زايوسيتي
ذهب علماء المسلمين في المذاهب الأربعة إلى اشتراط أقل عدد ممكن من المصلين لإقامة صلاة الجمعة، وهكذا اشترط الشافعية والحنابلة أربعين مصليا، واشترط الحنفية ثلاثة رجال سوى الإمام.
عندنا في المغرب اشترط العلماء، وهم من المالكية، اثني عشر مصليا غير الإمام، حيث لن تُقام صلاة الجمعة بمسجد من مساجد المملكة إن تعذر حضور العدد المذكور، فيتم الاكتفاء بصلاة الظهر من أربع ركعات.
بجماعة أولاد ستوت، قرب زايو، لم يجد أي مسجد من المساجد المنتشرة بالجماعة أي مشكل في حضور العدد المطلوب لإقامة الجمعة، وذلك منذ بناء هذه المساجد. لكن مؤخرا بدأ الأمر يتغير.
فقد لاحظ المواطنون أن عددا من المساجد بأولاد ستوت تجد صعوبة في حضور اثني عشر مصليا، ما يفرض عليها عدم إقامة صلاة الجمعة، حتى أن الأمر بدأ يتكرر بشكل لافت.
فخلال الجمعة الماضية انتظر إمام مسجد بأولاد ستوت أزيد من 10 دقائق حتى جمع العدد الكافي. حيث أنه بحلول وقت إلقاء الخطبة لم يكن حاضرا بالمسجد غير إحدى عشر شخصا، قبل أن تأتي إحدى السيارات الكبيرة وعلى متنها عدد من المصلين.
وقبل ذلك؛ لم يستطع مسجد شرق أولاد ستوت جمع اثني عشر مصليا، فأعلن الإمام إقامة صلاة الظهر فقط. وسط حسرة من الاشخاص المتواجدين داخل المسجد، وبكاء بعضهم، لأن المسجد منذ بنائه قبل حوالي 40 عاما لم يشهد موقفا مثل هذا.
ويُرجع الكثيرون عدم إقامة صلاة الجمعة في بعض المساجد إلى رحيل ساكنة عدد من الدواوير نحو وجهات أخرى، ما جعل ساكنتها تتناقص، وهذا ما أَثَّرَ على عدد الحاضرين للصلاة.
وذهب البعض أكثر من ذلك، حين اعتبروا الأمر مرتبطا بعدم إقبال الكثيرين، وخاصة الشباب، بعدد من الدواوير على الصلاة في المساجد، وفي أحسن الأحوال الصلاة داخل البيوت.
هناك مشكل آخر في هذا الإطار، يتعلق بأداء الأئمة في الكثير من الدواوير بأولاد ستوت لباقي الصلوات لوحدهم، حيث لا يأتي أي مواطن للصلاة. وهذا أمر يتكرر باستمرار.
وتتلقى أغلب المساجد بأولاد ستوت الدعم المالي من مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالناظور ومن المجلس العلمي، سواء كراتب للإمام والمكلف بالمسجد أو كدعم لوجيستيكي للتجهيز، غير أن عدم إقامة الجمعة وحتى عدم حضور المصلين لباقي الأوقات يُنذر بتوقيف هذا الدعم.
المواطن في أولاد ستوت أصبح دوره مقتصرا على التصويت في الانتخابات أما إرشاده للصلاة فهذا لا أحد يقوم به
إن كل المجتمعات لها أسواق تجارية تقيمها دوريا أي مرة في الأسبوع أو مرتين أو مرة في الشهر أو عدة مرات، فاليوم الذي يقام فيه السوق ذلك اليوم يسمى بيوم الجمعة وليس إسما ليوم من الأسبوع.
