زايو سيتي.نت سعيد قدوري
“مصوّع” أو باضع هي إحدى مدن إريتريا وتطل على ساحل البحر الأحمر. بلغ عدد سكان المدينة في 2004 قرابة 36.700 نسمة. خضعت المدينة لاستعمار عدة بلدان منها مصر والدولة العثمانية وإيطاليا وبريطانيا وأخيرا أثيوبيا، حتى العام 1991 حين نالت إريتريا الاستقلال.
كانت مصوّع عاصمة لمستعمرة إرتريا الإيطالية حتى تم تحويل العاصمة إلى أسمرة في العام 1900. تتميز بمزيج سكانها الذين يعود معظمهم إلى أصول عربية يمنية. وفيها توفي الطبيب الألماني الشهير تيودور بلهارس بعد إصابته بمرض التيفوس. مصدر الإشعاع والنور، والتاريخ والعراقة، والبطولات، والنموذج لإعادة البناء والتعمير. ويتحدث سكانها لغات التجري والتغرينيا والعفر والساهو واللغة العربية.
شرف الله مدينة مصوع بأن تكون معبر الصحابة رضوان الله عليهم إلى الحبشة في هجرتين قبل هجرتهم إلى المدينة المنورة، وموقع وصولهم معروف حتى الآن حيث فيه مسجد ومشهد لصلاة العيدين يتوافد إليه كافة المسلمين من ضواحي مصوع في منظر مهيب لأداء صلاة العيد ويعرف الموقع بـ رأس مدر، كما يوجد بجانبه فنار طويل عند دخول الميناء.
باضع في كتب التاريخ واللغة باضع هي الميناء الأول للقطر وأقدم مدنها على الإطلاق والعاصمة الأولى له قديما ومهبط أول بعثة إسلامية إلى البلاد الخارجية التي دخل الدين الإسلامي على يدها لأول مرة، ولها ثلاث أسماء: باضع، وباصع، ومسوّ. الأول: باضع بالضاد المعجمة وبه عرفت في كثير من كتب الحديث واللغة والتاريخ، والثاني: باصع بالصاد المهملة وقد ذكرته كتب اللغة المتقدمة آنفا ومعروف ومستعمل لدى السكان الآن أكثر من سابقه. والثالث: مسوّ بفتح الميم والسين والواو المشددة كما ذكره البستاني اللبناني في دائرة المعارف وكما في النطق الأفرنجي.
أول مسجد بنى في صدر الإسلام في اريتريا بميناء مصوع على البحر الأحمر ويسمى “بمسجد الصحابة” بعد أن اشتد الاذى بالصحابة في مكة المكرمة أمرهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالهجرة إلى الحبشة لان بها ملكا عادلا “النجاشى”، وقتها كانت تسمى بلاد الحبشة كل من الصومال والسودان وأثيوبيا وأرتيريا.
وأول ما وطئت أقدامهم الارض قادمين من البحر توضأوا وصلوا في هذا المكان، وكان على رأس الصحابة جعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهى الهجرة الاولى للمسلمين حيث كانوا مضطهدين، وأقاموا فيه أول آذان جهراً في الإسلام، وفى ذلك الوقت كان اتجاه القبلة ناحية بيت المقدس. وذلك عام 615 م أى بعد خمس سنوات من الرسالة النبوية.
ما تبقى من المسجد المحراب الذى مازال متوجهاً نحو المسجد الأقصى منذ أكثر من 1400 عام، ولم يقم الاريتريون بإعادة بنائه حتى لا يفقد قيمته. فالحجر المستخدم في بناءه حجر بحرى يتحمل أنواع الرطوبة المختلفة، ويظهر ذلك في الصخور البحرية المليئة بالصدف حينما تدقق فيها تجد انها تكونت من صخور صلبة وهذا ما يفسر بقاؤه حتى الآن.
اعتاد الاريتريون الصلاة في المسجد في عيدى الفطر والاضحى وذلك تيمنا بالمكان، وتخليدا لاول زيارة للصحابة وأول هجرة في الإسلام. ويعتبر الاريتريون أنفسهم المسلمين الاوائل نظراً لتواجد الصحابة في بلادهم حتى قبل هجرتهم للمدينة. ويرجع الاريتريون أسباب التسامح والتعايش إلى أنهم أخذوا الإسلام من أصحابه.