بغض النظر عن الهالة الكبيرة التي تعطيها وسائل الإعلام الدولية للأحداث التي تجري الآن في العالم العربي والثورات التي تشهدها بعض شعوب دوله ضد أنظمتها القمعية والاستبدادية، وذلك راجع للطبيعة الخاصة بالعمل الصحفي، وخاصة في زمن الصورة والسباق المحموم بين القنوات والمنابر الإعلامية سعيا وراء تحقيق السبق الصحفي، فإن تنزيل ما يحدث من ثورات هنا وهناك في العالم العربي على سلم التطور التاريخي والحضاري للأمم يبرز أن ما يحدث لا يعدو أن يكون مرحلة صغيرة من المراحل التاريخية التي يجب علينا قطعها للوصول إلى ذلك اليوم الذي سيصبح فيه العالم الإسلامي والإنسان المسلم والثقافة الإسلامية سادة للعالم، وهذا هو مسعى ومطمح كل مسلم حقيقي غيور عن حال هذه الأمة.
المرحلة التاريخية:
وهي مرحلة صغيرة وصغيرة جدا، لكن مهمة ولها دورها الأساسي في السير العام للأحداث التاريخية الممهدة لوصول حضارة الإسلام لتلك المنزلة التي ننشدها جميعا، فما يحدث في العالم العربي من ثورات هذه الأيام وبصرف النظر عن محركها ومن خطط لها والأهداف والمرامي التي تسعى تلك الأطراف إلى تحقيقها من وراء ذلك، وبغض النظر عن النتائج التي ستؤول إليها آنيا، هي حتما خطوة إيجابية على درب التطور التاريخي للمجتمعات المسماة عربية، كما يجب التركيز على المواقف التي يجب أن يتخذها الإنسان العربي منها، فيجب أن تكون إيجابية حتى وإن أرادت بها أمريكا وإسرائيل سوءا للعالم العربي، على أساس عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، لأنهم حتى وإن كانوا هم من فبركها كما يقول البعض، فإنهم في نهاية المطاف لن يستطيعوا التحكم فيها بتلك الطريقة التي كانوا يتحكمون عبرها في الأنظمة العربية الموالية لهم، ثم إنها تحرر في الأمة طاقات كانت مجمدة في ظل الأنظمة السابقة كما تحقق ذلك التراكم التاريخي الذي نحن في أمس الحاجة إليه، وتقطع مع العقلية التي تعتقد أن التقدم الحضاري يمكن أن يتحقق بين عشية وضحها، وترسخ أن بناء الحضارة أمر دقيق ويكلف جهد جبار وطاقات ومدة زمنية ليست بالقصيرة كما يعتقد أغلب الناس، من خلال مقارنات سطحية بما حدث في بعض دول جنوب وشرق أسيا.
وهو ما سأحاول توضيحه هنا وأرجو من القارئ الكريم الصبر والتأني، فالنماذج التي ندعي دائما أنها حققت نجاح باهر مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة..، هي في نهاية المطاف تمت بمباركة من الغرب الأوربي وفي سياق الحرب الباردة ومحاولة محاصرة الشيوعية، والدليل الدامغ هو النشاط المكثف للكنيسة الإنجيلية الأمريكية في هذه الدول الآن، ثم أن هذه
الدول لم تستطع أن تقدم أي نموذج حضاري وثقافي صالح للبشرية خارج مصنوعاتها التي تبهرنا بتلك التكنولوجيا التي لم نستطع بعد ترويضها في العالم العربي، وتجعلنا نحس بعقدة تفوق الآخر، وهو أمر سيتحقق جزئيا بفضل هذه الثورات التي يشهدها العالم العربي، فبفضلها سيتحسن مناخ الأعمال ببعض المناطق العربية وستستقبل هذه المناطق استثمارات غربية وشرقية ستعمل على تدارك جزء معين من التأخر التقني الذي نعاني منه في العالم العربي، لكن المقابل في البداية هو التخلي الجزئي عن الاندفاع الكبير للمشروع الإسلامي الذي تتبناه بعض الحركات وأغلب الأشخاص المتحمسين لكل نهوض سريع للإسلام، وهذا واضح من خلال غياب تلك النبرة الحادة للحركات الإسلامية والتكفيرية على ما يجري على الساحة العربية حاليا، عكس ما كان سائدا تحت الأنظمة السابقة، وهو أمر يفسر بالنزعة الثقافية الشبابية والخاصة المميزة لكل التحركات التي تشهدها الدول العربية، وهذا أمر ضروري من ناحية التطور التاريخي أي خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام، والأهم خلال هذه الفترة التي تلي ما يحدث في العالم العربي هو الحفاظ على نبض الروح الإسلامية واستجماع القوة للنزال الكبير.
