علال زوهري
إنهم علماء السلطان، من يصدرون فتوى تحت الطلب.. إنهم علماء الاستبداد الذين يستعملون الدين ويستدلون بالشرع لإباحة الظلم وشرعنة الفساد، وباستعمال أساليب التدليس يصورون الحاكم كإله أو كظل لله في الأرض كما يزعمون، مراهنين في ذلك على جهل الناس وعدم بحثهم عن الحقيقة.
فالسلطان عند هؤلاء كالملهم المبعوث من الله، ولاه أرضه وجعله على عباده يتصرف فيهم تصرف المالك في ما يملك، والشعب في منطقهم من ضمن ملك الحاكم الذي لا يجوز الخروج عليه ولا يليق مطالبته بأي حق أو انتقاده بأي كلمة ما دام هو المتصرف في كل شيء والعارف بكل شيء.
والحديث هنا ليس عن القرون الأولى من تاريخ الإسلام، ولا عن حقبة ما قبل عصر الأنوار في أوروبا، بل القضية هته مطروحة بشدة في قروننا المعاصرة وقرننا الحالي بالخصوص؛ عصر التقدم والبحث والتطور العلمي والتكنولوجي.
القصة لا تحتاج إلى تأكيد، فهي واضحة أكثر من الوضوح نفسه والأمثلة في هذا الصدد لا تعد ولا تحصى، فهذا الأزهر مثلا أحد أكبر معاقل المسلمين وصروحه أباح دماء المعارضين لنظام السيسي واعتبرهم من الخوارج، وهاهم علماء الوهابية في السعودية يحذون نفس الحذو حيث استمعنا إلى إمام الحرم وهو يدعو الله لترامب ويعتبره منقذا للبشرية، وشاهدنا عائض القرني يصبأ عن مواقفه السابقة ويدعو لاتباع الدين الذي ينادي به ولي عهد بلاده بن سلمان، وقبل ذلك أجاز علماء الوهابية قيادة المرأة للسيارة تزامناً مع قرار من السلطة العليا يسمح بهذا الأمر بعد أن كان ممنوعا من قبل، كما أجازوا المهرجانات والملاهي كل ذلك نزولا عند رغبة السلطان وليس تصحيحا لرأي فقهي خاطئ، فالمعيار القاطع أولا وأخيرا في الصحة والخطأ عندهم هو إرادة الحاكم وليس إرادة الشرع.
إنه فقه الفتاوى السلطانية، تلكم الفتاوى المشبوهة التي غالباً ما تأتي تحت الطلب لتزيد من الشبهات حول أصحابها وتدخل الشكوك في القلوب الضعاف والعقول القاصرة التي لطالما كانت تنهل الدين بتبعية عمياء من عند علماء البترودولار، فأضحى بعضهم الآن مصدوما تتخبطه أمواج الحيرة والشك حول شيوخ كان يعتبرهم يوما مرجعا وقدوة حسنة، بل ربما زاد الوضع سوءا وصارت تعتري بعضهم شكوك حول الدين نفسه.
هكذا تتم صناعة المستبدين ويتم توطيد أركان الظالمين، فيتحول السلطان إلى إله لا يعصى له أمر ولا يسأل عما يفعل باعتباره معصوما من الخطأ في مرتبة النبيين والصديقين، وبهذا يصدق علماء التاريخ والأديان في قولهم: “إن الاستبداد السياسي هو وليد الاستبداد الديني وهو أحد أسباب فصل الدين عن السياسية في أوربا إبان ثورتها الخالدة في قرونها الماضية المنيرة”.
يقول الكواكبي في كتابه الشهير طبائع الاستبداد: “إنه ما من مستبد سياسي إلى الآن إلا ويتخذ له صفة قداسة يتشارك فيها مع الله أو تعطيه مقاما ذا علاقة مع الله ولا أقل من أن يتخذ بطانة من خدمة الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله”.
إنها تجارة جديدة قديمة؛ تجارة الدين التي هي نشاط اعتاد المسلمون عليه في قرونهم الخالية.. إنها صناعة الفرعون المستبد باستخدام الدين العادل، فمتى ستنتهي موجة الفتاوى المشبوهة؟ فقد سئم الناس من بعض علمائهم وسقطت القدوة في نفوس الناس.
هناك ظلم في الفقرة الاخيرة الجملة الثانية نجارة دين اعتادى عليها المسلمون ظلم كبير للمسلمين عامة وتبخيس لهم ولتاريخهم العادل في فترة من فترات التاريخ
مقال واقعي و ذو شجون ولكن يحتاج إلى مزيد من التعمق في خبايا التاريخ و طبائع البشر ناهيك عن قصص القرآن و حكمه و ادراك الغايات من الخلق و البعث و الحساب