المجدوبي عبد الخالق
قديما قال المعتمد بن عباد حين أسره ابن تاشفيـــن إلى أغمات :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ** وكــــان عيدك باللذات معمـــورا
وكنت تحسب أن العيـــد مسعـــدة ** فساءك العيد في أغمات مأسورا
وقبله تساءل المتنبي عن حال العيد وما يحمله من جديد حين قال :
عيد بأية حال عدت يا عيد ** بما مضى أم لأمر فيك تجديد
وكان الإثنـــان قد تنسما أحزان العيد وشربا من كأسها ” شرب الهيم ” . ونحن اليوم
ليست أحوالنـا على أحسنها مراما، وأفضلها بهجة وحبورا . فمأساتنا أكثر عمقا وأشد
نكالا، وأوسع بؤسـا ووبالا . لذلك تغير سمت العيد ، وراحت نشوته، وسافرت مسراته
ولذاته إلى عمق الماضي الذي كانت أعياده تسر الناظرين ، وتبهج العالميـــن . وكأننا
غداة كنا صغارا لا نعير للهم وزنـــا ، ونرقص في كل حين ونميد ، حتى راح الغم لنـــا
قرينـــا ، يفت العظم الواهن ويبيد ، فلو أن للزمــن عود ورجعة ، لانجلى بياض الرأس وسر الفؤاد .
للأعيـــاد في الماضي نكهة خاصة لا يشعر بها إلا المفعم بالبهجة ، المنتــاب بالوجفة ،
المغمـور بنسائم الفرحة ،المشرئب إلى عنان السماء.كانت البراءة ومرحلة الشباب
زاهيتين بالنشوة الغامرة، والتلذذ المفعم بالحلاوة، واستنكـــاه أغوار الحبور والسرور .
ومرت الأيام سحـــابا ،على رأي عمر الخيام ، حتى غدونا إلى أبأس مرحلة من سنوات
العمر التي أفلت . مرحلة يئست حتى غدت زقوما وحميما ، يشرب بها الشعب المتآخي
في الدم والقرابة ، والأصل والعروبة .
حين تشاهد هذه التراجيديا العربية ، والمأساة البئيسة التي عد الوطن العربي مسرحا
لها،تعيش تلذذا غير الذي كنت تحياه وأنت في عرصـــات الزمن الجميل .هذا التلذذ انقلب
إلى تراجيديا ومآسي غرست على جدران الفؤاد ،فزادته حزنا ونكالا وألما ووبالا . حينذاك
ذكرنا ابن عباد بقصيدته التي يبرز فيهــا حالة المتلذذ بالمآسي والنكبــات . فالقصيدة
صورة نــاطقة ووصف دقيق لحـالة الإنسان البئيس الذي تنطقه أحاسيسه الصــــادقة
تجاه وضع كان زاهــرا فغدا علقمــا وزفيــرا . فمــا أشد تفطرك يا قلب وأنت تشاهد وترقب
بعين واعية،تمقت الظلم وأشكاله،هذه النفوس المتآكلة ببراميل المتفجرات ، والطائرات
المقاتلات لشعب أعزل تذروه رياح الموت الزؤام ليل نهار، وتحصد قتلاه بالكيماوي ، حينذاك
تحس بالألم الذي غناه عبد الحليم حافظ : أي دمعة حزن ، أي جرحة قلب، أي لحظة حيرة
… هذه التي أذهبت عنا حلاوة العيد وطلاوة أيامه،وأبقتنا حيارى شاردة عقولنا ،مشردة
عواطفنا وأحاسيسنا ، مشتتة جروحنا ومآسينا في شتى الأمصار،وأكثر الأقطار من الوطن
العربي الذي طالما حلمنا أن يكون قاطرة واحدة تطوي المسافات نحو التكامل والوحدة ،
ولملمة الشمل الذي راح شذر مذر بفعل غثـــاء دنيوي زائل لا يرقب إلا في بريء أعـــزل
ولا ذمة . سنــوات مرت وتمر ببؤسهـــا الشديد ، وضراوتها القاسية ،وأحزانها القـــاتلة
التي أصابت السويداء ، فمزقت مثل العيد ونكهاته الوردية ،وتلاشت أحـــاسيس البهجة
وعنفوانها مع هذا الطغيان الهائج ،والطوفـــان المدمر للإنســـان ومقدراته المادية
والمعنوية . فقد غدا الإنســـان العربي رخيصا وبخسا ، حسبوه بضاعة ، فبيع للقتل وكانوا
