بحث :جمال بوطيبي
تمهيد: لاكتشاف متواضع قد قمت به متتبع المصادر التاريخية القديمة ومقارنة الرسوم إلى جانب الموروث الاعتقادي في بعض الطقوس والممارسات والتقاليد التي تصور اليد يتضمن تميمة العين المقدسة التي ترسم على قلادات خصيصة كحرز للعين الشريرة، كما تبين الصورة التي صادفتها بمدينة الرباط، ويضمها طبل للفرقة الفنية، “گناوة” وتضمها أيضًا بعض القلادات التي غالبا ماتوضع فوق إزار صدر جداتنا، وتسمى (الخامسة) وبقول : “خمسة على عينيك” إعتقاد تصوري بأن قوة اليد وعينه القوى الخفية تقي من كل الشرور، ولهذا الاعتقاد جذور سحيقة في أذغاى التاريخ، بدأ من عين(حورس) الفرعونية،الى اليد المقدسة الإغريقية، وكلها تصب في تماتم تصوروا قوة اليد وعين القوى تحمي من العين والحسد، بالإضافة إلى بعض التماتم الأخرى ك (حذوات) أقدام الخيل التي غالبا ما نراها معلقة فوق عتبات المساكن سواء كانت في البوادي أو في المدن، أو حتى على واجهات السيارات،
أولا: ««مفهوم التراث العام»»
عندما نسمع بكلمة التراث بمفهومه العام الشامل والذي يضم اللاهوتي والعقدي والأسطوري والخرافي والروايات الشفهية التي هم علم لساني متواتر وجزء من القومية الشخصية للشعوب عامة، ونحتاج إلى توضيحات وتساؤلات وإجابات واضحة ودقيقة يمكن ان توضح الإجابات عن التسائلات المطروحة.
تعريف التراث وماهو الشفهي منه
وعلاقته بالفولكلورالشعبي والعرف والعادات والأساطير القديمة؟..(
ولابد ان نتناول التعريف بمفهوم التراث العام والذي يعني كما يقول ««سيدني هارتلاند»»هو الدائرة الكاملة، من الفكر والممارسة والعرف والمعتقدات والطقوس والحكايات الشعبية والموسيقى والأغاني والرقصات وسائر التسليات الأخرى والفلسفة والخرافات والأساطير والسنن التي تنقل مشافهة من جيل الى جيل عبر عصور غير مذكورة وباختصار هو ذالك الكل من مجموع الظواهر السيكولوجية للإنسان غير المتحضر،وهذا مايشير اليه «روبرت لوي» عندما يقول :«« إن كل الناس تفعل أو تسلك وتفكر طبقا لما يكتسبونه من سلوك وأفكار من المجتمع أو الجماعة التي يعيشون فيها»»
Wemberly,Lowre.Charles.Folklore In The English and Scottish Balland .Dove Publication.Inc.New York 1965.p.3.
Lovie ,Robert.,Art We Civilized? George Routlendge & Sons.Ltd. London. Printed in U.S.A. 1929.P.4
ويعتبر التراث العام هو تلك الرواسب التي ٱنتقلت من جيل إلى آخر وظلت باقية في المجتمع وتلك الرواسب سواء كانت عقائديا أو طقسية أو عرفية التي يضمها هذا التراث الشعبي سواء من العرف أو الفولكلور أو ويتسع مفهومه بحيث يصبح من الصعب فصله أو تمييزه عن الانتروبولوجيا العامة ويستخدم كثير من العلماء الفولكلور والانتروبولوجيا مفهوم التراث الشفهي او الشعبي له ارتباط وثيق بالعادات والمعتقدات القديمة بين الناس وتستبينه معرفة الجماهير في العرف والمعتقد والرواية والفن والأغاني والمعتقدات التقليدية .
موضوعنا الأساسي في البحث ”المعبود”حورس” العين المقدسة.
