عبد السلام الشامخ
استكنَ التّصعيد الميداني بين مليشيات جبهة “البوليساريو” والقوّات المسلحة الملكية إلى الهدوء “الظّرفي” الذي فرضته متغيّرات على الأرض، بعد السّيطرة على معبر “الكركرات” وطرد الموالين للجبهة من المنطقة العازلة؛ بينما لا تزال “البوليساريو” تحشد قوّاتها في “تندوف” لتدارس طريقة الرّد.
وبعد عودة المليشيات إلى مخيّماتها في “الرّابوني” وسيطرة القوّات المسلحة الملكية على المعبر التّجاري الوحيد ما بين المغرب وموريتانيا، تطرح مجموعة من السّيناريوهات لمرحلة ما بعد خرق اتفاق إطلاق النّار في الصّحراء، خاصة في ما يخصّ حدود تدخّل الجزائر ورد فعل “البوليساريو”.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تخرقُ فيها الجبهة توصيات مجلس الأمن؛ ففي عام 2016، حاولت دخول المنطقة “العازلة”؛ وهو ما دفع الرّباط إلى تثبيت وجودها في المنطقة لحماية سيادتها، بينما تحاول الجبهة الوصول إلى النقطة الحدودية الموريتانية في الطرف الجنوبي.
وقال المحللّ السّياسي شرقي خطري إنّ “ما حدث مؤخرا في المنطقة العازلة هو محاولة زيادة التأثير وبناء أسس جديدة، عبر تبني شبكة متوازنة من الروابط والتدفقات تحاول المساس بالوضع القائم وتغييره عبر انتقال وتحول من وضع وواقع إلى حالة أخرى بديلة”.
وشدّد الخبير في العلاقات الدّولية على أنّ “البوليساريو” “تحضّر صورتها الإعلامية بقوة، من خلال استخدام لغة نصية تستند في مجملها على مقتربات لتوليد بنيات متلونة في دلالة مستويات حضورها في الواقع، وتعتمد على خلفيات جیو سياسية تترنح بين الثابت والمتغير”.
واعتبر خطري أنّ “الثّابت يتمثّل في الانخراط في مسلسل التسوية السلمية ومواكبة مخرجات جلسات التفاوض والمضي قدما في تطبيق قرارات مجلس الأمن، والمتغير هو تصاعد الاستفزازات في المنطقة العازلة عبر العديد من المشاهدات التي تعكس محاولة خلق وضع جديد بالمنطقة في ما يعرف بـ”عسكرة التفاعلات” مرتبط بالمنطقة ككل سواء في ليبيا أو مالي”.
وأشارَ المحلّل، في تصريحه، إلى أنّ “الجبهة تحاول الدّخول في مغامرة غير محسوبة العواقب بدعم جزائري يحاول تصريف الأزمة الداخلية بخلق عدو وهمي، وهذا يقود إلى ثلاثة سيناريوهات”.
ووفق المتحدث ذاته، فإن “السّيناريو الأوّل مرتبط بالتّصعيد النّوعي، وذلك في ما يرتبط بالمجال الحيوي يأتي على رأسه بعد السيادة عبر الدفاع عن وحدة أراضي المملكة ووضع حد لعرقلة البضائع والسلع وتطويق تلك القيود”.
أمّا السّيناريو الثّاني، يقول خطري، فيتعلق بـ”العودة المشروطة والتي تقوم بالبحث عن ملاذات آمنة وفق تفاهمات محددة وتقوم على محاصرة انفجار الوضع ومحاولة تخفيف العزل السياسي”.
وقال خطري ّإنّ “السّيناريو الثالث يتمثّل تدخل الوساطة الأممية الدولية بوضع خارطة جديدة تستند على مخرجات القرار الأخير وتطويق الاضطراب بين الأطراف”، مورداً أنّ “مقومات ترجح ميزان الثقل وتتمثل في الدعم الكامل من قبل العديد من القوى الدولية والإقليمية في ملف السيادة”.
أمّا بالنّسبة للمغرب، يصرّح خطري بأنّه “سيواصل التزامه بمقررات الأمم المتحدة والشرعية الدولية وجاهزية واستعداد القوات المسلحة المغربية، عبر الانخراط الإيجابي النشط؛ بدءاً بفتح الممر ومحاولة تصفير المشكلات بوضع حد للوضع المتغير بالمنطقة العازلة الذي بدأ بـ”التغلغل الناعم”.