زايو سيتي
رحل قبل شهر من اليوم، المدير السابق للوظيفة العمومية بقطاع الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، ابن زايو، عبد الله الطيبي، تاركا خلفه إرثا قانونيا ساهم بقسط كبير في وضع قطار الوظيفة العمومية فوق سكتها الصحيحة.
عاش عبد الله الطيبي رحمه الله حياة هادئة رغم الصخب الذي كان محيطا به، كونه يدير أحد أكثر القطاعات اهتماما وكونه كفاءة مشهود لها، وصاحب خبرة طويلة في مجاله.
وفي أربعينية الفقيد، كتب الأستاذ الباحث بكلية الحقوق السويسي بالرباط، عبد الخالق علاوي، مقالا ذَكَّرَ فيه بخصال عبد الله الطيبي، وهو مقال ننشره كاملا.
نص المقال:
غادرنا إلى دار البقاء في يوم الجمعة السادس من رمضان (1443 هـ) 8 أبريل 2022، السيد عبد الله الطيبي المدير السابق للوظيفة العمومية بقطاع الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة.
والسيد عبد الله الطيبي، أو “سي الطيبي” كما كان سائدا بين أصدقائه وزملائه، تدرج في أسلاك قطاع الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، لمدة 37 سنة، تقلد خلالها مناصب مسؤولية عديدة لمدة 35 سنة، وتحديدا في مديرية الوظيفة العمومية، كان آخرها منصب مدير الوظيفة العمومية.
فقد تولى مناصب رئاسة قسم الخدمة المدنية وقسم المراقبة والمنازعات وقسم المعادلات والمباريات، ثم قسم الأنظمة الأساسية والأجور، ولعل ما يميز هذه الأقسام أنها شكلت العمود الفقري لمديرية الوظيفة العمومية وصلب المهام المنوطة بها، كما أن منصب رئيس قسم خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي لم يكن بالمفهوم الحالي، سواء من حيث حجم المسؤولية أو طبيعة المهام، لاسيما بالنسبة لبعض الأقسام التي تولى الفقيد مسؤوليتها، فعندما نتحدث عن قسم الخدمة المدنية خلال عقد الثمانينيات فإننا نتحدث عن شبه مديرية داخل مديرية الوظيفة العمومية، بالنظر لطبيعة وحساسية المهام وخطورة المسؤولية، ونفس الأمر بالنسبة لقسم المعادلات والمباريات، حيث كان مناطا بوزارة الوظيفة العمومية، من خلال القسم المذكور، ترؤس لجان المعادلات بين الشهادات المنصوص عليها في الأنظمة الأساسية للموظفين، وهي لجان لم تكن لها مهام إدارية، بل مهام علمية كذلك، ونفس الأمر ينطبق على قسم المراقبة والمنازعات، حيث كان القسم بمثابة المستشار القانوني للإدارات العمومية في مجال المنازعات التي تهم مجال الوظيفة العمومية.
وعندما تولى الفقيد منصب رئيس قسم الأنظمة الأساسية، ثم رئيس قسم الأنظمة الأساسية والأجور، كان بمثابة مهندس لإصلاحات كبرى في مجال الوظيفة العمومية، منها على سبيل المثال إصلاح نظام الترقية في الدرجة، مراجعة منظومة التنقيط والتقييم، الهيكلة النظامية (حذف الدرجات المرتبة في سلالم الأجور من 1 إلى 4)، وغيرها.
أما بعد ما عين مديرا للوظيفة العمومية، فقد كان وراء أهم الإصلاحات التي عرفتها منظومة الوظيفة العمومية خلال نصف قرن، منها المراجعة الهامة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (القانون رقم 50-05 بتعديل وتتميم ظهير 24 فبراير 1958)، وإعادة النظر الشاملة في الهيكلة النظامية للوظيفة العمومية، من خلال تجميع الأنظمة الأساسية الخاصة بالموظفين، وكذا إصدار نظام جديد لمباريات التوظيف في درجات الوظيفة العمومية.