فالعالم العربي باعتباره قلب العالم الإسلامي لا يمكن بتاتا مقارنته بما حدث لكوريا الجنوبية أو تايوان أو غيرها، نحن لدينا مشروع حضاري كبير جدا، وليس مشروع اقتصادي يهدف إلى تحقيق الرفاه لشعب المسلمين دون غيرهم، بقدر ما نمتلك مشروع عملاق ذي أبعاد كوكبية وليس يهم فقط بلدان العالم الإسلامي، كما لا يجب مقارنته كذلك بالصين، فمشروع الصين غير بعيد عن النموذج الكوري أو الياباني، فمشروع الإسلام حضارة كوكبية لا ينافسه إلا المشروع اليهودي الغربي المسيحي الماسوني، الذي استطاع أن ينتصر لحد الساعة منذ بداية تراجع حضارة الإسلام خلال القرن 12 للميلاد.
ماذا يحدث في العالم العربي؟ منذ ذلك التاريخ، شهدنا تراجعا على جميع الجبهات الحضارية دون أن ندرك ذلك، حتى طرق نابليون والاستعمار الغربي أبوابنا، وقد بلغنا خلال تلك الحقبة أسفل وأدنى درجات التطور الحضاري، وبعد أن يئس الكل من حضارة الإسلام شاء القدر أن يجعل من الاستعمار الأوربي الذي جاء للسلب والنهب، ذلك الملقح الحضاري الذي جعلنا على الأقل نستيقظ من سباتنا، ومن حيث لا يعلم طبعا رغم ادعائه بذلك، فاستطاع أبناء الإسلام خلال تلك الفترة أن يجددوا دمائهم الحضارية على جميع المستويات، ثم جاءت فترة الاستقلال التدبيري الجزئي وهي فرصة للنمو الديموغرافي وتدارك النقص الخطير في عدد أبناء الإسلام والعمل على الإكثار من نسلهم، ولو كان الغرب الأوربي يعلم إلى ما سيؤدي إليه فعله لما قام به أصلا، وهذا الأمر ينطبق على العملية الاستعمارية بشكل شامل، وعلى الثورات الحالية، فلو كان الغرب يدرك المسار الذي ستسير فيه لما قام بأي شيء تجاه هذه المجتمعات، لكن العمى الذي تسببه المصالح والجري ورائها تدفعه إلى القيام بذلك.
وخلال فترة النصف الثاني من القرن العشرين، جرب المسلمون شرقا وغربا والعرب منهم، شتى صنوف الحكم من ملكيات تقليدية إلى جمهوريات تدعي الحداثة مرورا بالأنظمة الثورية التي تدعى تقدمية، لكن القاسم المشترك بين هذه الأنظمة جميعا هو ذلك الرعب الذي سكنها تجاه شعوبها، وتلك المسحة الاستبدادية التي لم ينفلت منها أي نظام عربي، فجل هذه الأنظمة ترى أن الشعوب قاصرة عن إدراك التحديات وتربصات الأعداء، وهي نفسها التي تنبطح لهم، وتتعامل معهم في السر والعلن. في تقليد رخيص للخدعة الميكيافلية، لكن شاءت الأقدار وحتمت الظروف على هذه الأنظمة أن تستمع إلى هموم شعوبها صاغرة غير راضية، بعد أن تحركت الجماهير وكسر حاجز الخوف من الشرطة والسجون والموت وكل ما كانت ترهب به هذه الأنظمة شعوبها، وأيضا بعدما يئس الشارع من فزاعة إسرائيل والفتنة وغيرها من الخطابات التي لم تعد تقنع شعوب لم يعد لديها ما ستخسره إن هي تحركت وغيرت واقعها.
وأمام هذا الارتباك الواضح البادي على الأنظمة العربية، بدأت أموال الشعوب تخرج من صناديق الرؤساء والملوك والأمراء، فهذا يقدم رشاوى للشعب الغاضب بالريال وذاك بالدولار، لكن هيهات أن تقنع الشعب عندما يقرر الانتفاض. أأأأأأ
الذي يجب تأكيده هنا هو أن هذه الثورات سيكون لها وقع إيجابي عامة على السيرورة التاريخية للإصلاح في العالم العربي، وأهم ما ستحققه هذه الثورات وتأثيراتها على باقي الدول التي لم تشهدها هو جعل الأنظمة تضرب ألف حساب لشعوبها قبل الإقدام على أي إجراء كان صغيرا أم كبيرا، وبالتالي سنخرج من مرحلة الاستقلال التدبيري الجزئي أو المشترك بمساعدة الغرب إلى مرحلة الاستقلال التدبيري، أي الإمساك بزمام الأمور وعدم انتظار النصائح من الغرب في كل شيء، لكن ليس إلى مستوى العمل على مسح إسرائيل من الخريطة المحلية، فهذا سقف كبير لم نقدم بعد ما يكفي من الثمن والتضحيات لتحقيقه، فالنزال مع إسرائيل لا يزال بعيد قليلا، لكن هو أقرب حاليا بعد هذه الثورات مما كان عليه الأمر قبلها، وأن هذه الثورات وما سيترتب عنها سيمهد له بالطريقة التي ستجعلنا نربح الرهان، وهي حرب العصابات والمقاومة المستمرة في الزمن والمجال وبالتالي استنزاف قدرات الإستراتيجية إسرائيل وتشتيتها مجاليا وهو أمر سيرغمها على التراجع إلى أن ينتهي وجودها بشكل كلي. عكس الطريقة التي مهدت بها لذلك الأنظمة الحالية والتي توجد في طور الزوال أو تعمل على تدارك أخطائها وتسارع لإصلاحها، وهي طريقة الحرب بين دولة ودولة وبين جيشين نظاميين وهي ما تريده إسرائيل مما جعلها متفوقة دائما، وإزالة الكيان السرطاني الصهيوني لن يتم طبعا إلا بعد دفع ثمن غالي جدا، لا يزال كثيرون عاجزون حتى عن تصوره، لأن ذلك ضروري، حتى ابن خلدون يعتبر أن بناء الحضارة وقيامها يعود بالدرجة الأولى للتحدي، فالتاريخ يثبت على أن كل الحضارات قامت على
التحدي ورفع التحدي ومحاولة الاستمرار في رفعه إلى أن تتدهور الحضارة الأولى وتأتي الأخرى لتخلفها.
