سعيد قدوري
كلما اقتربنا من موسم المحاسبة أو موعد الانتخابات، تُعاد على مسامعنا العبارة الشهيرة: “الأحياء ناقصة التجهيز بزايو”. عبارةٌ باتت لازمة محفوظة على ألسنة المسؤولين، لكنها في جوهرها مجرد كذبة كبرى تخفي حقيقة أكثر قسوة: في زايو، هناك أحياء ناقصة التجهيز وأخرى منعدمة التجهيز بالكامل.
حين نتحدث عن أحياء “ناقصة” التجهيز، فإننا نوحي ضمنيًا بأن هناك أحياء “تامة” التجهيز، وهي مغالطة تسوّق لوهم لا وجود له. الحقيقة أن الحديث المتكرر عن الأحياء الناقصة ليس سوى محاولة لتغطية الفشل المتراكم في التخطيط والتدبير، بل والأسوأ من ذلك، تغطية لتورط جهات معروفة في صناعة هذا الواقع الفوضوي.
فلنتوقف لحظة ونسأل أنفسنا: من صنع حي مارشال؟ من كان وراء حي أولاد اعمامو؟ من سمح بظهور حي معمل السكر؟ الجواب واضح، يعرفه كل أبناء زايو، لكن قلة فقط تجرؤ على الإفصاح به، بينما اختارت الأغلبية طريق الصمت أو النفاق، خوفًا أو طمعًا أو تواطؤًا.
إن من يقف خلف تجزيء هذه الأحياء في الظل، هو من يتحمل مسؤولية تجهيزها، وليس من العدل تحميل الساكنة البسيطة مصاريف تجهيز أحياء تم إنشاؤها في الأصل خارج القانون. من غير المقبول أن يدفع المواطن ثمن جريمة ارتكبها آخرون في جنح الظلام.
مؤخرًا، عبّر عامل إقليم الناظور عن استغرابه من حجم البناء العشوائي في زايو، وتساءل: “كيف تم بناء هذا الحي وبهذه الطريقة؟”. والحقيقة أن الإجابة لديه، ولدى كل أجهزة الدولة، فكل شيء معلوم، من أول طوبة وُضعت إلى آخر وثيقة تم التستر عليها. لكن، وفي ظل هذه المعرفة، يستمر المسؤولون في الترقيع، عامًا بعد عام، في محاولة يائسة لمداواة جرحٍ ينزف منذ عقود.
زايو لا تحتاج شعارات جديدة ولا مساحيق لتجميل الفوضى، بل تحتاج إلى الاعتراف بالحقيقة: نحن من صنعنا هذه الأحياء، وعلينا أن نحاسب من كان السبب، لا أن نواصل تدوير نفس الأسطوانة كل سنة.