لا يختلف اثنان أن النخب المؤهلة في أي مجتمع تعتبر المحرك الأساسي
والدينامية الفاعلة ولسان حال المواطن في مختلف المجالات و الأصعدة ، وهي
القادرةعلى الذهاب بعيدا في اتجاه تحقيق الرفاهية و الازدهار و سلك الدرب
الصحيح من أجل بلوغ الهدف المنشود وإيجاد الحلول الممكنة لشتى المعيقات.
إن لكل مغربي أن يفتخر بماضي و منجزات الأجداد ،ولكن حذار من التغني
بالماضي ونسيان الحاضر و المستقبل .
صراحة لم تكن النخب السياسية خلال الفترات التي مضت عند مستوى
التطلعات، فلم تحقق الأهداف المرجوة منها ، حيث كثرت المؤسسات الحزبية
فشاخت قياداتها و برامجها فانعدمت الآليات الديمقراطية إبان
هيكلتها،وعرفت الساحة تفريخا ببرامج حبيسة الأوراق .
عل خيارات المرحلة الراهنة تملي على الجميع في زمن قياسي الانخراط الواعي
و المسئول في المشروع المجتمعي. إننا حتما نعيش أزمة بكل المقاييس ، أزمة
قيم، أزمة مبادئ، أزمة وعي ، أزمة حس وطني ….
يطمح الشعب أن يكون له نخب سياسية،حكيمة ،واعية ،و مثقفة، تنكر ذاتها من
اجل مصلحة الغير،وترفض الانغلاق والركود ولا تقع في فخ التكاسل.
إن الهم الأكبر في هذه الفترة بالذات هو صياغة مشروع مجتمعي قادر على
تجاوز سلبيات المرحلة،و لن يتأتى ذلك إلا بالانخراط الايجابي و البناء
للنخب ذات الحس الوطني العالي، إسهاما منها في العمل على استرجاع الثقة
المفقودة مما يتطلب الجهد المضاعف .
يبقى الهدف الأسمى تحقيق التنمية المستدامة، وتضل الثقة ضالة النخب
القادرة على نفخ دم جديد، و الغاية لا تتحقق إلا بتخليق الحياة العامة،
الشيء الذي يدعو إلى ترسيخ قيم النزاهة و الإخلاص و نبذ الفساد بكل
أشكاله و تمظهراته،وأنجع سبيل يكون باعتماد مقاربة التشارك، حيث تتكامل
جهود جميع الأطراف و الشركاء، باعتماد آليات جديدة و فاعلة .
لكي لا نسقط في درب المفارقات، لا بد من التأكيد و الإشارة إلى أنظاهرة
العزوف تبقى بدون مبررات، بل تعد السبب الوحيد في الفراغ الذي تعرفه
الساحة،مما فتح المجال واسعا أمام الفساد الذي استشرى و نخر جسد
التنظيمات الحزبية المدعوة إلى لعب أكبر الأدوار في تأهيل النخب و
تأطيرها
فما سبب هذا العزوف يا ترى ؟ و هل له أسباب معقولة ؟
و إلى متى سيظل الوضع على ما هو عليه ؟