بقلم: ذ. الحسن العبد
تجد في عدة قواميس ومعاجم اللغة، “هجرة الأدمغة” أو “هجرة العقول” على أساس أنها مصطلح يطلق على هجرة العلماء والمتخصصين في مختلف فروع العلم من بلد إلى آخر، طلبا لرواتب أعلى أو التماسا لأحوال معيشية أو فكرية أفضل، وعادة ما تكون هجرة الأدمغة من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة، وسواء كانوا من كبار السن أو شبابا، فهجرتهم تعد خسارة كبيرة لبلدانهم الأصلية التي بذلت عدة مجهودات في إعدادهم وتكوينهم طوال فترات الدراسة.
الرئيسية/المنبر الحر
المنبر الحر
المنبر الحر | خيرة الشباب يغادروننا.. إلى أين ؟
منذ 16 ساعة0 2 دقائق
بقلم: ذ. الحسن العبد
تجد في عدة قواميس ومعاجم اللغة، “هجرة الأدمغة” أو “هجرة العقول” على أساس أنها مصطلح يطلق على هجرة العلماء والمتخصصين في مختلف فروع العلم من بلد إلى آخر، طلبا لرواتب أعلى أو التماسا لأحوال معيشية أو فكرية أفضل، وعادة ما تكون هجرة الأدمغة من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة، وسواء كانوا من كبار السن أو شبابا، فهجرتهم تعد خسارة كبيرة لبلدانهم الأصلية التي بذلت عدة مجهودات في إعدادهم وتكوينهم طوال فترات الدراسة.
تتمة المقال بعد الإعلان
وعادة ما يطلق مصطلح هجرة الأدمغة، كما يراه بعض الدارسين، على عملية انتقال العلماء، والكفاءات، والمتخصصين، وأصحاب المهارات، والموهوبين من البلدان ذات الأحوال الاقتصادية والمعيشية المحدودة إلى البلدان المتقدمة، بحثا عن ظروف معيشية أفضل، كما أشرنا إلى ذلك، وبيئة سياسية واجتماعية أكثر استقرارا، والوصول إلى الأنظمة التكنولوجية المتقدمة، كل هذا من أجل تحصيل فرص عمل أفضل برواتب أعلى، وبالتالي، الحصول على نوعية حياة أفضل، وعادة ما تركز الدول المستقبلة على الركائز الأساسية الثلاث للهجرة الناجحة: “التعلم، الكسب، البقاء”، ويرى باحثون آخرون بأن هجرة الأدمغة أو كما يطلق عليها أكاديميا بهجرة رأس المال البشري، شأنا مقلقا على النطاق الدولي، وذلك لتأثيرها سلبا على أحوال البلدان التي تعرضت لهجرة رأس مالها البشري إلى الخارج.
وفي هذا الإطار، يؤكد كثير من الخبراء والدارسين، بأن المغرب كغيره من الدول التي تشهد هذا النزيف الطلابي، يخسر طاقاته البشرية لتستفيد منها دول أخرى، فالآلاف من الكفاءات المغربية، وبخاصة خيرة الشباب، تغادر إلى الخارج، والباقون يبحثون عن الفرصة للرحيل والهجرة والمغادرة… ولسان حالهم يقول: “لم نختر الدول المستقبلة لنا، لكنها هي من اختارتنا”، فالدول الغربية، وبالأخص كندا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، تختار خيرة شبابنا وتوفر لهم كل شروط العيش الرغيد، وكل المتطلبات للبقاء بصفة نهائية بها وعدم التفكير في الرجوع إلى بلدانهم الأصلية.
كما يذهب البعض ممن اختاروا الرحيل والهجرة من الأطر العليا في عدة مجالات علمية، إلى القول بأن المغرب لديه باحثين ومخترعين ومهندسين وأطباء ذوي كفاءات عالية، إلا أن أجرهم المادي جد ضعيف، وهذا راجع لسياسة الدولة التي لا تعطيهم أي قيمة، لذلك اختاروا المغادرة، وبالنسبة لهم تصبح الأدمغة هدفها الوحيد هو الهجرة نحو البلدان الأخرى التي تستقبلها بعناية فائقة وتكريم عال، فيتم تفريغ المجتمع من الكفاءات العليا ويتزعزع النمو الاقتصادي للبلاد.
بكل صدق في التعبير، الخاسر الأكبر في هذه الظاهرة المخيفة، هم أسر الأدمغة المهاجرة التي تكابد لبعد فلذات الأكباد عنها، والبلاد برمتها التي لم تحسن استغلال خيراتها البشرية كثروة هائلة لأجل رقي الوطن، وهي بذلك تقدم هذه الأطر على طبق من ذهب للدول الغنية، لتزداد قوة ومناعة، بينما الدول المصدرة لهاته الكفاءات في أشد الحاجة إليها لإخراجها من أوضاعها المتأزمة مع الفقر والتخلف والفساد، كما يقول الكثير من الباحثين.
ألم يئن الأوان لصياغة قوانين جديدة تكرم بها بلادنا المواطنين والمواطنات المغاربة بعيش العز، لنحافظ على خيرة شبابنا ونضع حدا لهذا النزيف الطلابي المستمر؟ ألم تفكر لجنة النموذج التنموي في طرح هذه القضية بجدية وتناولها بالدرس والتحليل، لإيجاد حلول ناجعة لظاهرة هجرة الأدمغة قصد بناء صرح الوطن الغالي؟
في تصريح له أمام نواب الأمة، اعتبر وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، في رده عن إحدى الأسئلة بمجلس المستشارين، بخصوص هجرة الكفاءات، أن “هذه مناسبة للتنويه بالكفاءات المغربية المهاجرة، لأنه ولله الحمد، هناك إقبال عليهم بكثرة من طرف الدول الأوروبية وأمريكا وآسيا…”، لكننا كآباء وأمهات، لا نرغب في ذهاب أبنائنا وبناتنا بعيدا عنا، فالحياة قصيرة والدنيا أيام، كما يقال، كلما ذهب يومك ذهب بعضك، نريد لهم دفء الأسرة ودفء الوطن.
مما لا شك فيه، أن تظافر جهود الأسر المغربية والمدرسة، وكل مكونات المجتمع المغربي بإرادة سياسية فعلية من المسؤولين، وتدخل إيجابي من رجالات الدولة الأوفياء، كل هذا من شأنه أن يحد من هذه الظاهرة الرهيبة والمخيفة، وذلك بتوفير كل الشروط والأحكام والمستلزمات للعيش الرغيد بكرامة في ظل المساواة الحقة بدولة الحق والقانون، فبلادنا ولله الحمد، تزخر بموقع جغرافي استراتيجي وبخيرات متنوعة كثروة لنعيش جميعا، كبارا وصغارا، حياة أفضل، والله ولي التوفيق.