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻷﻣﺎﺯﺑﻎ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺗﺪﻳﻨﺎ، ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺷﻌﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﺃﺳﻴﺎ،وﺍﻟﻤﺎﻳﺎ، والهنود ﺍﻟﺤﻤﺮ .وﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺍﻹﻏﺮﻳﻖ
وقد ورد ذكر بعض الآلهة الليبية في الآثار المصرية مثل الإله أشت ASH الذي ظهر إسمه في نقوش الأسرة الخامسة. ويدل الأسلوب الذي ذ ُكر فيه هذا الإله في نصوص الملك سحورع، وأنه كانت له مكانة كبيرة في ليبيا، ولكن لا يعُرف عن طبيعة هذا الإله ووظيفته شيء محدد حتى الآن
اضافة:
و”أوش”كان إسما لمعبود ما؟! ،أو. لإسم “الله” عند معمري منطقة الشمال الشرقي الأقصى للمغرب، المعروف بريف (گلعية) وظل التساؤل عن هذا الإسم مالمقصود به وب كلمة ”أوشت” وكنت أتسائل دائماً عن معناها ومغزاها ولاسيما كأنه إسم للنجدة والشعور بالتعب أو الشدة،يستنجد بقول: ««”أوشت”او”اوشتي” او”اربي اوشتي” »»ولكن أدركت بعد بحث في تنوع الديانات القديمة التي إعتنقها المغاربة القدماء، وماجادت عنه مصادر موثوقة عن الإكتشافات الاثرية، على أن هذا الإسم ”أوشت” كان معبودا خفيا عند ”الليبيين” الأمازيغ وحافظت على إسمه انتروبولجيا المغاربة متوارثا .
مثله مثل المعبود ”عمون أو آمون رع” اذ انطلقنا من حاضرنا نلاحظ أن الإنسان الأمازيغي خاصة الريفي القروي بشكل خاص اللذي يرى في تربية الغنم تبجيل الكبش وتقديس قرونه، في بعض المناطقل يحتفظ عليها في البيوت إعتقادا أنه سيبعدون القوى أو الأرواح الشريرة وتقيه من شر العين وهذا يبدوا انه من رواسب العقيدة الامازيغية القديمة الناتجة عن تقديس وعبادة هذا الحيوان الذي أصبح أضحية يقدم قربانا في الدين الاسلامي،كماتنص عن عبادته معظم النقوش الصخرية التي هي من أقدم الوثائق التي تشير الى زمن عبادة الكبش الإفريقي آمون رع المغربي عمون رع” وقد تطرقت في عدد سالف من بحوثي عن التماثيل المكتشفة باغيل أمدغار التي رجحت هويتهم نظريا وتطابقيا مع تلك الثقافة الاعتقادية أو إحدى العبادات المغربية القديمة، ومن اندر الثقافات المغاربية في حوض المتوسط.
ثانيا:»»أﻭﺯﻭﺭﻳﺲ ، ﺍﻟﻪ ﺃﻣﺎﺯﻳﻐﻲ ﻛﺒﻴﺮ ، ﺯﻭﺝ ﺍﺯﻳﺲ ﻭ ﺃﺑﻮ ”ﺣﻮﺭﺱ” ﻭ ﺃﺧﻮ ﺳﺖ. ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺔ ﺗﺎﺳﻮﻉ ﺍﻭﻥ، ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻭ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺃﺧﻮﻩ ﺳﺖ. ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻓﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻮﻣﻴﺎ ، ﻭ ﻗﻠﺪﻭﻩ ﺻﻮﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ. ﺃﺧﺪ ﺃﻛﺒﺮ ﺷﻬﺮﻩ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﻟﻬﻪ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻪ. ﺍﺳﻄﻮﺭﺗﻪ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻧﻪ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺳﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ، ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﺬﻱ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻪ ، ﻭ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ. ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻭﺯﻭﺭﻳﺲ ﻭ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺑﻔﻴﻀﺎﻧﻪ ، ﺣﻴﺚ ﺍﻧﻪ ﻳﺨﺼﺐ ﺍﻷﺭﺽ. ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻛﺘﻴﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﺪﻟﺘﺎ ﻟﻜﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻰ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺑﻴﺪﻭﺱ.
كان يعتقد ﺍﻥ ﺗﺮﺑﺔ ﺍﻭﺯﻳﺮﻳﺲ أباتون، ﻭ ﻣﻌﻨﻰ الكلمة ” ﺣﺮﻡ ” ، موجودة على جزيرة ﺑﻴﺠﻴﺲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺠﻨﺪﻝ ﺍﻻﻭﻝ ﺟﻨﺐ ﺃﺳﻮﺍﻥ المدينة اﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ.