ماذا عن المغرب والمشرق؟
وهنا أريد إلقاء نظرة على علاقتنا في المنطقة المغاربية بالمشرق العربي الذي سيكون حتما نقطة انطلاق المرحلة القادمة من التاريخ التي سيقود فيها الإسلام العالم، لظروف موضوعية يعلمها الجميع. فالجوار الشرقي للمجال المغاربي عامة و الموريتاني المغربي خاصة يرغب دائما في الزحف والتوسع غربا مند الأزل، فجميع الديانات السماوية ظهرت بالمشرق العربي وانتشرت إلى مختلف أنحاء العالم بما فيها الرقعة الجغرافية التي نتحدث عنها، والأحداث القادمة لا محالة ستتخذ نفس المسار على شكل أشعة شمسية تسطع من المنطقة الواقعة بين مصر وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية عقب النزال الكبير مع إسرائيل والغرب، لتطال تأثيراتها كل مناطق الكوكب، وهو أمر لن يستطيع أحد الانفلات من تبعاته أينما وجد على سطح البسيطة، ومن هنا وجب الإعداد لها وخصوصا الاستفادة منها لما فيه خير المنطقة والإسلام عامة.
فالجميع يدرك على أن المنطقة المحيطة بفلسطين المحتلة توجد على فوهة بركان بسبب الاحتلال الصهيوني وتكالب القوى الغربية على المنطقة وتواطؤ الأنظمة العربية معها وبالتالي كل الاحتمالات واردة ومؤشراتها بدأت لا محالة هذه الأيام مع بروز الدورين الإيراني والتركي وكلاهما يسعى وراء مصالحه، ثم الانكشاف الواضح والفاضح للأنظمة العربية خاصة بعد نشر وثائق ويكيليكس وما أسفرت عنه الثورات العربية من زحزحت لعروش القادة العرب، نقول المنطقة على فوهة بركان ولن يستطيع أحد الانفكاك من الوضعية الحالية إلا بإزالة الكيان السرطاني الإسرائيلي من المنطقة، وهو أمر يتطلب عملية جراحية قاسية على جميع الشعوب العربية بالمنطقة والإسلامية قاطبة، وإخراج إسرائيل من المنطقة لن يتم إلا بقوة السلاح الذي لا يمتلك العرب منه إلا النزر اليسر وأسرار علمه تبقى لدى العدو، أما الدول الإسلامية المجاورة للمنطقة فتعمل جاهدة لاكتساب أسرار وتقنيات تصنيع الأسلحة ومجهداتها مشهودة ولا يمكن الاستهانة بها وعليها يعول أغلب المسلمين لخلق نوع من شبه التوازن مع العدو ومحاولة الانتصار عليه، فالأمل معقود على الثورات العربية وباقي الأنظمة إن أرادت أن تصلح نفسها وتخلق كيان ووحدة عربية تحفظ التوازن مع العدو الصهيوني، وتضع الأطماع الإيرانية والتركية عند حدها الطبيعي، أي المساعدة على مواجهة إسرائيل وليس تشكيل العبء والمستغل للوضعية الناتجة عن الضعف العربي والفراغ المهول الذي يخلفه.
