بالأمس القريب، طلع علينــا نور الدين عيــوش “بنظريته البلهاء”
تدريــس الدارجة فــي المؤسسات التعليمية . وخلق بذلك هرجا ومرجا ، سرعان
ما ولت كصيحة فـي وادي، لأن الرجل تطفل على حقل ليس ميدانه ، كما هو
الحال في هذا الزمن الأغبر،الذي فتح ذراعيه لكل مــن هب ودب ينشر
فتــواه،ويتدخل فيمـا لا يعنيه، ويضرب عرض الحائط المكون الأساسي الذي
تربى عليه المغاربة، هو أن المغرب بلد محافظ ـ كيفما كانت أوجه الفساد
التي استشرت خلال السنيــن الماضية ـ وبالتــالي، فإن نبيل عيــوش صاحب ”
الفيلم الماسخ” (الزين لي فيك)، قد خرق كل رابط للحياء،وانهال على
الأخلاق يطعنها في العمق، من خلال منتوجه الفــاضح.وبالتالي، يصرح بأنه
ينقل الواقع ويجسده . فإذا قلنــا إن السينما فن ،والتمثيل ركن أساسي فيه
، فمن الأجدر أن تصير كذلك ، إذا كان التمثيل فيها يراعي الضوابط
الأخلاقية من قول أو فعل أو صورة فاضحة . إنما ينبغي الإشارة والتلميح
والإيحاء دون السعي الى تفسير الواضحات بالمفضوحات ، واللبيب من الإشارة
يفهم كما يقال . وكأننا بهذا الفنان المراهق يرينا بهذا العفن كيف نتحرر
من كل رجعية ـ كما يراها ـ لنتقبل منتوجه الماسخ بكل حرية . لا ورب
الكعبة، إنها موجة تسعى إلى نشر الإباحية في الوسط المغربي ، وإثارة
الرذيلة خلال تعميم المشاهدة على الأسر المغربية بعرض فيلمه التافه
والفاضح . بطلاته مغربيات يسلمن أجسادهن رغبة في ممارسة الجنس أمام
معروضات سينمائية باسم الفن .
إن السينما تمثيل ،قطعا بعض معروضاته تحاكي الواقع وتجسده، عبر
محاكاة بأساليب راقية بلغة سليمة معنى ومبنى، وصور لا تسقط في الرذيلة
بتعابير ساقطة مخدشة للحيــاء ، وللحس الأخلاقي .ثم يقول إن هذا الكلام
الساقط مفروض بحكم ضرورة التعامل به وسط هذه الشريحة . أما أن يكون هذا
التمثيل تجسيدا حقيقيا بالصوت والصورة ، فهذا ليس سينما ولا فنا ، إنمــا
هو تجسيد لمراهقة مخجلة ، تود التسلق إلى ” كـــان ” لعرض بضـــاعة
مغربية للأسف ، أمام شاشات السينما العالمية .
فمراكش التي طرحت كنمــوذج لهذا الفيلم الخليع مـــن خلال عرض
فــــاضح أريد له التسويق وربح السبق . يعلم الجميع ويدرك أنها مدينة
متحررة ومتفسخة ،يؤمها الخـــاص
والعام ، والداني والقاصي ،تأتيها الأقوام من كل جنس ،لينالوا حظوظهم من
الجنس، وفيها من المومسات الكاسيات العاريات المائلات المميلات ما لا
تكـاد تخلو منها مدينة مغربية إن بهذا الكم أو ذاك . كل هذا نعلمه علم
اليقين .وهذا الأمر الشنيع يؤلمنا لانفلات عقال الزنــا والفساد بهذه
البلاد . لكن الشناعة الأكبر هي أن نؤلف لهذه الدعــــارة فيلما مقززا
يجعل من المغرب فضاء فاضحـــا ، يؤسس لتصدير هذه الصورة البشعة صوتا
وصورة إلى العالمين . فهذا قمة العفونة والنتــانة التي يفكر بها بعض
المخرجين ومن يسير فــي فلكهم من أبطـــال الخلاعة ، الذين يحسبون على
الفن السابع ،ويعدون من المغاربة . يدينون بديننا ولا يطبقون، يتحدثون
بلغتنا فلا نكاد نفهمهم ،لأنهم يبلورون ” أفكارهم وإبداعاتهم ” من لغة
إبليس الذي يدعو إلى الفسق والفجور ، واتبــاع الشهوات والدعــوة إلى
الغرور . أما تناول موضــوع أو معالجة قضية ، والقول فيهما أن ذلك من
حرية التعبير أو الحرية الفرية أو ما شاكل ،فأقول : إنه من بات تجاوز
الحدود والوقوع في المحظور . فمن ذا الذي منح هذه الحريات ،لينبش في أمور
توقعنا في حدود الله، وتفضحنا مع خلقه ؟لذلك،يتعين على السلطات المعنية
التدخل كلما وجدت عابثا تعدى حدود الله وسعى في خرابها .
فالتدوين للرذيلة، وإظهار الزنا من مغربيات ومغاربة ، كان من المفروض ألا
يقبلن ولا يقبلوا عروضا كتلك الممررة في الفيلم الاباحي ، لأنهن بالأخص
تعنينا مغربيتهن وانتماؤهن إلى هذا
البلد الذي يأبى أن يهان شرف نسائه وعفتهن .كان أجدر بهن احترام هذا
الشـرف الذي بتــن يلطخنه بين أحضان هذا الممثل أو ذاك ، ثم يدعين أن ذلك
فن يحاكي الواقع ، ويميط اللثـــام عن شريحة مهمة من عاهرات هذا الزمن
. فتسويق الدعارة والتفسخ من الزاوية السينمائية فضيحة تعم المغاربة
أجمعين ، وتهم أعراضهم بالدرجة الأولى . لذلك ، فإشاعة الفاحشة من خلال
هذه القنوات الفنية لها ما يردعها قطعا في القانون الجنائي المغربي . إذ
لا يمكن البتة السماح لمثل هذا ” العيوشي “، التطاول على المغاربة بدعوى
نشر الفاحشة وتسويقهــا .
” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ
وَاللَّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ “. صدق الله العظيم .