د.يوسف توفيق
“لم أفهم بعد لم يرغب الإنسان بالتمثيل على خشبة المسرح بينما لديه العالم كله ليمثل فيه؟!” جورج برنارد شو
كان الوالد رحمه الله معلما بحق، من الذين انخرطوا في سلك التعليم بجد، وأخذوا الكتاب بقوة، وقد لبثت زمنا طويلا أجهل سبب نجاح الوالد في وظيفته، وسبب وقوع التلاميذ في حبه، وفي حب حصته، حتى إنه لم يكن يمنعنهم عن حضورها إلا الشديد القوي، حتى أسر لي أحد أعمامي، وهو بدوره من رجال التعليم الأفذاذ، بعد وفاته، بأن الوالد كان موهوبا في المسرح، وكان حلمه أن يصبح ممثلا، فتعذر عليه لأسباب خارجة عن الارادة فاستعاض عن حلمه الأول بالتعليم، وقد استغل موهبته الاستثنائية في التمثيل في القسم، فكانت أغلب الحصص عبارة عن عروض مسرحية قائمة بذاتها، فلا يكتفي خلال الحصة بالتلقين، ولكنه كان يقحم التلميذ في صميم العملية التعليمية عن طريق إشراكه الفعلي فيها.. فتتحول الحصة إلى لعب واحتفال وفرجة، وهي أمور تجعل الطفل يستوعب أشياء كثيرة لا يتيسر فهمها في أجواء القمع والترهيب.
وأي جدية أكبر من جدية الطفل الذي يلهو؟ وكان الوالد علاوة على هذا يحب مهنته، يذهب إليها عاشقا راغبا لا مكرها أو مجبرا أو فقط من باب الواجب (الشر) الذي لا بد منه، ولم ير يوما متأففا منها أو متبرما من ضغطها وإكراهاتها الكثيرة، وكان يوزع تلك الطاقة الايجابية على تلاميذه عكس ما يفعل بعض الاستاذة سامحهم الله الذين كانوا يمضون الوقت في الشكوى والتبرم وتسميم نفسية المتعلم بمختلف أنواع الشكوى.
وكان عندما يعود من القسم يتبادر إلينا أنه عاد من معركة حامية الوطيس تطاير فيها الطباشير والغبار وليس من فصل دراسي. وكان رحمه الله يفتح مساحة الهزل والضحك حتى تتقلص المسافة بين المعلم والمتعلم، فيتمكن هذا الأخير من إطلاق إمكاناته وتفجير مواهبه، ولا يتبقى بعد ذلك للمعلم إلا توجيهها في قنواتها الطبيعية.. كان الوالد بتلك الموهبة خفيف النكتة سريع البديهة .. ونوادره في هذا الباب كثيرة يرويها من درس عنه بحب ونوستالجيا..
عندما كان الدرس عن الدراجة، تأخر بعض الدقائق ودخل القسم يسوق دراجة، وعوض أن يعرف التلميذ الدراجة عبر الكلمات، أو عبر بعض الرسوم التوضيحية وجد نفسه أمام دراجة حقيقية وسنحت له فرصة لمسها واكتشاف مختلف أجزائها ولم لا ركوبها؟ وفي أحد المرات كان الدرس حول “الصين الشعبية” ..
وقد عرف التلاميذ حينها بأن عدد سكان الصين يفوق المليار نسمة.. فسأله أحد التلاميذ؟ وهل يفوقوننا عددا يا أستاذ؟ أجاب الوالد: نعم يا ولدي هم يفوقون عددا .. ولو أنهم بالوا بولة رجل واحد، لحدث فيضان عظيم! يقول الراوي: ومنذ ذلك الحين ما ذكر أحدهم الصين أمامي إلا تذكرت كلام أبيك عن فيضان الصين العظيم.
رحم الله الوالد
رحم الله السي محمد توفيق واسكنه فسيح جناته، نعم لقد كان من المعلمين، الاساتذة البارزين في زايو، كنت افرح عند بداية دروسه، كانت متعة ان ياخذنا معه الى كل جوانب العلوم والمعرفة! نعم انها خسارة كبيرة لاسرته الصغيرة ولابناء وبنات زايو! رحمه الله وعزاءنا واحد!
فعلا كان رحمه الله نعم الاستاذ . نعم المربي همه الوحيد ان يعم الفهم لكل التلاميذ . عندما نكون في حصة اللغة العربية نحس باننا داخل اسرتنا كانت حصته ممتعة. كان نموذجا نفتقد امثاله في هذا العصر الذي كثر فيه الضجة بدون فائدة. رحمك الله ايها الهرم الشامخ الذي تركت فينا ذكريات لا تنسى.كنت الاستاذ والاب والقلب الكبير هذه الصفات التي فقذناها في هذه السنوات. فقذناك وفقذنا روح العطاء .رحمك الله واسكنك فسيح الجنان مع النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك.
رحم الله أستاذنا السي محمد توفيق ، نعم كان يتمتع بموهبة كبيرة في المسرح والنكتة كذلك ، كان رحمه الله ابن زايو في زي مراكشي إن صح التعبير ، أتذكر وأنا صغير شارك في مسرحية رفقة بعض زملائه كالسيد أحمد الإدريسي وآخرون .. وكانت المسرحية تاريخية لأنهم كانوا يرتدون الزي العربي مع اللحي المصطنعة مدججين بالسيوف ومن بين السيوف كان هناك سيف يقال أنه يعود لصاحبه القايد البشير كريمي والد المدير الأسبق السيد حماد الفارسي رحمهما الله ووالد الأستاذ الحسين كريمي . والمسرحية أقيمت ذاك الوقت بسينما بوجمعة المختاري رحمه الله .
رحم الله السي محمد توفيق كان رحمه أستاذا ذكيا وطيبا مع تلامذته ابتداء من مدرسة عبد الكريم الخطابي إلى السلك الثانوي وكان كريما ومفتخرا بالتلاميذ الذين درسو على يديه كان يؤدي الأمانة بصدق وراع عن مسؤوليته احبه في ألله الأستاذ محمد توفيق واتمنى لكل عائلته كبيرا وصغيرا أن يلهمهم ألله الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون
رحمك الله استادي الجليل محمد توفيق كان لا يضلم احدا، عكس كثير من المعلمين والأساتذة كانو يستعملون العنف الجسدي واللفضي وذالك يؤثر سلبيا على نفسية الطفل.
أذكر جيدا حين إستدعاني المرحوم إلى قسمه لعرض ” سكتش” حينما كنا نشكل أنا وصديقي خالد قدوري ثنائي وكنا لازلنا في الصف الثالث إعدادي . إستقبلنا وقدمنا لتلاميذ الفصل كأبطال الحرب . وبعد العرض سفق لنا الجميع بحرارة ، فطالبهم بأن يكثروا أكثر من التسفيق لأننا كما قال سفقوا بحرارة على الأبطال ، وزاد في قوله هكذا عليكم أن تكونوا أبطال .عبارات زادتنا قوة وإسرار بالإستمرار في درب المسرح …
رحمك الله سيدي محمد توفيق أعطيتنا أكثر من حقنا وأكرمتنا في فصلك . أكرمك الله في قبرك وجعلك من أهل الجنة . رحمك الله تحت الأرض ويوم لقاءه . شكرناك وأنت معنا ونشكرك وأنت غائب عنا .