إذن فأي تغير للوضعية السياسية بالمشرق لها انعكاس واضح في المغرب، لماذا لأن الأنظمة العربية كافة وكثير من الأنظمة الإسلامية فاسدة ولا تزال تحابي الغرب وتستجدي عطفه
والشعوب الإسلامية تدرك ذلك تمام الإدراك وتنتظر فرصة التغير لتنتقم من جلاديها وهاهي قد جاءت، ثم إن السبب القادح لعملية التغير الشامل لا يوجد في المغرب أو في جنوب آسيا وإنما يوجد حتما في الوسط الجغرافي للأمة الإسلامية في أرض الديانات بفلسطين وكل الدول المحيطة بها بشبه الجزيرة العربية وبلاد النيل والشام، فهذه المنطقة هي مقياس التغير ومنطلقه، لماذا؟ لأنها منطقة حافلة بالصراعات وتتوسط مجالات جغرافية تعتبر الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية عالميا، تتوفر على ممرات مائية بالغة الأهمية أهمها قناة السويس ومضيق باب المندب ثم مضيق هرمز وأخيرا مضيقي البوسفور والدردنيل في تركيا، فهي تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب وهي كذلك لا تزال تحت حراسة الأجنبي الغربي الذي يتحكم فيها ومن خلال ذلك يتحكم في العالم قاطبة، ومن هنا نستخلص أن انتقال مهمة الحراسة والمراقبة بهذه المناطق من الطرف الحالي الغربي المتغطرس إلى الطرف المستقبلي المسلم حتما لن ولن يتم بسلام أو بالتراضي كما يعتقد الحكام العرب المعتلين كما قال أحد الغيورين على مصير الأمة، بل سيتطلب تضحيات جسام لا يزال كثير من أبناء المنطقة غير مستعدين لتقديمها خصوصا بني نفط المنعمين الذين يتكلون على غيرهم في تدبير شؤونهم.
إذا زعمنا أن السبب القادح لعملية التغير الشامل لا يوجد في المغرب أو في جنوب شرق آسيا وإنما يوجد حتما في الوسط الجغرافي للأمة الإسلامية، فإن نفس السبب القادح كذلك يوجد جزء كبير منه في وسط الإنسان المسلم أي في بطنه، عندما يجوع يرفض الواقع والصيرورة التي أدت إلى هذا الجوع وتبعاته كما يشحذ الجوع همة الإنسان من أجل التغير لأن الخيارات المتاحة أمامه تصبح محدودة وتحتم غريزة البقاء ضرورة الفعل السريع من أجل التغير وذلك سنة الله في خلقه منذ الأزل لكن بدرجات متفاوتة وسياقات تاريخية متباينة كذلك من منطقة لأخرى، فالجوع وما يليه من شح في الموارد الاقتصادية شكل عبر التاريخ أهم عامل مساعد على التغير والتعبئة من أجل الزحف إلى مجالات أخرى قد توفر موارد أكثر تضمن الحياة والاستمرارية للجماعة، والأمثلة على ذلك كثيرة فالغرب الأوربي وكنتيجة حتمية للتزايد السكاني وتناقص الموارد بالإضافة إلى الجوع الاقتصادي للمعادن الثمينة والأسواق اكتسح العالم منذ القرن الخامس عشر إلى اليوم، وألمانيا لم تضطر لخوض الحربين العالميتين إلا كرد فعل على التهديد المستقبلي الذي طالها نتيجة استئثار إنجلترا وفرنسا بأغلب مستعمرات العالم وتهميش الضرورات الحيوية للشعب الألماني الذي شعر بالتهديد المحيق به.
والجوع في هذه الحالة قد يأخذ حالات ليست بالضرورة حالة الجوع البيولوجي الذي يحتم الأكل لإشباع البطن، سيكون الجوع من هذا النوع حتما وفي كثير من الحالات لأننا في عالمنا الإسلامي لا ننتج غذائنا، فجميع البلدان العربية لا تحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المواد الغذائية اللازمة لتغذية شعوبها، ثم إن أكثرها لم يستطيع امتلاك القدرات التي تسمح له
بشراء غذائه من السوق الدولية ــ فالجوع البيولوجي للطعام سيخلف آلاف القتلى أو ربما الملايين… ــ، وإنما بالإضافة إلى الحالات السابقة التقليدية سيكون جوعا للمعرفة لتطوير الذات في كل المجلات التي تراكم عليها الغبار لمئات السنين، جوعا للذهب لإعادة الثقة إلى الاقتصاد المحلي، جوع للغزو والجهاد الديني بعد طول خمول وغرق في الملذات كل هذه الأصناف من الجوع ستكون محركا لشعوب الأمة للدفع بها إلى التغير فالجوع نقمة في كثير من الحالات، هكذا تم تصويره في أذهان الكثيرين لكن عبر التاريخ شكل الجوع نعمة في كثير من الحالات التي أفضت إلى قفزات تاريخية هائلة في تطور الحضارة البشرية، ومن بينها هذه الحالة التي نحن بصدد الحديث عنها، رغم أنها تتعلق بالمستقبل، وبالتالي ستجد الكثيرين ممن سيكذبونها لكن الزمن وحده كفيل بتأكيد مدى صدقها ولو جزئيا.
