علال زهري
إستفزني كثيرا مقطع فيديو تم تداوله مؤخرا لأحد “المثقفين العرب” السعوديين يخاطب فيه من أسماهم بشتات العرب أو “عرب البربر” متوشحا منشارا يبدو أنه يحيلنا من خلاله إلى مجزرة قتل الصحفي خاشقجي من طرف نمروذ هذا العصر.. طبعا لن أسترسل في كلام كلاسيكي ومعلوم للجميع يدريه القاصي والداني من أننا جميعا بنو آدم وأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى وأن أكرمنا عند الله أتقانا… أنا فقط أريد التذكير بأمر معين وقبله أردت تذكير ذالك الشخص ذا العرق العربي النقي بأن من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه إلى أن يدعه وإن كان أخاه من أمه وأبيه مصداقا لقول النبي العربي الذي يفتخر سيادة المثقف بالانتماء لبلده ولدينه.
لقد نسي أشباه المثقفين ممن تتحكم العصبية والسياسة في تفكيرهم وتصوروا أنفسهم يوما ضمن قاطرة العقول المثقفة العارفة بعد أن قرؤوا كتابين أو ثلاثة عن تاريخ الأمم والحضارات وكتابا آخر عن أمجاد عرب الجزيرة وفضائلهم على باقي الشعوب، (نسوا) بأن من بين هؤلاء العرب الأقحاح من كذب الرسل وعاداهم أيما عداء، في حين أن الأمازيغ الذين لا يعجبونهم (عرب البربر كما تم نعتهم) بايعوا آل بيت رسول الله منذ أول يوم وصلوا فيه إلى أقصى المغرب فارين من ظلم وقهر “إخوانهم من عرب الجزيرة”، لقد نسي هؤلاء المتعصبون بأن من العرب الأقحاح أبو جهل وصفوان بن أمية وعبد الله بن سلول والحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الملك بن مروان وأبو العباس السفاح وغيرهم من البشر الذين ثبتت جرائهم العظيمة في التاريخ، في حين أن الأمازيغ رفضوا الانصياع لحكم أمثال هؤلاء الجبابرة العرب فاستقلوا بإمراتهم في عهد الحكم الأموي ليؤسسوا أول إمارة مستقلة بالريف المغربي (إمارة نكور) لتكون تلك بداية لم تنتهي لاستقلال تام لدولة المغرب الأقصى.
وإذا كان شعارات “العروبة” و”وحدة الوطن العربي” التي لطالما رددناها إيمانا منا بأن القوة تكمن (بالطبيعة) في الوحدة والتكتل بدل الفرقة ومناصبة العداء.. قد جعلت هؤلاء يتوهمون بأننا نتزلف إليهم ونطلب رضاهم ونتسول حسناتهم التي لا يراها أحد أصلا، فإن المساكين لا يعلمون بأن القضية تكمن فقط في أننا قد بحثنا كثيرا جدا ولم نجد شيئا قد يجمعنا معهم سوى هذا اللسان العربي، فلا ثقافتهم تشبه ثقافتنا ولا تاريخ حضارتهم يضاهي تاريخ حضارتنا ولا فكرهم يساير فكرنا ولا أخلاقهم تقارع شيمنا وأخلاقنا…
بعد أن ذكرت بهذه الحقائق الصارخة، أجد من الواجب علي أن أعترف بأن تسميتنا ب”عرب البربر” قد ذكرتني بحقيقة أكثر أهمية، وهي أننا عرب اللسان فقط ولسنا عرب عرق ودم، وبأننا رضينا بهذا اللسان رضانا بالدين الذي نزل بلغته، هذا الدين الذي حاربه نفر منكم قديما ولايزال آخرون يحاربونه إلى اليوم.