زايو سيتي – فريد العلالي – محمد البقولي
هو طفل غادر قسمه الثاني إعدادي، قادم من مدينة وجدة، وجهته المنشودة أوروبا.. إلتقينا به خلال جولة لنا بميناء بني أنصار، ليحي لنا معاناته وما يتطلع إليه، وما يصبو إليه.
هذا الطفل ليس حالة فريدة، بل هو مثال لمئات الأطفال القادمين من مختلف مدن المغرب، وهمهم “الانسلال” إلى الضفة الأخرى، باذلين في سبيل ذلك كل التضحيات، حتى ولو واجهوا الموت.
“صغار حاملين هموم الكبار” هكذا حال هؤلاء الأطفال القاصر معظمهم، فالدافع لديهم للمخاطرة بحياتهم هو إنقاذ عائلاتهم من الفقر والحاجة. أليس ذلك من “اختصاص” الكبار؟ فكيف يرضينا سماع صوت طفل كل همه إنقاذ والديه من براثن العوز.
معاناة الأطفال “الحراكة” تبدء مع أولى إشراقة الصباح؛ أولاها نظرات الناس إليهم ووصفهم، ولو ضمنيا، بـ “المتسخين”، وثانيها مطاردة رجال الأمن، وثالثها الاعتداء بالضرب والسب كلما تم ضبطهم يحاولون الولوج إلى داخل الميناء، لينتهي يومهم بالمبيت في العراء دون غطاء ولا لحاف.
أغلب هؤلاء الأطفال يلجأ إلى “الحريك” عن طريق الانسلال داخل الشاحنات، ومع كل محاولة، يواجهون خطر فقدان حياتهم، حيث يدخلون إلى ركن من أركان الشاحنة في محاولة تنتهي عادة بالفشل.
الكثير من “الأطفال الحراكة” فَقَدَ حياته جراء محاولاته دخول الميناء، وفي أحسن الأحوال أُصيب بعاهة مستديمة، والقليل جداً منهم نجح في العبور إلى حيث يريد.
ما سرده “الحراكة” الصغار من هَمٍّ لـ “زايوسيتي” يفوق بكثير ما يَتَهَمَّمُ به الكبار، بل لا يقوى على مجاراة هذه المحن رجال أقوياء.