علال زوهري
لا شك بأن المتتبعين لمستجدات الشأن المحلي بمدينة زايو صاروا مؤخرا يستشعرون نوعا من النبض السياسي المتسارع الوتيرة، فمن جهة مؤسساتية “رسمية” بدأت عمليات تجديد المكاتب المحلية لمختلف الأحزاب، كما تتناثر هنا وهناك أخبار عن التحاق شخصيات سياسية بذاك الحزب أو بآخر ناهيك عن النقاشات الحادة والصراعات السياسوية حول مجموعة من المشاريع التي حلت بالمنطقة عموما، ومن جهة أخرى مدنية “غير رسمية” بدأت مكونات المجتمع المدني بالمدينة تعير اهتماما أكبر بما يجري في أوساط المشهد السياسي وغيره من المجالات التي تهم الصالح العام، وهذا الأمر يتجلى بشكل واضح في مضامين الحوارات والنقاشات التي صارت تقرأ بمختلف المنابر الإعلامية وتسمع بمختلف الأماكن الخصوصية والعمومية والتي تتمحور أغلبها حول القضايا التي تشغل الرأي العام الوطني وتلك التي تتعلق بالحراك المحلي سواء السياسي أو الجمعوي أو الحقوقي.. والأجدر بالذكر هو أن هذه الجلسات الحوارية تجمع حول طاولاتها نخبا من شتى المكونات والإطارات بعيدا عن منطق العداء والخصومة حيث صار معظم الأشخاص المنتمين لهيئات معينة، أو حتى غير المنتمين، قادرين على أن يدلوا بقناعاتهم وآراءهم بكل أريحية كما صاروا أكثر قابلية لتقبل الآراء المخالفة والانتقادات التي قد تكون لاذعة أحيانا، مما قد يبدو للوهلة الأولى بداية مبشرة لانتهاء العقلية الرجعية والتفكير السلبي والخطاب العدمي الذي يساهم بشكل مباشر في التخلي عن المشاركة الفعالة في بناء المجتمع وإنقاذه من براثن الجمود والرتابة.
لقد آن لكل الفعاليات والنخب بهذه المدينة أن تقوم بانتفاضة صريحة يكون سقفها المصلحة العامة وقاعدتها الحوار البناء وعواميدها المبادرة والاشتغال وجدرانها الاحترام وعدم التبخيس ومئذنتها التوعية، إنتفاضة تندلع شرارتها الأولى بتجاذب أطراف الحديث وتبادل الآراء والأفكار وتقبل الاختلاف والنقد.. ولعل أكثر الأشخاص القادرين على تحمل عبء هذه الخصائص هم معشر المثقفين والمناضلين الحقوقيين والسياسيين والفاعلين الجمعويين الذين تزخر بهم مدينتنا “الغنية الفقيرة” من ذوي المعرفة والخبرة والسريرة النقية وممن يحملون في تفكيرهم وضمائرهم هم النهوض بأوضاع هذه الرقعة من خريطة البلاد ورؤية سكانها ينعمون بشيء من مقومات العيش الكريم.
في ظل كل ما سبق، لا مناص من تجديد الدعوة إلى شباب المدينة والمناطق المجاورة إلى التخلي عن السلبية المفرطة المؤدية للانزواء والاكتفاء بالمشاهدة، وإلى الاستباق لحمل سلاح المشاركة الفاعلة من داخل الإطارات العديدة والمتنوعة من حيث طبيعتها وأهدافها والتي لازالت لم تغتني بعد بالعقول النيرة والفئات المنتجة والفعالة داخل المجتمع رغم ما تضم في صفوفها من شباب تمتلئ نفوسهم المتحمسة بإرادة قوية من أجل التغيير والعمل الجاد، في حين ينقصهم كثيرا دعم أقرانهم الذين يتشاركون معهم نفس المشاكل والهموم ونفس الإرادة الجامحة في الانتفاض.
كما تجب، بالضرورة، دعوة الهيئات والإطارات نفسها إلى فتح أبوابها للنخب الجديدة وخاصة الشبابية منها كي تعطي نموذجا واضحا يمكن من خلاله إرجاع الثقة للمواطن الذي يبدو أنه قد سئم من السيناريوهات المتكررة والوجوه الثابتة في الصورة، ثم إلى إعطاء الفرص لهؤلاء النخب من أجل التعبير عن نفسها وتنفيذ أفكارها عن طريق فتح المقرات والتواصل المستمر بالإضافة إلى السعي الجاد إلى توفير الإمكانات التي تلزم لبلورة برامج العمل على أرض الورق بدل أن تظل كعادتها مجرد حبر على ورق.
ونعم ألرءي