الشيلوجيا وانتروبولوجيا المغاربة القدماء،(شارح ملح) ظاهرة عبادة النار؛)(آفا)(Affa) ،والديانة المجوسية ماجوسMagos،رواسب تذكر الحاضر،بالماضي البعيد،ممارسات الريف نموذج……
بحث جمال بوطيبي
تمهيد:
لقد مكن مجيء الأديان السماوية بعض الميول الروحية التي كانت ممارسات سحرية هي مخلفات وثنية مر بها المغربي القديم ،ولو ان عقيدة التوحيد ترسخ به بأشد قوة تناغمت مع المعتقدات الموروثة التي تلخصها وتشخصها بعض الممارسات السحرية والروحية التي تعبد بها الأسلاف، واختلفت المعبودات الوثنية في أرض المغرب، وتنوعت تنوعاً شديداً، فعُبدت الشمس والقمر والكواكب والسماء والنار والجن والقوى الخفية،والارواح، والبحر والجبال والكهوف والغابات والأحراش والوديان والأنهار والأحجار والأصنام، البركة ،ولقدر سرد لنا المؤرخ الفرنسي ”غابرييل كامب، في كتابه ”البربر تاريخ وهوية” حول هذه الممارسات السحرية والروحية التي قال إنها امتدادات طقسية عرفت في علم عبادة القوى الخفية، التي تعود إلى ماقبيل التاريخ، وعرفت هذه الأماكن بوفرة الآنية الخزفية كان الغرض منها إيقاد النار لهذه المراقد والمزارات في مفاتل وانية مخصصة للبخور، ممارسات سحرية وروحانية كان الغرض من توقيرها وتقديسها تقديس الأرواح الأسلاف والقوى الخفية وهي عبادة الجن ونالت بعناية دائمة من قبل المحيطين بها حرصوا دائما على إيقاد النار لها وتنظيم زائريها وان لم يكن للنار والنور دور في هذه العبادة التي لايجرء الناس لإعطائها اسما منفردا دالا عنها بقدر أنها دالة عن الاستحسان والتوقير.
ظاهرة عبادة النار؛)(آفا)(Affa) ،والديانة المجوسية ماجوسMagos
ومن معتقدات اﻵمازبغ العريقة في الزمن الغابر توحي بان الامازيغ شعب عريق في اذغال الماضي حينما انتشرت الوثنية والمجوسية في بلادهم كما قال ابن خلدون تدينوا بالمجوسية واليهودية والمسيحية والاسلام وقد قدس الامازيغ الشمس والقمر والتماثيل والنجوم والخوارق الخفية؛ ولازالت حتى اليوم هذه المعتقدات الموروثة طبعا انها ليست طقسية بل عادة معتادة وحتى لو البسوا رداء الاسلام تمارس بعض الطقوس المرتبطة بالزراعة والاستسقاء وترتكز عليها جمع غلات الزرع يحتفل بسابع يوليوز وهو موسم ( صمايم) باشعال نار ذات لهب ويقفزون بالمرور فوقها وهذا الطقس له عراقة في تاريخ دين المجوسية ببلاد المغرب الكبير،اشارة الى كلمة يونانية (ماجوسMagos)الى ان افراد سبط ميدي تولوا المهام الكهنوتية في امبراطورية مادي وفارس؛ وحينها عين الملك “نبوخذنصر”دانيال اليهودي الكنعاني رئيسا للمجوس ويشير المؤرخ (يوسيفروس)الى يهودي اسمه سمعان دعي مجوسيا وكان مشيرا لفيلكس واليهودية المعروف (Maalouf;2004)واذا اخذنا الكلمة بمعنى “من يملك معرفة فائقة” فانه كان بين الامازيغ القدماء كثير من المجوس عدوا من الحكماء والكبار ؛وقد ظلت ظاهرة عبادة النار؛)(آفا)(Affa) وتعرف نبتة عشبة كالزرع تنبت على ارضية الملاعب gasonيسما امازيغيا حاليا “انجم”ربما تكون له صلة بعالم التنجيم وديانة عبادة النجوم ولازال “شارح ملح” ؛عند اﻵمازيغ مترسخة بالمغرب الكبير مادة طويلة العهد ومعلوم ان بعض الجبال لاتزال تقام على قممها طقوس التعبد بالنار؛ولازالت الذاكرة الشفهية وشاهدنا تلك الممارسات الشيلوجيا التي تعتبر من علم لاهوت، وكان يقصد بذلك تراجع الخمول والتفائل بموسم زراعي جيد،
وعند القفز وتخطي اللهب تكرر هذه النظم التي مفادها ذهب الكسل ليرمى في البحر( رعكز اينو ايو ذي ربحار) اي : خمولي وكسلي يرمى في البحر،بالاضافة الى ممارسات استشفائية كوضع الكحل الطبيعي وتنقيط عصير ثمار العنب الغير الناضجة،معتقدين ان هذا الموسم مقدس ويجمع الاعتقاد والاستشفاء. ج.بوطيبي
وهذا، ويقول ليون الأفريقي في كتابه (وصف أفريقيا) بأن الأمازيغ الأفارقة، في الزمن القديم، كانوا” وثنيين على غرار الفرس الذين يعبدون النار والشمس، ويتخذون لعبادتهما معابد جميلة مزخرفة توقد داخلها نار تحرس ليل نهار حتى لاتنطفىء، كما كان يفعل ذلك في معبد الإلهة (فيستا) عند الرومان.ذلك مالا تفتأ تواريخ الأفارقة والفرس تتحدث عنه.ومن المعلوم أن أفارقة نوميديا وليبيا كانوا يعبدون الكواكب، ويقربون إليها القرابين، وأن بعض الأفارقة السود كانوا يعبدون (كيغمو)، ومعناه في لغتهم رب السماء. وقد أحسوا بهذا الشعور الحسن دون أن يهديهم إليه أي نبي أو عالم..