ﻓﻬﻮ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ” ﺣﻮﺭﺏ” ﻣﻦ طﺮﻑ” اخناتون” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻹﻟﻪ ”ﺃﺗﻮﻥ” ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺃﺯﺍﻳﺮﻳﺲ ﻫﻮ ﺃﻻﻩ ” ﺍﻟﻤﺎﺷﻮﺵ ” ﺃﻱ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻮﻥ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ . ﻓﻜﻠﻤﺔ ﺃﺯﺍﻳﺮﺱ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺁﺯﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻣﺎﺯﻏﻴﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺴﻪ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ.
تنويه واضافة
يعتبر اسم ”ازير” AZIR هو الاسم الامازيغي الذي يطلق على النهار المشرق او اليوم المشمس هو نفس الاسم الذي اطلقه الماشوش على اقدم المعبودات الليبية المصرية ”ازيريس” ويسمى اليوم ايضا ب ”اس” ASS ¨¨
ﺃﻣﺎ ﺍﻹﻟﻪ ﺑﻮﺳﻴﺪﻭﻥ ﺣﺴﺐ ﻫﻴﺮﻭﺩﻳﺖ ﻭ ﻫﻮﻣﻴﺮﻭﺱ ﺍﺑﻦ ﻛﺮﻭﻧﻮﺱ ﻭﻏﺎﻳﺎ، ﻭﺷﻘﻴﻖ ﺯﻳﻮﺱ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻵﻟﻬﺔ، ﻭﻫﻴﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺍﻵﻟﻬﺔ، ﻭﺩﻳﻤﻴﺘﺮﺍ ﺭﺑﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺨﺼﺐ، ﻭﻫﺎﺩﻳﺲ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ. ﻫﻮ ﺭﺏ ﺍﻟﺰﻻﺯﻝ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺑﺎﻧﻲ ﻃﺮﻭﺍﺩﺓ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺃﺑﻮﻟﻮ، ﻭﻣُﻮﺟﺪ ﺍﻟﺤﺼﺎﻥ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ، ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﻨﺢ ﺑﻴﺠﺎﺳﻮﺱ.
ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ ﻓﺄﻥ ﺑﻮﺻﻴﺪﻭﻥ ﻫﻮ ﺃﺏ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻲ ﺃﻧﺘﺎﻳﻮﺱ ﺃﻭ ﻋﻨﺘﻲ (ﺁﻧﺘﻲ ” ﻭ” ﺁﻧﺘﺎﻳﻮﺱ ” ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﺍﺳﻤﻪ ﻋﻨﺘﻲ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺻﻒ ﺣﻮﺭﺱ ” ﺣﻮﺭﻭﺱ ﻋﻨﺘﻲ “.
ذا إنتقلنا إلى دراسة ديانة سكان ليبيا ومعتقداتهم، التي كان يتوارثونها – ونأخذ قورينى مثلا على ذلك – لوجدنا أنه من الطبيعي بالنسبة لهم، وفي مثل هذه البيئة، التي عاشوا فيها فلاحين ورعاة وصيادين، أن يكونوا قد عبدوا مظاهر الطبيعة من سحب وعواصف ونجوم وآبار وأشجار، وذكر هيرودت إن الليبيين كانوا يقدمون القرابين للشمس والقمر. ووصف طريقة هذا التقديم، وكل هذه المظاهر كانت عندهم منازل للأرواح. ومن المحتمل أن النبع الموجود في قورينى، الذي أصبح يعرف بنبع “أبوللو” في العصر اليوناني، كان محل تقديس من السكان المحليين قبل قدوم الإغريق إليها..
وأما الربة المعروفة في المراجع العلمية حتى الآن باسم نيت Neith، (والأصح تنيت)، فقد ورد ذكرها منذ عصر ما قبل الأسرات على فخار نقادة، واستمر ذكرها شائعاًعلى الآثار وفي البرديات طوال العصر الفرعوني. وكانت تعبُد في غرب الدلتا، ولم يكن لها طبيعة محددة واضحة. فهي أم للطبيعة وتتصف بالخصب، وقد عثر على الرمز الدال عليها أو شعارها في شكل وشم على أجسام الأسرى الليبيين في نقوش موقع صا الحجر في غرب الدلتا. وفي القسم الغربي من ليبيا أخذ الفينيقيون عن الليبيين عبادة هذه الربة وجعلوها نظيرة للرب بعل حمون وقرينة له.