وما على المغرب في هذه الحالة إلا التكتل والاتحاد مع جميع دول المنطقة بدأ بموريتانيا ثم الجزائر إن أرادت ذلك وغيرها من بلدان المغرب الكبير، كما على المغرب أن لا يرتمي كلية لا في أحضان الغرب، لأنه عدو للجميع ولا يعرف إلا مصالحه، وهدفه إلغائي أي مسح ومسخ الآخر المخالف له، ولا في أحضان الإخوة العرب لأنهم ينسبون كل شيء تحقق لأنفسهم واهتماماتهم أفقية أو قل عرضية شرق غرب، مما يجعلهم في الوسط ونحن على الأطراف، بينما اهتمامات المغرب عمودية أي طولية شمال جنوب، مع غرب إفريقيا وما وراء المحيط الأطلسي وأوربا التي تحتضن 3 ملايين مغربي، لكي يكون هو في الوسط والباقي في الأطراف، لكن ذلك لا يعني العداوة وغياب التعاون والتنسيق بين المغرب والمشرق العربي، فعلى المغرب أن يحافظ على قيم الإسلام لأنها الشيء الوحيد الذي يجعل لوجودنا معنى وهدف، وعلينا في المغرب أيضا أن نحافظ على اللغة العربية ونحارب الفرانكفونية، وعلينا بنفس القدر أن نحي الأمازيغية ونعطيها المكانة التي تستحق لأنها مكمن خصوصية المغرب وهويته العميقة، وعلينا قبل كل ذلك بناء اقتصاد قوي يجعل المغرب حيا بغض النظر على هذه التطورات.
لكن المؤشرات تقول عكس كل ما نصبو إلى تحقيقه. والغرب سينتصر للحظة زمنية قصيرة، لكن سيدمر هوية وخصوصية المغرب، ويجعلنا أكثر تبعية له، مما سيجل الإخوة المسلمين العرب القادمين بعد النزال الكبير غير قادرين على التميز بين أهل المغرب، أو البربر كما يسمونهم، وبين الأوربي الروماني الحديث القديم، وستتكرر الكارثة، لنبدأ البناء من الصفر.
والله أعلم.
ماذا عن بني نفط؟:
إذا كانت بلدان الخليج تكدس الثروات وتقوم بإنجاز بعض من مشاريع التنمية الرعناء في الغالب فيجب أن تعلم أن عليها أولا وقبل كل شيء أن تتحد وتتوحد تحت علم واحد وآنذاك
فقط يمكنها أن تقرر أي المشاريع التنموية هي الأصلح لبقائها وديمومة الحياة على شواطئها، عندما أقول يجب على هذه البلدان أن تتحد فالفهم يجب أن يكون واضحا لا لبس فيه أي أن تتحد السعودية مع البحرين واليمن و قطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في دولة واحدة. فدرالية التسيير لكن مركزية القرار فيما يتعلق بالقضايا المصيرية. والدفاع عن حوزة البلاد خصوصا فيما يتعلق بالأخطار الخارجية خصوصا التواجد الأمريكي بالمنطقة، والتحرش الإيراني.
فأولى الإجراءات التي على هذه الدول أن تتخذها في حالة الوحدة هو تغليب المصلحة العامة لمنطقة الخليج، وهي ضرورة طرد أي وجود أجنبي من المنطقة وإدراك أن خطر الوجود الأمريكي أكبر وأخطر وأهم من أي خطر إيراني محتمل، ثم استعجاليه الاستقلالية فيما يخص اتخاذ القرار الوطني دون الرضوخ لأي ضغط أجنبي مهما كان وزنه، لأن مسألة الاستقلالية في بناء واتخاذ القرار الوطني أهم بكثير مما يعتقد الكثيرون. ويجب التعلم من الآخر كيفية النهوض هاهي إيران تخطو خطواتها الأولى على درب الاستقلالية في اتخاذ القرار الوطني بل وبناء الوطن من مختلف جوانبه خصوصا الاهتمام بالتكنولوجيا وإنفاق الغالي والرخيص من أجل اكتسابها وترويضها….
يجب على بلدان الخليج العربي أن تتعلم الكثير وأن تدرك أن المستقبل يبنى بالأفكار الأصيلة ذات المنبت المحلي وليس بقطع الطوب والإسمنت والحديد والزجاج المستورد، المستقبل ليس بناء الأبراج وناطحات السحاب الذي ناذرا ما يتوفر بالمنطقة لتنطحه الأبراج، بل المستقبل في الوحدة بين هذه البلدان، وفي التنمية المستدامة المتوازنة مع الحاجيات لجميع شعوب المنطقة، كيف سيقرأ إنسان عاقل فوارق التنمية بين اليمن من جهة وقطر والإمارات من جهة ثانية؟ مهما بدت عقلانيته ومهما سمى حلمه سيرى الظلم قائم والملك لا يستقيم فوق الظلم.
