إشتهرت بلدة كبدانة بألأسواق على مر العصور وألأزمنة بعضها باق وما زالت تقام وتؤدي وضيفتها وبعضها إنقرضت ولم يعد لها وجود وذلك لأسباب إجتماعية و إقتصادية، ساهمت عدة عوامل في محو أثارها، منها سنوات الجفاف المتتالية والحروب إضافة الى الهجرة نحو الحواضر والمدن حينما ظهرت هذه ألأخيرة كتجمعات سكنية مدينية في العصور الحديثة وكانت هذه المنشأت التجارية تعد مركزا إقتصاديا وإجتماعيا مهما تقام فيه المبادلات التجارية، وكملتقى يلتقي فيه ألأهالي و غيرهم لغرض التسوق وفض النزاعات والخصومات التي كانت تحدث بين أفراد القبائل علاوة على التطلع و التعرف على مستجدات ألأحداث وكذا أحوال الناس التي كانت تداول داخل هذه المرافق وتتناقلها ألألسن وهذه ألأسواق كانت تقام تقريبا في كل إتحاديات كبدانة وعلى مدار ألأسبوع، تعرض فيها كل المنتوجات المحلية والمستوردة خاصة منها الفلاحية و الحيوانية، غير أن ألأسواق التي ظهرت على طول مجال كبدانة لم تتزامن مع بعضها البعض في حقبة زمنية معينة، بل لكل واحدة منها تاريخ نشأة يختلف عن نظيراتها ويمكن تصنيفها الى صنفين منها أسواق قديمة و أسواق حديثة ومن بين أقدم ألأسواق التي عرفتها منطقة كبدانة هو سوق زايو- سيدي عثمان الذي إرتبطت قصة تأسيسه مع التواجد الوطاسي بالمنطقة. ففي سنة 1472م حكم بنو وطاس المغرب ألأقصى وبدأ ظهورهم مع المرينيين حيث إقتسموا السلطة معهم فكان نصيبهم منطقة الريف ومن هنا بدأ توسعهم حتى أطاحوا بدولة بني مرين، ولكون الوطاسيين هم من سلالة أمازيغية ينحدرون من منطقة الزاب بالجزائر فأول موطن إستقروا فيه لما إقتحموا أراضي المغرب كانت المناطق الشرقية ومنها منطقة كبدانة حيث تشير كل الدلائل ألأثرية الظاهرة للعيان و الروايات الى أن هذه المجموعة إستوطنت بالمنطقة وإستقرت فيها بشكل دائم خاصة في ألأماكن التي كانت تتوفر على جريان مياه دائمة كلعزيب (سيدي عبد الله) و زايو – سيدي عثمان فالأول بنوا فيه قصبة تعرف اليوم بتقصبت إوطاسين بتيفروين كما كانوا يدفنون موتاهم هناك ومازالت مقبرتهم موجودة تابعة لتراب فرقة الزخانين إلى يومنا هذا أما في إتجاه الغرب حيث يوجد عين زايو – سيدي عثمان فقد إختار الوطاسيون هذا المكان ليكون مكان خاص للتسوق و التجارة إذ عمدوا إلى بناء سبع دكاكين كانت تعرف عند عامة ساكنة المنطقة ب تحونا إوطاسين إضافة الى مزاولة حرفة تمزيلت – ألحدادة – وهي صناعة سروج الدواب و سكك المحارث وكان اليهود الوطاسيون و اليزناسنيون أكثر الحرفين شهرة بمزاولة هذه المهنة خاصة وأنهم كانوا بارعين في إستخراج الحديد من أحجار سفح جبل تيزي ن إسمغ (جبل سيدي عثمان حاليا).