إن صلاة الجمعة كصلاة في يوم من الأسبوع لا أصل لهذه الصلاة في كتاب الله، بل الذي ذكره الله هو أن الناس كانوا إذا أتى يوم الجمعة أي يوم السوق ذهبوا للتجارة وتركوا الصلاة فأنزل الله تحذيرا في هذا الشأن وإليك ما قال الله، يقول عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فانتبه جيدا يا أخي، إنه لم يقل إذا نودي لصلاة الجمعة بل قال من يوم الجمعة أي إذا نودي للصلاة اليومية التي تعرفونها وكان يوم الجمعة أي اليوم الذي تجتمعون فيه للتجارة وجمع المال {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فاذهبوا للصلاة واتركوا البيع إلى بعد الصلاة، وأعطي لمحة عن الأسواق قديما فإن السوق تبنى في نقطة مركزية فقد يصل شعاعها من 5 كلم إلى 20 كلم حسب حجم السوق، أي أن السوق تتوسط قرى عديدة تبعد عنها قرابة 5 الى 20 كلم وأن الوسيلة الوحيدة للنقل هي الحيوان والأكثر استعمالا هو الحمار، ولقطع هذه المسافة للوصول إلى السوق قد يستغرق ساعتين أو ثلاث أو أربع ساعات مما يدفع الناس للقيام باكرا قبل صلاة الفجر لكي يدخلوا السوق في وقت مبكر وهذا ما يجعل صلاة الفجر في هذا اليوم تتعرض للانتهاك، وبالتالي نزول هذه السورة بخصوص هذا اليوم وخصوصا التجار لأن الآية تركز عليهم أكثر من غيرهم فهم المعنيين بالدرجة الأولى لأنهم هم الذين يذهبون للسوق بكرة لبناء مواقعهم وتحضير سلعتهم لعرضها للبيع ولذلك كانوا يتركون الصلاة ويذهبون للبيع وهذه الظاهرة تبقى دائما موجودة مهما ذكرت الناس لأن البائعون يفتنون عند فتح الأسواق، فالمستهلك قد يتأخر لكن البائع لا يستطيع التحكم في نفسه بسهولة، فالبائع يريد أن يحصل على المكان الأحسن في السوق فهو يريد المكان الاستراتيجي لعرض سلعته وبيعها، والباعة يتنافسون ويتسابقون لحجز هذه الأمكنة الاستراتيجية لذا فهم يذهبون باكرا جدا من أجل التربع على المكان، وهذا يفتنهم كثيرا عن الصلاة، فهذه حقيقة تراها بعينيك الآن لو رجع الناس إلى الصلاة التي أنزلها الله وأمرنا بها حيث يجب أن يصلي المؤمن طيلة الفجر إلى قبل طلوع الشمس فهذا كله وقت الصلاة يجب أداؤه من بدايته إلى نهايته وقد وضحت هذا بإذن الله في المواضيع التي كتبتها عن الصلاة لمن أراد أن يرجع إليها، إذن كما ذكرت فإن الصلاة تصطدم تماما مع فتح الأسواق وبالتالي فالناس تركوا الصلاة وذهبوا إلى الأسواق فأنزل الله هذه الآيات ليحذرهم من فعلهم هذا، فقال لهم {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} أي اذهبوا إلى الصلاة واتركوا البيع إلى بعد الصلاة، وتأمل ماذا قال لهم بعد ذلك {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} أي عندما تنتهوا من الصلاة اذهبوا لتجارتكم ويقصد بذلك صلاة الصبح لأنها تبدأ بكرة مع افتتاح الأسواق التي تبدأ هي أيضا بكرة فيجب ترك البيع والذهاب للصلاة، وإذا نظرنا للصلاة التي يسمونها بصلاة الجمعة فإنهم يصلونها وقت الظهيرة، علما أن القرآن نزل بمنطقة صحراوية، فالظهيرة وخصوصا في فصل الصيف أمر لا يطاق، فكر معي قليلا يا أخي، كيف يقول الله لهم {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} أي عندما تنتهوا من الصلاة وذلك وقت الظهيرة وفي الصحراء كيف يقول لهم بعد ما تنتهوا من الصلاة إذهبوا إلى البيع والتجارة، فأي سوق تفتح في ذلك الوقت، يا أخي هذا وقت قيلولة، وهذا الوقت وصفه الله بعورة يخلو الناس بأنفسهم للراحة والنوم وليس للتجارة والذهاب للأسواق، تابع معي يا أخي ماذا قال الله في هذا الوقت، فقد ذكر الله في آية أخرى يقول {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم}
تأمل جيدا هذه الآية، أولا: فقد وصف الله وقت الظهيرة بأنه وقت عورة أي بمعنى أن الناس يكونون في بيوتهم وفي خلوة مع أنفسهم أو بمعنى آخر أن هذا الوقت ليس وقت حركة يخرج الناس فيه خارج البيوت وبالتالي لا يوجد حركة للذهاب إلى المسجد، وهذا يكفي كدليل لمن هو عاقل.
نقطة أخرى ذكر الله في هذه الآية ثلاث عورات:
العورة الأولى: قبل صلاة الفجر، أنظر كيف حدد الله هذه العورة بالصلاة ولم يحددها بأي شيء آخر، أي قبل صلاة الفجر هذا وقت عورة يجب على ملك اليمين أي الخدام والأطفال أن يستأذنوا قبل الدخول على ساداتهم، والذي يهمنا في هذه النقطة أن الله حدد هذه العورة بالصلاة.العورة الثالثة: بعد صلاة العشاء أي تبدأ هذه العورة بعد صلاة العشاء وهذه العورة أيضا حددها الله بالصلاة.لنأت الآن إلى العورة الثانية: يقول الله عنها {حين تضعون ثيابكم من الظهيرة} فانظر جيدا وقارن هذه العورة مع سابقاتها، فإنه لم يذكر أي صلاة فيها فهذه ليست محددة بأي صلاة، لا بصلاة الجمعة ولا بصلاة الظهر ولا بصلاة العصر، فكل هذه الصلوات صنعها الناس ولم ينزل الله بها من سلطان. هل الكلام غير وا