ويشير هيرودت إلى أن الليبيين كانوا يعبدون إله البحر بوزايدون Poseidon وأن المصريين أخذوه عن الليبيين. ونحن لا نستطيع أن نقرر ما إذا كان هذا الإله ليبي الأصل أم أنه قدم إلى ليبيا مع شعوب البحر، التي تحالفت مع الليبيين في غزو مصر. وهناك أسطورة مصرية تتحدث عن الإله حورس وكيف أرضعته البقرة المقدسة سحت حور، وكيف أصبحت هذه الربة راعية الماشية وحاميتها. وقد استمرت عبادتها طيلة العصر الفرعوني من حدود مصر غرباً حتى قورينى إما باسم حاتحور أم حورس وأما باسم ايزيس. ولا ننسى أيضاً عبادة الثور جيزيل، التي استمرت حتى عصور متأخرة في ليبيا. وهذا ما يفسر لنا إشارة هيرودت، إن نساء قورينى لا يأكلن لحم البقر ويعتبرن أكله إثماً كبيراً.
وقد عبد الليبيون الإله آمون Ammon، الذي كان معبده في واحة سيوة، وانتشرت عبادته داخل ليبيا، إذ كان له معبد في واحة أوجلة. وكانت توجد على ساحل سرت محلة يقال لها آمونكلا وأخرى آمونيس هالوس Ammonos Halous ورابعة بالقرب من طبرق يطلق عليها آمونوس، ويوجد حالياً جنوب بنغازي موقع يسمى تل آمون، ويشير بيتس في هذا الصدد أنه كان يوجد في واحة سيوة، قبل أن تنضم إلى مصر، إله ليبي قرنه المصريون بمعبودهم آمون. وعزز بيتس رأيه باسم زيوس الطيبي، وفي رأي بيتس أن الإله زيوس آمون اكتسب شهرة واسعة في العالم القديم باعتباره مصدر روحي. وكان الكبش رمزه وحيوانه المقدس، وهو في هذا يشبه الإله آمون المصري، وبالرغم من رفض شامو Chamaux التسليم بهذا الرأي، إلا أننا مع رأي بيتس في التفريق بين الإله الليبي والإله المصري، لأن واحة سيوه ظلت ليبية حتى احتلها المصريون في منتصف القرن السادس ق.م. وعندما احتلوها وجدوا سكانها الليبيين يعبدون إلهاً مشهوراً فأسماه المصريون بإسم رئيس الآلهة المصرية آمون طيبة. هذا بالإضافة إلى أن هيرودت كان واضحاً في التمييز بين الإلهين. فهو دائماً يسمى الإله الليبي باسم زيوس آمون، والإله المصري باسم زيوس الطيبي. ويؤكد هذا الفرق الذي أوضحه هيرودت، أن قمبيزا أرسل حملة ضد زيوس آمون الليبي، وابتاعه في سيوة، بينما لم يتعرض للإله آمون المصري في طيبة. وهذا التمييز في المعاملة له مغزاه في الدلالة، على أن زيوس آمون الليبي في سيوة كان غير زيوس المصري في آمون المصري. هذا بالإضافة إلى أن آمون الليبي كان يختلف في الوظيفة عن آمون المصري. فقد كان الأول إله نبؤات في المقام الأول، في حين كان الآخر إله زراعة وحصاد قبل أن يجعل رئيساً للآلهة المصرية باسم آمون رع حامي الحمى ومانح البركات. ولم تبلغ شهرته في الوحي شهرة آمون الليبي، وتعتبر الرحلة التي قام الإسكندر المكدوني إلى واحة سيوة لزيارة معبد الإله آمون خير دليل على رأينا هذا. ويدعم هذا الإتجاه بالرأي قول ديودورس الصقلي أن آمون كان ملكاً ليبيا أسطورياً. ثم أن كثرة الأماكن التي يطلق عليها إسمه في قورينى ظاهرة تدعم وجهة نظرنا هذه. ويقول بيتس أن التشابه في العبادة وخاصة في عبادة الثور والكبش يؤخذ دليلاً قوياً على أن العلاقات بين الطرفين لم تكن كلها عدائية، وإنما كانت سلمية كذلك.