دائما نعود إلى الماضي لفهم ما يجب القيام به، لماذا هذه العودة المتكررة؟ لأن الماضي تشكل لذاته أيام كانت القوة متقاربة بين الأطراف الفاعلة في هذا المجال، ولأن الحاضر نتاج لتركز القوة في يد طرف واحد لذلك شكل ملامح جديدة لا تنسجم مع ما يجب أن يكون. لقد عاش اليمن السعيد ومنطقة عمان ومعهما كل شبه الجزيرة في تناغم تام مع المحيط الجغرافي المجاور لهذه المنطقة وعبر حقب زمنية موغلة في القدم. وكان الإسلام وتجاره سادة بحر العرب والمحيط الهندي وما وراء أرخبيل جنوب شرق آسيا. كانت التجارة العربية تربط شرق إفريقيا وجنوب آسيا مع بقية العالم في غرب الكرة الأرضية، نعم حدث تدهور خطير مع الكشوفات الجغرافية لكن طريق البحر الأحمر قناة السويس أسترجع مكانته فلماذا لم يسترجع العرب مكانتهم التجارية؟ نعم أصبحت التجارة مرتبطة بالإنتاج أكثر مما كانت نشاط وساطة بين منتج في بلاد ومستهلك في بلاد أخرى، لكن لنا في تجارب الأمم الأخرى
ما قد يجيب عن هذا السؤال لماذا تعتبر اليونان صاحبة أكبر أسطول تجاري في العالم وليس العالم العربي الإسلامي؟ رغم أنها لا تنتج من البضائع مثل ما تنتجه دولة مثل اليابان، أضن أن الجواب يكمن في دينامكية البعض وخمول البعض الآخر.
لقد كان لمداخيل النفط مفعول سحري في دفع الإنسان العربي بهذه المناطق إلى الإتكالية والاعتماد على الآخر في قضاء احتياجاته. بكل أنواعها، وعلى بلدان المنطقة أن تدرك محدودية الموارد من هذا النوع، وأن بنضوبها سيغادر الحارس الأمريكي وسيترك المجال للقوى الإقليمية لتتحكم فيما تبقى من فتات، لذلك لابد من بناء المستقبل على الأسس العلمية الرصينة. مع الأخذ بعين الاعتبار حاجيات الجوار ومستلزمات الاقتصاد المحلي المتكامل.
على أن الواقع وما يؤشر عليه هذا الواقع مختلف تماما، ويعكس أنانية الإنسان الوقحة وتمظهراتها لا تخطئها العين المتفحصة ولا العابرة، فالخليج وقبائله النفطية لم تقدم شيئا ولن تدفع دينارا واحدا لتنمية باقي العالم العربي أو على الأقل لمساعدة الدول المجاورة لها على تحسين مؤشراتها الاجتماعية، وما قدمته من فتات هنا وهناك لا يخرج عن دعم الحكام وتلميع صورهم، أما الشعوب فلا يهتم أحد لأمرها وما مجاعة شعب الصومال عنا ببعيد. فإمارات الخليج لا تزال تبني أبراجها الشاهقة بينما يضمد اليمني جراحه ويمضغ القات للترويح على النفس المكلومة نتيجة المشاكل التي لا تنتهي إلا لتضاف لها مشاكل أخرى، وإمارة-قبيلة أخرى تسعى لتنظيم “المونديال” وهي لم تنظم بعد حتى العلاقات التي تربط الحاكم بالمحكوم، وتنفق الملايير لتشييد ملاعب تنتهي صلاحيتها بعد نداء صفارة حكم نهائي كأس العالم لسنة 2022، هذا إذا سارت الأمور على أحسن ما يرام، بينما الأمية لا تزال تعشش في ملايين الأذهان هنا وهناك في العالم العربي، يمارس بدو الجزيرة عاداتهم القديمة بأحدث وأفخم السيارات وفوق أعلى الأبراج التي لن تنفع في شيء عندما تهب العاصفة الحقيقية للتغير، باختصار يضل الخليجي يتمتع بنعيم الحياة في أنانية تفوق أنانية المستعمر الذي قسم الخليج إمارات قبلية لتسهل عليه استغلال ثرواتها وبعد ذلك يلقي بها لتواجه مصيرها بين أنياب الفرس ورمال الربع الخالي، فجميع الدول القزمة في العالم جاءت نتيجة تضافر مجموعة من المصالح للدول الاستعمارية لاستغلال خيرات المجال الصغير المشكل للدويلة النموذج.
