الناير (نورموز–حيان-الحاكوز) موسم يجمع بين التاريخ والميثولوجيا
#اسفاذجث_سنايار احتفال براس السنة الامازيغية الفلاحية بايت سيذال الجبل نموذجا
جمال بوطيبي
مقدمة
احتراما لكل الاديولوجيات والاثنيات المشكلة للعرقيات واللغات التي تعتبر آيات من آيات الله، وتنوعها يدل على أن الله خالق الألسن ولن يحتاج لأي منها ماعدا تسخير بعضها للإنذار والوعيد، اقتداء بقوله ”وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم” وتجليا بتنوع اللغات بقوله ” إن في اختلاف ألسنتكم وألوانكم لآيات ” فكل شعب له لغته وأعرافه ومواسمه وتقويمه الزمني فمنهم من اتخذه لأحداث دينية ومنهم من اتخذها لحدث موسمي ومنهم من يذكره بحدث تاريخي، ولا تجد أي تقويم يجمع الأحداث شتى ماعدا التقويم الامازيغي فيرتكز على ماهو أسطوري وعقدي وتفاءلي، وأيضا يحمل صبغة تاريخية، فاليوم هنا نحتفل بيوم المنازل الموسمية والفلاحية ويتضمنها الجانب الأسطوري والتفاؤلي فيحتفل الامازيغ في هذا الشهر (يناير) من كل سنة اعتبارا بأنه شهر مبارك يتفاءل فيه الفلاحون من اجل حلول عام وافر مليء بالخيرات لتخرج الأرض من غلاتها ونعمها، ويرتكز أيضا جانب تاريخي غابر أي في هذا الشهر انصر القائد الليبي (شيشنق امزوار) على الفراعنة فاعتلى المملكة الفرعونية الثانية والعشرين ويحظى بنوع من التقديس والتكريس والتعظيم ولا يخلوا من تجنب الكوارث والحذر؛ ويسمى هذا الموسم بالريف ب(الحگوز) وبقلعية (أعاميو-و-نورموز) علما بأن اسم ”اعاميو” اﻷخير يطلق على وفرة تقديم اﻷكلات الجافة في أطباق مملوءة، أو تضخيم العام إلى العام الكبير؛ويربط هذا الشهر عند عامة المؤرخين واﻷركلوجيين بحدث تاريخي سياسي لقائد ليبي أما زيغي أنتصر وبلغ عرش المملكة الفرعونية الواحدة والعشرون؛ (شيشنق أمزوار) وكان إنتصاره مؤرخا بين 950 سنة قبل المسيح؛ ويقول الكتاب المقدس إن شيشنق أهدى إليه النبي سليمان بنته وزوجها له؛ وكما تحدث عنه لوح (حارسون) أن زوجتيه (كارع)و(ماع) وأشار إليهما بأنهن محبة لﻹﻵه آمون؛ ع.اللطيف هسوف،88-89.
وارتباطا بهذه الأحداث يحتفل الامازيغ بأول العام يصلون الأرحام يطعمون الطعام يتفاءل الكبار والصغار بهذا الحدث الانتروبولوجي التاريخي ولاشك إن هذا الاحتفال سنة حسنة تصل الواصل والقاطع ولأتلمس العقيدة في أي شيء يعتبر حراما اقتداء بالرسول وأحاديثه ”الواصلون يصلهم الرحمان” والحديث القدسي يقول الله تعالى ”الرحم مشتق من اسمي فمن وصله وصلته ومن قطعه قطعته”
الناير (نورموز–حيان-الحاكوز) بين تقديس المواسم في الميثولوجيا والتقويم
يحمل أيضا شهر (ناير) (نورموز) صبغة مشكلة من رواسب تقديس المنازل الموسمية وعبادة الأهلة فإن اسم “ينى يور ” yeneyer” هو معناه (قال الهلال) بزغ هلا الشهر؛ فان التقويم يجمع بين رواسب أسطورية ظلت مقدسة مر بها اﻹنسان القديم؛ ويحمل شهر يناير جوانب ميثولوجية واثنيه وانتصارية؛ وقد أشار اليه ”جوليوس سيزار” كبداية تعديل لنوازل شهور العام عند الرومان وقد أخذوه من سكان شمال إفريقيا باعتباره بداية خصب الأرض وانتهاء الحرث وتفاؤل بالسماء والمطر خصوصا وايضا تعتبر هذه المنزلة من أشد منازل الموسم وكانت بعض القبائل لاتخرج فيها للرعي ويتجنبون لعناتها؛ تباعا للأسطورة (العجوز الملعونة) والعام اﻷمازيغي فيه ثلاث منازل هي رواسب اثنية وعقدية وهو السابع من مارس؛( أسبعي) وموسم (رعنصاث) السايع من يوليو التي يحتفل بالقفز عن اللعب؛ وكحل العيون بحبات عنب غير ناضجة؛ وتعقيم أشجار التين باعتبارها ممارسات سحرية ونوازل فلاحية هي مضمون موروثي نلمس فيه المعتقدات القديمة؛ وسردت أغاني لقدمائنا عن ”الهلال والغولة” لينام الطفل على ظهر أمه بقولها: (أيور أيور آيور؛-مانيدجى ﻵﻵ ثامزى) ياهلالي ياهلالي ؛ اين ﻵﻵ الغولة)
وبخصوص الغناء في هذه المنزلة “ناير” قول قدمائنا (#مارى_ثاوى_ذينايار_أكس_زگنتون_أگ_ذيثموث)
(MaRa_Tawa_Di_Neyar_Axas_Ze_Gentun_AGH_Di_Tmort).
