء والمشاكل المرتبطة بتنظيم عملية استقبالهم.
واعتبرت أنه من الصعب تقييم أثر هذه القضية على أصوات الناخبين خلال الاقتراع الثلاثي الأحد القادم، غير أنها أشارت إلى أن تسييس الموضوع، وتناوله إعلاميا بشكل مكثف أثرا على النقاش العمومي والمواقف داخل البلدان.