وهذا ينطبق على كثير من البلدان التي صنعها الاستعمار ورسم لها حدود لا معنى لها سواء من الناحية التاريخية أو الجغرافية أو السياسية المحيطة بها كما هو الحال مع دول مثل سنغافورة وجيبوتي والبحرين وقطر والكويت وبنما وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وغيرها، وهي دول صنعها الاستعمار ليس لأن لها مقومات الدولة ومستلزمات البقاء بل فقط لأنه استعمرها وبالتالي عليه أن يصنع منها دول كما هو الحال بالنسبة للدول الإفريقية التي ذكرت، أو لأن مجالات جغرافية تبين أنها تتوفر على خيرات طبيعية هائلة يحتاج إليها
المستعمر فقام باقتطاعها من جسدها الأم رغم أنها لا تتوفر على مستلزمات البقاء ومقومات الدولة، وذلك ليقوم هو نفسه بحمايتها وبالتالي السهر على عمليه استغلالها ونهب خيراتها، ثم عندما تنتهي هذه الخيرات يتركها لتواجه مصيرها المحتوم وهو الالتحاق بالوطن الأم الذي اقتطعت منه، حيث تضاف أعباء الدويلة السابقة بعد تجربة قصيرة من الاستقلال غير الناضج وغير المسئول إلى أعباء الوطن الأم وقد تكون محط أطماع خارجية تزيد الوضع تعقيدا وتوترا، وهي حيلة استعمارية يستطيع بواسطتها خلق أوطان وهويات جديدة (وهمية) لخدمة مصالحه، وهو أمر ينطبق على الدول العربية التي ذكرت، أو لأن الاستعمار الغربي أدرك حيوية ومكانة بعض الممرات المائية والمواقع الإستراتيجية لذلك عمد إلى اختلاق دويلات صغيرة دائما ليسهل عليه السيطرة عليها والنتيجة مراقبة هذه المواقع الحيوية (بنما)، وذلك عبر خلط الأوراق وتغير البنية الديموغرافية لها كما هو الحال في جزيرة سنغافورة الماليزية التي أصبحت مستقلة وأصبح سكانها الأصليون الملايو أقلية وسط الصينيون والهنود.
غالبا ما يعتمد ازدهار هذه الدويلات على ما توفره أراضيها من ثروات وإذا كانت فقيرة من هذه الثروات فإن الموقع الجيد قد يعيلها لكن ليس لكل هذه الدول مواقع جيدة كما أن كثيرا منها ليس لها الدهاء ولا المهارة لتلعب أدوار بديلة قد تعيل سكانها وبالتالي يكون البؤس والتخلف والخضوع للآخرين هو مصيرها المحتم فهي دائما محط أطماع الآخرين سواء تمتعت بخيرات طبيعية أو لم تتمتع، وسواء حققت الازدهار أو لم تحققه.
وهذا ينطبق على بني نفط في الخليج، لكن بعد نفاذ النفط والغاز وبعد رحيل قوات العم سام إلى غير رجعة، ترى من سيخلفها ليدافع عن الإمارات القبلية الخليجية؟، هل الهند أم باكستان؟ أم إيران الأقرب؟ التي تسعى ليل نهار لتحديث قواتها وامتلاك التكنولوجيا اللازمة لذلك، وكل الشعوب العربية تحيي مجهود طهران الوحيد في المنطقة.
سينتهي نفطهم وتتغبر أبراجهم التي يتبجحون بها على العالم ولن يجدوا مأوى يؤويهم غير بلاد الشام التي لا يعرفون عنها إلا الفتيات المليحات، والعراق الذي قاموا ببيعه للأمريكان أولا ثم للفرس الشيعة ثانيا، سينتهي النفط وستنتهي معه عاداتهم الدنيئة في الاستئثار بالغنيمة دون غيرهم من باقي شعوب الإسلام، وسيعودون إلى منابع الإسلام الحقيقية لاستغلالها لكي تنقذ ماء وجههم وتدفع بهم أفوجا خارج الجزيرة إلى العراق وبلاد الشام ومصر بل وحتى المغرب، ليلعبوا لعبتهم ثانيا في تزعم الكيانات السياسية والتنظير في كل المجالات من الدين إلى السياسة مرورا… إلا من رحم ربك…والله أعلم.
السنريوهات المحتملة للوضع العربي الراهن:
لا يوجد سيناريو واحد يمكن أن يسير عليه الوضع العربي ككل، بل أعتقد أن الأمر يتعلق بسيناريوهين اثنين، كل واحد منهما يرسم المسار الممكن أن تسير فيه الأحداث بشكل عام بالدول العربية، وهما سيناريوهين مختلفين في الواقع الذي سيؤديان إليه، لكن مساريهما مترافقين وكلاهما محايث للآخر يؤثر عليه ويتأثر به، بل وسيلتقيان عند نقطة محددة في المستقبل، وهي نقطة الحسم في عملية التغير أو قل البدء الحقيقي لصعود الإسلام كحضارة متجددة قادرة على لعب دورها الحقيقي والوسطي بين الأمم والحضارات.
يفترض هذا السيناريو أن ينشطر العالم العربي إلى دول ذات أنظمة منهارة وأخرى حافظت على أنظمتها مع إدخال بعض الإصلاحات الخفيفة لإنقاذ ماء الوجه وإحداث بعض الفرق ولو وهمي على المستوى الشعبي بالمقارنة مع ما كان سائدا.