وفي الختام نشير إلى بعض العادات الليبية المتعلقة بالديانة الليبية القديمة: فمثلاً فيما يتعلق بالقسم يقول هيرودوت، إن الليبيين كانوا يضعون أيديهم على قبور أولئك الذين عرف عنهم العدل والخلق الرفيع، فيقسمون بأضرحتهم. أما عن استطلاع الغيب فإنهم يذهبون إلى مقابر أسلافهم، وبعد أداء الصلوات ينامون، وأي حلم يتراءى لهم في النوم، يعتبر بمثابة وحي أنزل عليهم يجب عليهم تنفيذه. وكانوا يعطون المواثيق والعهود بأن يشرب الواحد منهم من يد الآخر. ويرى بيتس أن بعض علامات الوشم هي في الواقع رموز دينية منها مثلا الوشم، الذي على شكل صليب يرمز إلى إله الشمس. وإن بعض العلامات الأخرى ترمز إلى الربة تنِِِِيت… إلخ.
ويشير بيتس إلى أن أوجه الشبه بين الديانتين المصرية والليبية، وخاصة منها فيما يتعلق بعبادة الثور والكبش، توضح أن العلاقة بين الطرفين كانت قوية ولم تكن عدائية دائماً.
مظاهر الحياة المادية، ”اللباس والتزيين”
إذا انتقلنا إلى مظاهر الحياة المادية، نجد أن كل قبيلة قد تميزت بطريقة لبسها أزياءها. فمثلاً كان التحنو يلبسون شرائط من الجلد وقراب العورة، أما عند التمحو فملابسهم كانت أرقى بقليل. وتتكون من عباءة فضفاضة مزخرفة من الجلد ثبت في ذيلها شريط مخطط. وإلى جانب ذلك احتفظ التمحو بقراب العورة. كما كان الليبو يلبسون تحت العباءة بدلاً من قراب العورة قميصاً يعلو الركبة وأن ملابسهم تكاد تشبه ملابس المشوش. غير أن المشوش كانوا يلبسون قراب العورة، الذي يقتصر لبسه على البالغين من الرجال والنساء دون تمييز في المركز الاجتماعي.
وبالاضافة إلى ذلك فإن الليبيين كانوا يابسون أيضاً الحلق والأساور. ويظهر ذلك في نقوش سحورع ونقوش مدينة هابو بعض الليبيين والليبيات يتحلون بالعقود والأساور. وأما الخلاخيل فقد رودت في نقوش تحتمس الرابع حيث يظهر أحد أفراد قبيلة الليبو وفي أعلى قدمه اليمنى خلخال.وقد ذكر هيرودت أن نساء ليبيات كن يلبسن خلاخيل جلدية وأن أخرييات كن يحملن خلخالا من البرونز في كل ساق.
وقد كان الليبيون يعتنون بتصفيف شعورهم وترتيبها على نحو مايظهر على الآثار المصرية ويهتمون باللحية التي تنتهي بطرف مدبب منسق ونشاهد في بعض الصور أن الرجل كان يطلق شاربيه، ولكنها لم تكن عادة شائعة عند كل الليبيين؛ واستعمل الليبيون أيضاً الوشم في أشكال مختلفة،بعضها يتعلق بالتصور الديني وبعضها الآخر للزينة فقط. ويرجح، أن الرؤساء الليبيين هم فقط كانوا يستعملون الوشم إلى جانب رجال الأسرة المالكة دون نسائها.