بمعنى : إذا اشبعت اﻷرض الماء في ناير؛ فخذ من خميرة العجينة؛ وأزعها في اﻷرض.
وقالوا ايضا: (#مارى_ثاوى_ذينايار__حارث_ازيد-يالحايار)
بمعنى؛:”إذا ارتوت اﻷرض في ناير فاحرث وزد يامن احتار؛علما أن أﻷعراس في قلعية قد الهجرات الى أروبا ؛كانت تقام في (ناير) بدل موسم الصيف؛ وسمي ب(نمروز) حسب ماأدلاه لي مدير صفحة “تاريخ گلعية” اﻷخ قبل الصديق؛ محمد عمر الورياشي.
********ميثولوجيا الناير.***********
وعرف عن قدماء قلعية في شهر يناير بروايات قصصية تحذيرية وتر غيبية للأطفال بحثهم على اﻷكل وإشباع البطن في هذا اليوم حسب اﻷسطورة المتوارثة أن عجوز شمطاء تأتي ليلا لتتفقد من لم يشبع في هذا اليوم اﻷول من ناير؛ ونفسها اﻷسطورة نجدها عند أمازيغ التوارگ والقبائل؛ أنها استهانت بالشهر ولم تشكره فاستخفت به وهي جالسة تغزل الصوف في عقر واد جاف ترعى معزاتها؛ كما تتواتر القصة عن قدماء ايت سيدال؛ قالت:
(طر خاك أناير-أوسغ ذايك إمويان- تموذغ ذايك إشوبى)، فغضب الناير من قولها ذهب الى(فورار) ليقرضه يوما من أيامه ليعاقبها بالمطر؛ فأقرضه يومين؛تغير الحال من أعلى الوادي أخذت السيول طريقها اليه فجرفها ومعزاتها وغزل الصوف في يدها؛ وعن أحد قدماء المنطقة قال عنه: (مارى ثاوى ذينايار- شاز اوحارث يالحايار) وانه شهر كان ﻵيطلب فيه مطر ويأخذونه بعين الحذر! ( وني إتتان أنزى ذينايار إتتار أرغاقث) أي: من يطلب المطر في هذا الشهر يطلب الغرق.
إن هذه المنزلة الموسمية التي تسمى ”الليالي ”كانت من أصعب المواسم تتغير فيها معالم السماء من غضبها وبروز شمسها وتجمد مياه روافد اﻷرض؛وشدة عواصف الجو وبرقها وتقلب أحول الطقس المفاجئة؛ كمثله من شهر مارس،(أسبعي) قيل إن احد الشهور كان إسمه (حيان) ولانعلم هل هو النايار ام أسبعي؛ قيل ان في هذه المنزلة طهي العجل عن عصى وهو دبوز خشبي يدك الحلفاء؛ ( أشين أيندوز غاوزذوز) أي من عدم توفر الحطب بسبب بلله وذبح العجل من قلة مايأكله، وطهي على هذا العصى الذي هو اكبر من الدبوز؛ ولكن رغم هذا وذاك يبقى الناير شهرا وموسما مكرسا ومقدسا وأسطوري؛ لايقدس الشهر بل هو تفاؤل والتفاؤل محمود بقول الرسول الاعظم ”تفاءلوا بالخير تجدوه”’ وكان يقول ”أحب الفال واكره التطير.