فيه من المنكلين الذين غرقوا في بحور السلطان وحب التملك. جرائم بالهبل تلعلعت
فظاعتها، ودوت أخبارها ، وناءت بكلكل. فراح القلب يردد هم من قال :
كليني لهم يا أميمة ناصب ** وليل أقاسيه بطيء الكواكب
أو كهم آخـــــر :
لم يطل ليلي ولكن لم أنم ** ونفى عني الكرى طيف ألم
إن لـــي جسدا واهنــــا ** لـو توكـــأت عليه لانــــهدم
وخاتمة القول: إن المآسي يذهبن ليالي الأنس، ويزهقن أرواح المسرات ، ويعمقن القروح
والكلوم، ويكلن القلوب تتفطر حسرات لا يقاومها صبر على من أبيدوا كالجراد المنتشـــر
فوق الأرض وتحت الأنقاض ، ومن شرد وضل به السبيل ، ومن غدا يتضور جوعا وينفث
لوعة وأنينا ، ومن … لذلك، تتيه بين حشايانـا نسمات الفرح والحبور ، وتنســـاب على
الفؤاد لسعات تقتـــات من نكهــات العيد ونشواته.ويبقى للأمل فسحته ،وللعيش ضيقته .
و “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ” .
اعجبتني الجملة الاخيرة ما اضيق العيش لولا فسحة لامل حينما ترك ابراهيم ع س هاجر وابنها الرضيع في واد غير ذي زرع قالت لمن تتركنا فنزلت على خده دمعة قالت الله امرك قال نعم قالت فذهب فلن يضيعنا لم يكن املها في ابراهيم بل في االله ونحن ايضا املنا في الله من كان يخطر على باله ان هذه الشعوب ستنتفض يؤما ما لذلك لاتحزن افرح مع عائلتك واصحابك في يوم جعله الله للمسلمين يوم فرح وصلة رحم وجعل املك في الله كبير وكل عام وانتم بخير واعاده الله على الامة الاسلامية بالصحة والعافية والسلام عليكم
أشكرك أخي “مهتم” على ردك الجميل ، وقبول وفادتك . ثم إنني ذيلت للموضوع بعبارة “ما أضيق العيش… ” لأنه مهما بلغ بالمرء ألم فثمة أمل ، ومهما تضيق تفرج والله بالغ أمره . تحياتي الخالصة أخي .
La souffrance nourrit la souffrance.Et l’espoir permet la survie de l’âme. Il a toujours été ainsi Mais c’est par la douleur que les sculpteurs des mots accèdent au monde de l’utopie. Tel est notre cher ami Mejdoubi pour qui la fête n’est qu’un simple vocable froissée par l’homme lui-même.
Tahiyati
تحية عطرة بعطر الايمان أخي عبد الخالق .
كلمات منظومة نابعة من قلب مرهف يحن للماضي الجميل ويتحسر على واقع الالم الذي تعيشه امة الاسلام .
كلماتك لها معنى رغم أن كثرة الكلام الذي نسمعه يوميا حول مآسي المسلمين أصبح بلا معنى ،أملناكبير في الله سبحانه وتعالى أن يخرج الأمة من حالها الى حال أفضل. ولعل ما تمر به أمة الاسلام اليوم من محن ومآسي يشيب لها الولدان بسبب ما فعل السفهاء منا هو ابتلاء للصادقين في دينهم وإيمانهم يصدق عليه قوله تعالى :الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ. صدق الله العظيم
وفقك الله أخي عبد الخالق الى مزيد من الدرر من كلامك الدال والجميل في زمن اكتسحه الغث والعليل الذي لاينفع ولايشفع …
عيد مبارك سعيد لك ولاسرتك وأحبابك وأعاد الله علينا هذا العيد وأمثاله ونحن أحسن حالا ان شاء الله.
أشكرك أخي بنعيسى على كلماتك الرقيقة والهادفة.وأتمنى أن يديم الله عليك وعلى أسرتك وكافة أحبائك مسرات العيد ومباهجه. مع تحياتي العطرة .وكل عام وانتم بألف خير .