مساكن وأثاث الليبيين المغارات والكهوف البدائية”
اذا انتقلنا إلى المظاهر المادية في المجتمع الليبي القديم في تلك الفترة، نجد ان الليبيون استعملوا المعادن، لانهم صاروا في مرحلة حضارية متقدمة نسبيا ً. فقد ذكرت نقوش الكرنك في قائمة الغنائم،التي استولى عليها مرنبتاح من الأمير الليبي مري ابن دد، بين ماذكرت كؤوس شراب من الفضة وسيوف نحاسية وسكاكين وأواني برونزية. وكان من جملة الغنائم، التي استولى عليها رمسيس الثالث من الليبيين 115 سيفاًطول الواحد من هذه السيوف خمسة إذرع و24سيفا طول الواحد منها ثلاثة أذرع وأكثر من تسعين عربة حربية. وتؤكد هذه المعلومات صور الأواني الليبية في النقوش المصرية وماذكره الكتاب الكلاسيكيون عن السيوف الليبية. ولما كان الساحل الليبي خالياً من المعادن، فمن المرجح إذن أنهم قد استوردها، خاصة بعد اتصالهم بشعوب البحر. ومما يكشف أيضاً عن مظاهر الحضارة المادية ماجاء في نصوص مرنبتاح، أن الأمير الليبي قد فر تاركاً وراءه أثاث زوجته وعرشه. وهذا يعني أنه كان يوجد في مسكن الليبو أثاث، ولكنهم كانوا يعرفون الكراسي، لأن رئيسهم اتخذ لنفسه عرشاً. وقد عثر في مدينة غدامس على صورة، ربما كانت معاصرة لأواخر عصر الدولة الحديثة في مصر. وتمثل الصورة امرأة جالسة على كرسي وقد وضعت قدميها على مسند للأقدام.
ولنا أن نتصور أن مساكنهم كانت لا تخلو من الأواني الفخارية أو المعدنية وقرب الماء وأنه كان لديهم أدوات تستخدم في كافة أغراض الحياة اليومية من أكياس وأوعية وسلال وغيرها.وتدل إحدى الصور على آثار بني حسن، أن الليبيين كانوا يعرفون السلال،إذ ظهرت النساء الليبيات في تلك الصورة وهن يحملن أطفالهن على ظهورهن.
ويلاحظ أنه لم يعثر على أبنية الليبيين في العصور،التي نتحدث عنها. ولعل ذلك راجع إلى استعمالهم نوعاً من الحجارة، لم يستطع مقاومة عوامل الزمن الكهوف والاستقرار بها.
وقد سكن الليبيون الكهوف الطبيعية. ونذكر في هذا الخصوص أن بعضهم بقى يسكن الكهوف الطبيعية في مناطق الجبل الأخضر مثلا إلى عهد قريب. ويشير هيرودوت إلى ”الناسامونيس” كانوا يعيشون في مساكن مصنوعة من أنواع سيقان النبات يلتف حوله نوع من البوص، ويمكن نقل المسكن من مكان إلى آخر..
وأما الخيام الجلدية،فقد استمر استعمالها منذ العصر الفرعوني وحتى فترة متأخرة. وبالاضافة إلى الخيام كان الليبيون يسكنون أكواخاً متنقلة عرفها الرومان باسم Mapalia حيث كانت منتشرة بصورة عامة وفي كل الشمال الافريقي.
وقد أقام الليبيون الآبار وخزانات المياه. وقد ذكر هيرودوت أن قبيلة البسولوي كانت تحتفظ بالماء في الخزانات.
زليتنية
الهوامش
Wemberly,Lowre.Charles.Folklore In The English and Scottish Balland .Dove Publication.Inc.New York 1965.p.3.
Lovie ,Robert.,Art We Civilized? George Routlendge & Sons.Ltd. London. Printed in U.S.A. 1929.P.4
بحث جمال بوطيبي
معبودات سكان المغرب القديم وايكونوغرافية الرُسوم الصخري و الرِوايات المتوارثة تماثيل اغيل امدغار وروايات قدمائه نموذجا.
بتاريخ الجمعة 03 فبراير 2017 – 19:07:40
http://achamal.ma/news.php?extend.676
المجتمع الليبي في ضوء النصوص المصرية
د.رجب عبد الحميد الأثرم
-M-Tarradell,lixus ,instituto,Muley el hassan,Tetuan(1959)p,30. Mitchell.j .Dehood _ في كتابهBotter’s Dehood-Gaskel-le Antiche Divinita Semitch.Rome (1958)p.82-83.
احمد المكناسي مدينة ليكسوس الأثرية دار كريمان تطوان سنة 1961′-ص-9.