ونحن عهدنا ونعهد هذا الطقس الموروث خاصة في ارياف الريف وقلعية يعرف “شارح ملح” يقام في سابع يوليو من كل عام فتعصر كل حبة عنب غير ناضجة تعرف (اسموم) في عيون الاطفال والكبال وتكحل العيون بعدها بالكحل ولاشك انها راجعة لتلك العادات الكهنوتية العريقة. جمال بوطيبي.
وكانت هذه الطقوس القديمة ابان التعبد بها تطرد الارواح الشريرة وتحل بالبركة؛
كما عبد عبد الامازيغ الالاه “آنزار” وتقام لها طقوس خاصة معروفة “آغنجا” اي المغرفة المقدسة وقد عهد قدمائنا هذه الطقوس وتقام حتى اليوم في الارياف لطلب المطر ( ثليغاشتوبيها /\سيذي ربي اتاوى تحمل مغرفة ملفوفة بمنديل ازرق كلون السماء كانها عروسة ومنها اشتقت عروس المطر حسب الاسطورة الامازيغية ان المعبود “انزار”يطل على واد جاف عشق فتاة تسمى الارض “ثامورث” فتفر منه حتى يوم من الايام ارادا ان يلتقيا فتعاشقا فحل المطر وضربت عروسها في السماء.
من المظاهر العقدية والطقسية والسحرية للموريين بموريتانيا الطنجية بفترات الرون الاولى،ونخص تقديس النار والنور ومصدرهما ماذكره ابن خلدون وأشار إليه في “ضبط المتن ووضع الحواشي …،ج 6،م س ،ص،127-128.
وأشار إلى عبادة البربر للشمس والقمر،وأن صنهاجة بلاد السوس كانتا من القبائل التي قدست هذين الجرمين،وبقوله كان منهم مجوس يعبدون الشمس والقمر والاصنام وجمعه في نصه بين المجوس المعروفين بتقديسهم للنار وبين عبادة الشمس التي هي مصدر للنار والنور،وأضاف أنهم كانوا خلال غزوات عقبة بن نافع للمغرب الأقصى الريف، على دين المجوسية ابن خلدون نفسه،في ،العبر ،ج 6،م س ،ص 127-128.
وماتجدر الإشارة إليه قديما ما قاله “هيرودوت” (حيث كانوا يسمون الشمس ،”بالنار المقدسة” وقد تكون رواسب الأمر وراء زعم ابن خلدون.
-Diodore ,III ,57.
عبادة النار
مثال على العبادات الوثنية التي كانت قائمة حينذاك، وبرغم قلة المصادر، ورد وصف دقيق لعبادة النار عند بعض القبائل في كتاب “الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب” لابن أبي زرع. يشير الكاتب إلى أن موضع مدينة فاس الحالية، كان يحتضن معبداً لأتباع الديانة المجوسية قبل قدوم إدريس الأول، وتقول رواية ابن أبي زرع: “وقيل كان يسكن مدينة فاس قبيلتان من زناتة: زواغة وبني يزغتن، وكانوا أهل أهواء مختلفة، منهم على الإسلام، ومنهم على النصرانية، ومنهم على اليهودية، ومنهم على المجوسية، وكان بنو يزغتن يسكنون بخيامهم بحومة عدوة الأندلس الآن، وكان بيت نارهم في موضع يعرف بالشيبوبة”، والمقصود ببيت النار، المعبد الذي كان يجتمع فيه الناس لعبادة النار.
وقد عبدوا أيضا ديانة المجوس، كما قال ابن خلدون في كتابه (ديوان المبتدإ والخبر):” وكان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق والمغرب إلا في بعض الأحايين يدينون بدين من غلب عليهم من الأمم.فإن الأمم أهل الدول العظيمة كانوا يتغلبون عليهم، فقد غزتهم ملوك اليمن … مرارا على ما ذكر مؤرخوهم، فاستكانوا لغلبهم، ودانوا بدينهم.”
ابن خلدون: ديوان المبتدإ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، الجزء السادس، دار الفكر، بيروت، لبنان، طبعة 2000م، ص:139.
(_هرودوت_Hérodote)
قال بأن ” جميع الليبيين يقدمون القرابين للشمس والقمر، وأنه للشمس والقمر وحدهما يقدمون القرابين.
هذا،وقد عبد الأمازيغيون العناصر الطبيعية ، مثل: السماء، والشمس، والقمر، والنار، والبحر، والجبال، والكهوف، والغابات، والأحراش، والوديان، والأنهار، والأحجار، والأصنام، وكل الآثار المقدسة، كما كانوا يأكلون الخنازير، ويشربون دماء الحيوانات المقدسة، متأثرين في ذلك بالديانات المصرية القديمة
المصادر:
*”ابن خلدون”،ضبط المتن ووضع الحواشي …،ج 6،م س ،ص،127-128.
* ابن خلدون نفسه،في ،العبر ،ج 6،م س ،ص 127-
*ليون الأفريقي: وصف أفريقيا، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص67.
Diodore ,III ,57.ديودور*
*أغنجا (كتاب اﻵمازيغ قصة شعب ع.اللطيف هسوف صص.60-61-71.)
*ابن خلدون: ديوان المبتدإ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، الجزء السادس، دار الفكر، بيروت، لبنان، طبعة 2000م، ص:139