في أوَّلِ ردٍّ فعل لهم على حكم الاستئناف الذي أيّدَ قرارَ المحكمة الابتدائية، أعْلَنَ معتقلو “حراك الحسيمة”، بمن فيهم من باتوا يعرفون بـ “الزفزافي ومن معه”، الدّخول في إضراب مفتوح عن الطعام، رافضين منطوق القضاء الذي أدانهم بأحكام وصفت بـ “الثقيلة”، وضدَّ “ما يتعرَّض له بعضُ المعتقلين داخل سجن عكاشة من سوء معاملة”، وفق تعبير مصدر مقرّب من المعتقلين.
ووفقاً لما أسرّتْ به مصادر هسبريس فقد قرر عدد من المعتقلين القابعين في “سجن عكاشة” بمدينة الدار البيضاء، في خطوة جماعية، التصعيد برفْض تناول الطعام إسوةً بما أقدم عليه متزعمو احتجاجات الحسيمة، ناصر الزفزافي (20 سنة سجنا)، والمعتقل محمد حاكي (15 سنة سجنا)، اللّذان قاما بـ”خياطة فميهما بالإبرة والخيط، معلنيْن خوضهما لإضراب عن الطعام احتجاجا على الأحكام الباطلة الصادرة في حقهما وضد العسكرة التي شهدتها منطقة الريف”.
ونقلتْ عائلة المعتقل نبيل أحمجيق (20 سنة سجنا) أنّ “دينامو حراك الرّيف” دخلَ بدورهِ في إضراب مفتوح عن الطعام، بشعار اللاعودة حتى الشهادة. وقال محمد أحمجيق، شقيق المعتقل، إنّ “قرار الإضراب عن الطعام جاء ضد الإنزال الاستفزازي لحراس السجن الذي عرفه محيط جناح المعتقلين اليوم، حيث عمدت الإدارة السجنية إلى هذه الخطوة المفاجئة التي تروم بث الخوف والرعب في نفوسهم، إذ لم يسبق لها أن قامت بذلك”.
وأوردَ أحمجيق أنّ دينامو حراك الريف لنْ يتراجع عن قراره بإضراب اللاعودة عن الطعام، مؤكداً أنه “يفضل أن يستشهد وهو يافع حر شامخ على أن يخرج وهو شيخ يعيش باستعمال الحفاظات”.
وأعلن المعتقل كريم أمغار (10 سنوات سجنا)، أحد أبرز قياديي الحراك في امزورن، بدوره، أنه “مضرب عن الطعام ومستاء من حكم لم يتحر عن الحقيقة حينما قضى في حقه بعشر سنوات عن مكالمة هاتفية لم يكن طرفا فيها”، مضيفا: “لم يعد هناك جو أو إمكانية للتجاوب، هناك حالة من الحزن تخيم على الزنازين” وفق ما نقلته هيئة الدّفاع.
وفي هذا السياق، قال إلياس الموساوي، فاعل حقوقي من الحسيمة، إن “الرأي العام كان ينتظر الانفراج، خاصة بعد تخفيف الأحكام في حق مجموعة من معتقلي أحداث جرادة، لكن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء سبحت عكس التيار عندما قامت بتأييد الأحكام الابتدائية، الأمر الذي جعل الجميع يطرح سؤال: لماذا هذا التعامل الانتقامي مع أبناء الريف؟”.
وأضاف الموساوي في تصريح لهسبريس: “هذا التأييد شكل صدمة لدى الرأي العام ولدى المعتقلين أنفسهم، خاصة بعد التطمينات العديدة التي قدمت من قبلُ من طرف مسؤولين حكوميين إبان صدور الأحكام الابتدائية”، معتبراً هذه “الصدمة ولدت نوعا من الإحساس بالظلم الشديد والحكرة اللامتناهية لدى المعتقلين وعائلاتهم وكل الغيورين على أوضاع حقوق الإنسان ببلادنا”.
وزادَ الحقوقي ذاته قائلا: “المعتقلون من خلال هذه الخطوات أرادوا إرسال مجموعة من الرسائل إلى الذوات الحية في بلادنا، ولعل أبرز هذه الرسائل تصب في منحى انعدام استقلالية السلطة القضائية، خاصة بعدما تجاهلت المحكمة كل الأقوال التي أدلوا بها في جميع مراحل التقاضي، لاسيما في المرحلة الابتدائية التي عرفت مرافعة المحامين والمعتقلين”.
وأشار إلى أن “هذه الخطوات تأتي أيضا في خضم عسكرة رهيبة تعرفها مدينة الحسيمة، الشيء الذي يمنع أي أشكال تضامنية حتى وإن تعلق الأمر بأمهات وزوجات المعتقلين”.