يوسف لخضر
قال المركز الوطني لأبحاث التطور البشري في إسبانيا إنه تمكن من الحصول على خرائط تفصيلية لحوض الهضاب العليا المتواجد في الجهة الشرقية لرصد تطورها، وفهم التطور البشري في شمال أفريقيا خلال العصر الرباعي.
ويُعتبر العصر الرباعي أحدث فترة زمنية جيولوجية، تمتد منذ 2.6 مليون سنة إلى يومنا هذا، وقد عرف هذا العصر تغيرات مناخية كبيرة تركت آثارها على الموارد الغذائية وأدت إلى انقراض العديد من الفصائل.
كما يُعد هذا العصر جزءا من الحقبة المعاصرة، وينقسم إلى فترتين جيولوجيتين هما: العهد البلايستوسيني الذي استمر في الفترة ما بين ما يقرب 2 مليون سنة إلى حوالي 12,000 سنة مضت، والعهد الهولوسيني الذي بدأ منذ حوالي 12,000 سنة خلت.
وبحسب مقالة علمية نُشرت في “Journal of Maps” الأسبوع الجاري، فإن استخدام طائرات “الدرون” مكن من الحصول على صور جوية وطبوغرافية عالية الدقة لتجميع أول خريطة تفصيلية لحوض الهضاب العليا، وهي منطقة تُوجد شرق المغرب وتعتبر مفتاحاً لفهم التطور البشري في شمال أفريقيا خلال العصر الرباعي.
وقال ألفونسو بينيتو كالفو، المؤلف الرئيسي لهذا العمل: “استخدمنا طائرات بدون طيار من مختبرنا الخاص برسم الخرائط الرقمية والتحليل ثلاثي الأبعاد لتحليل كيفية تطور المناظر الطبيعية في هذا الحوض داخل سلسلة الأطلس بهدف التمييز بين التكوينات الجيولوجية المختلفة”.
وبحسب المقالة العلمية، “تُوجَد في المنطقة المدروسة مواد جيولوجية وفيرة في سهول كبيرة تتميز بقنوات نهرية تؤدي في النهاية إلى تكوين بحيرات ضحلة وأراض رطبة، ومنذ تلك اللحظة بدأ حفر الوديان العميقة تاركةً مدرجات وأنهارا تشكلت في ظروف قاحلة خلال تغيرات مناخية متكررة”.
ووفق كالفو، وهو أيضاً رئيس البحوث الجيومورفولوجية وعمليات التكوين في المركز، فقد تم الحفاظ على بقايا أثرية عديدة من تسلسل زمني مختلف في هذا السجل الجيولوجي، وهو ما يشير إلى الإمكانيات الكبيرة للمنطقة لدراسة التاريخ الأثري لشمال إفريقيا من العصر البلايستوسيني إلى اليوم.
وقد جرى تنفيذ هذا العمل ضمن مشروع إسباني مغربي، وبإدارة من المعهد الكتالوني لعلم الحفريات البشرية والتطور الاجتماعي في تاراغونا، وجامعة محمد الأول بمدينة وجدة، وبدعم من السلطات المحلية والإقليمية بإقليم جرادة، ومؤسسة “بالارك” الإسبانية، ووزارة الثقافة والرياضة الإسبانية.
ويُوجد ضمن الفريق العلمي الذي اشتغل على هذا العمل بمنطقة حوض الهضاب العليا في الشرق، إضافة إلى الإسباني بينيتو كالفو، كل من حميد حدومي وحسن أوراغ من جامعة وجدة، وعائشة أوجاع من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وشاسون ماريا جيما، وسالا راموس.