ورغم عرضنا لمعطيات تهم هذه المحطة التاريخية عن أقدم سوق بكبدانة وكذا ثبوت تزامنه مع مرحلة الوطاسيين إلا أننا لا نعرف إن كان سوق زايو- بسيدي عثمان قد إستمر في تأدية وضيفته أم أنه إندثر مع إنسحاب و رحيل هؤلاء عن المنطقة، علما أن الوطاسيين إنهزموا وسقطت سلطتهم على يد السعديين سنة 1495م ولا نخفي أن بعض الرويات تشير إلى إستمرارية هذا السوق في الحركة لأعوام ثم إندثر مع مرور الزمن فيما بعد، و تذهب أغلب الرويات الى أن هذا ألأخير عرف رواجا لا بأس به إذ كان يحتوي على منشأت داخل السوق منها بعض الدكاكين وهي مسقفة بالخشب ولم يكن للسوق مدخل كما كانت تعرض فيه المنتوجات الفلاحية و الحيوانية فضلا عن بعص المنتوجات الذات الصنع التقليدي إضافة الى السكر و الشاي، كما في عهده ظهر ما بات يعرف ” بالمرس” و هو عبارة عن مكان يحتوي على مجموعة من المطمورات لتخزين الحبوب يتم إستخراجها لأعراض معيشية أو لأجل البيع وكان قريب للسوق ويقوم(أمراس) عساس بحراستها تدفع له أجرته من قبل المالكين سواء كانت نقدا أو عينا كما تشير بعض الروايات كذلك الى أن سنوات القحط و الجفاف هي العامل الرئيسي في تخلي أهالي المنطقة عن هذا ألأخير ثم البحث عن أسواق بديلة
وعلى هذا الحال و إلى حدود القرن الثامن عشر أي مع بداية سنة 1800م عمد القايد بوصفية إلى تأسيس سوق جامع بفرقة الزخانين فإختار له يوم من أيام ألأسبوع لإنعقاده وهو يوم ألأحد كان موضعه بالمكان المعروف أنذاك بثقليحت أو فرحية
ومع بداية هذه المرحلة و إلى حدود القرن التاسع عشر إستولى ألإسبان على موقع زايو في نطاق إحتلال قبيلة كبدانة إذ بلغت قواتهم في غشت 1909 إلى منبع زايو حيث سرعان ما أسسوا مركزا جديدا إختاروه قلعة للحراسة وعمروها بالفرق النظامية التي أوجد النظام على رأسها ضابطا إسبانيا ومجندين مغاربة وكان ذلك سنة 1911م.. وعلى هذا العهد تزامن سوق فرحية مع تواجد ألإسبان بالمنطقة إلا أن هؤلاء فطنوا لأهمية وحيوية هذا المرفق، لأنهم لم يكونوا يعتبرونه مجرد فضاءًا تجاريا أو مجالا لتبادل السلع فقط، بل كانوا يعتبرون كل ما يحدث بداخله بمثابة مؤشر يعكس لهم مدى إستقرار أو إضطراب الأحوال، لذا أصدرت القوات ألإسبانية مرسوما بموافقة المخزن و مساعدة ألأعيان يقضي بتحويل سوق أحد فرحية الذي كان موضعه بالمكان المعروف قريبا منه على الطريق المؤدية إلى رأس الماء ليعوض بسوق جامع يكون تحت الحراسة والمراقبة، أختير له مكان داخل المعسكر الذي أقامه ألإسبان على مجال موسع بزايو وذلك من أجل تسريع وتيرة النمو ألإقتصادي وفرصة لنقل الرواج التجاري للمركز المحدث الذي كان ما زال في بداياته ألأولى للتكوين.. وهذا الحدث كان سببا في ظهور إنقسامات داخل التركيبة القبلية للمنطقة بين مؤيدين و معارضين لفكرة ألإنتقال ورغم ضغوطات القايد بوصفية على بعض القبائل المعارضة التي كانت ترى أن مشروع تحويل السوق الى المركز هو بمثابة إنسلاخ عن إنتمائه القبلي وبالتالي إعلان ضياع صبغته المحلية وبعد شد و جدب إنتصر الحلف المعارض ليأسسوا بذلك سوق خاص بهم فاختاروا موقع زايو-سيدي عثمان لإنعقاد سوق جامع هناك وبالتالي ستعود إليه الحياة من جديد منذ أن تخلى عنه الوطاسيون في القرن الرابع عشر، إلا أن الحلف لم يلبث كثيرا حتى إستسلم للقوة الضاغطة ما جعله يتقبل فكرة التحويل وألإقتصار على سوق جامع واحد وهو الذي أسسه ألإسبان داخل مركز زايو وكان يوم إنعقاده يوم ألإثنين أما ألأسواق التي صنفناها على أنها حديثة والتي ظهرت مع التواجد ألاسباني أو تزامنت معه فلقد ظهرت فيها مختلف السلع ألإسبانية و الفرنسية كالنفط والشموع السكر و الشاي والبنادق و الخرطوشات… وكذا المنتوجات الفلاحية و الحيوانية فضلا عن العملة الرائجة و السائدة وقت ذاك كالفرنك الفرنسي و البسيطة ألإسبانية والحسني المغربي، ومن بين ألأسواق التي تزامنت مع التواجد ألإسباني بالمنطقة نجد سوق أقديم رأس كبدانة وسوق الجمعة جبارا وسوق لاربع أركمان وسوق الخميس الشراويط ثم سوق ألأحد فرحية ولمعرفة المزيد حول مواقع إنعقاد هذه ألأسواق داخل المجال الترابي للبلدة أنظر خريطة كبدانة رسمت سنة 1909م نبين فيها أهم ألأسواق منذ التواجد ألإسباني بالمنطقة الى ما بعد ألإستقلال.
1 – سوق الخميس البرج 2- سوق أقديم 3- سوق الجمعة جبارا قريب لملوية 4- سوق السبت ياث الداوود الزخانين 5- سوق الجمعة تمزيدا تمقرانت البركانيين6- سوق الثلاثاء بوعنقود 7- سوق ألأحد تيخوباي8 – سوق الخميس الشراويط 9- سوق ألأحد فرحية 10-سوق زايو – سيدي عثمان 11 سوق الجمعة تيمزوجين – 12سوق ألأربعاء أركمان .