لقد قدر للفقيد أن يلعب دورا مؤسسا لمديرية الوظيفة العمومية، ومن ثم لوزارة الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة برمتها، حيث ساهم بقوة في رسم المعالم الكبرى للدور الحيوي الذي كانت تلعبه هذه الوزارة خلال العقود الماضية، قبل أن يخفت هذا الدور في السنوات الماضية بفعل عوامل موضوعية وذاتية، قد تكون من أبرزها طبيعة تدبير ونظرة وسلوك بعض الوزراء الذين تولوا مسؤولية تدبير الوزارة، والذين نظر بعضهم إلى الوزارة باعتبارها مجرد مطية لخدمة أجندتهم السياسية الضيقة، من خلال التركيز على كل ما يرتبط بالواجهة الإعلامية، فضلا عن تقاعد وهجرة أطر الوزارة، بالإضافة إلى عوامل أخرى قد لا يتسع المجال لذكرها، وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى جعل مسألة بقاء قطاع الوظيفة العمومية كقطاع وزاري، في حد ذاته، موضع شك وتساؤل.
لقد ترك سي الطيبي أثرا بالغا وطيبا في نفوس كل الذين عرفوه من قريب أو بعيد، وسواء اتفقت أو اختلفت معه، إن في الرأي أو في طريقة العمل، فإنه لا يمكن إلا أن تقدره وتحترمه لمعرفته القانونية وكفاءته وخبرته وخصاله الإنسانية.
معرفة قانونية واسعة
لقد كانت كفاءة الرجل على المستوى المهني موضع إجماع، يشهد بها حتى أولئك الذي قد يختلفون معه في الرأي أو التوجه أو في منهجية العمل، وهذه الكفاءة ترجع بالأساس إلى المعرفة القانونية الواسعة التي كان يمتلكها، فهو لم يكن يدبر المهام المنوطة به تدبيرا تقنيا كما يفعل المسؤولون الآخرون، بل كان يضع المعرفة القانونية في صلب هذا التدبير، من خلال تفكيك عناصر الموضوع، سواء كانت قضية فردية أو مشروع نص قانوني، وتأصيلها تأصيلا قانونيا، ومن ثم محاولة إيجاد الأجوبة القانونية الملائمة، وهو بهذا قد يفاجئك بالحديث المسترسل والمسهب عن أصول ونظريات ومبادئ القانون الإداري والقضاء الإداري وقانون الوظيفة العمومية، بشكل يجعلك تقف منبهرا أمامه، بل قد يجول بك في مجالات قانونية أخرى كالقانون الدستوري وقوانين أخرى.
لقد شكل الفقيد بالفعل نموذجا مختلفا ومتميزا للمسؤول الإداري، فقد كان يؤمن بأنه لا يمكن تدبير المهام بدون معرفة قانونية، ولذلك كان مكتبه، في كل المسؤوليات التي تقلدها، مليئا ليس بالنصوص القانونية والملفات فقط كما هو حال مكاتب باقي المسؤولين، بل كان يزخر بالمراجع الفقهية في مجال القانون، ولا سيما القانون الإداري وقانون الوظيفة العمومية من كتب ومجلات وتقارير وأحكام قضائية، بل إن بعض المراجع الفقهية قد لا توجد في خزانات العديد من كليات الحقوق بالجامعات المغربية.
إلى جانب المعرفة القانونية كانت للفقيد ذاكرة قوية، فهو قد يسرد لك الجوانب التاريخية للنصوص القانونية في مجال الوظيفة العمومية، علما أن هذه الجوانب تعتبر جزءا هاما، بل مدخلا لإيجاد الحلول القانون
رحم الله الفقيد و جعله من اهل الجنة و الرحمة على جميع اموات المسلمين
اطيب الخلق .اللهم ادخله جنة الفردوس .لقد كان رجلا طيبا وكفوا و دو قلب مليء بحب الخير للجميع .نحبه في الله و كان لابناء زايو معينا مستمعا و متواضعا .اللهم اكرمه جنانك يا رب
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته إن ألله وحده هو الذي يزكي النفس وهو العالم بعباده. رحم الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته وبدون مبالغة
انا لله وانا اليه راجعون. اللهم ارحمه واجعل مقامه الجنة. امين