وهذا السيناريو الأول مخصص للاحتمالات التي قد ينحوها مستقبل الدول التي سقطت أنظمتها والتي ستحاول إيجاد طريق سالك لها ولشعوبها نحو المستقبل، لكن تكالب القوى الاستعمارية التي لن تسمح بقيام ديمقراطية حقيقية ترسم معالم طريق المستقبل بهذه الدول على خطى إسلامية ولو كانت معتدلة ستعمل على زرع القلاقل وإذكاء الخلافات لتستفيد من الوضع، وبالتالي سيستمر التجاذب بين القوى التقدمية التي قادت الثورة والتي تسعى إلى الإصلاح الحقيقي والجذري والقوى الرجعية التي أطيح بها بفعل الثورة لكنها لا تزال تملك قدرات كبيرة على الضغط والتهديد بإثارة الفوضى مما يدفع بالكثيرين إلى المساومة أو العجز عن الحسم بل والندم على الثورة التي أخلت بالاستقرار المفروض الذي كان سائدا.
إذا استمر الوضع على هذا السيناريو فإن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني هو الذي سيسود وبالتالي ستؤدي الشعوب ثمن باهض لعملية التغيير، لكن هذا المأزق يفتح هذا السيناريو على احتمالين إثنين لحسم الوضع:
الأول يفترض حركة ارتدادية إلى الوراء عبر عودة حرس النظام القديم بطرق ملتوية، وإفشال الحراك الشعبي عبر خدع إصلاحية غير جذرية من الناحية الحضارية وبمساعدة الغرب طبعا، مما سيؤدي إلى ازدهار اقتصادي لكن على حساب الحضارة والثقافة الإسلامية وسيجعل من العالم العربي مجرد ذيل لشمال المتوسط والغرب عامة، وهذا الاحتمال وارد إذا ما استمر الانسداد الحالي في أفق الثورة التي ستفشل إذا لم تحقق نتائج مباشرة لها انعكاس واضح على الجوانب الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
الاحتمال الثاني يعتقد أن الوضع الحالي المتميز بالتردد واشتداد التجاذب بين الحراك الشعبي الذي يسعى إلى تحقيق إصلاح جذري من الناحية الحضارية من جهة وبقايا النظام القديم سينتهي بانتصار الحراك الشعبي والدخول في مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات مع
الكيان الصهيوني تنتهي بإخراجه من المنطقة بعد تقديم تضحيات جليلة جدا في مختلف أنحاء العالم العربي.
السيناريو الثاني والمخصص للبلدان التي حافظت على استمرارية الأنظمة الحالية، عبر إدخال بعض الإصلاحات غير الكاملة من الناحية الحضارية والتي تهدف إلى التخفيف من مستويات الفساد القياسية التي وصلتها بعض هذه البلدان، وشد عضد بعضها البعض، كما هو الحال بين الدول الخليجية والمغرب والأردن، التي تحاول الدخول في اتفاقيات متنوعة ومتعددة للتعاون في جميع الميادين من ما هو أمني الذي تحتاجه بشدة دول الخليج والذي يتوفر الفائض منه في كل من المغرب والأردن إلى ما هو اقتصادي وتنموي والذي يعاني المغرب والأردن من نقص فادح فيه قد يهدد النظام بالبلدين مما سينعكس على بني نفط، وهو ما يفسر رغبة كثير من هذه الدول في تقديم المساعدة للمغرب والأردن تحقيقا للمصلحة المشتركة.
ستشهد هذه الدول تطورا ملحوظا خاصة الدول غير النفطية، لكن يبقى تطور على الطريقة التي يريدها الإستعمار الغربي، استهلاكي بالدرجة الأولى وبالتالي تطور خاطئ من الناحية الحضارية ولا يمت بصلة للإسلام بل ويعمل على تدميره داخل أوطانه.
ستنجح هذه الدول في تقديم نفسها كأنموذج للنجاح بإتباع نصائح وطرائق الغرب، غير أن تطور الوضع في الدول الأخرى وخاصة النزاع مع إسرائيل سيفقدها البريق الناتج عن إتباع الأنموذج التحديثي الذي يمتح من الغرب في حضارته وطرق تطوره لصالح أنموذج التطور القائم على المواجهة مع الكيان الصهيوني والعمل على اجتثاثه من أجل استنبات المشروع الحضاري الحقيقي القائم على هدي الإسلام، آنذاك ستدفع هذه الدول الثمن غاليا لأنها لا تدفعه حاليا ولأنها آنذاك ستجد نفسها قد أضاعت الطريق وأصبحت بعيدة عن المسار السليم للتطور الحضاري على هدي الإسلام.
في هذه الحالة ستنتزع ريادة العالم العربي الإسلامي من المناطق الهامشية والضعيفة الحالية لصالح المناطق التي انخرطت مبكرا في عملية التحدي الحضاري التي ستؤدي إلى طرد اليهود من أرض فلسطين.
لكن ليس الأمر بهذه البساطة كما قد يعتقد البعض، فالتداخل بين السنريوهات التي تم الحديث عنها أمر وارد، وكذلك تبادل التأثير والتأثر بين الدول التي تسير على هاذين السيناريوهين، سيجعل الحديث عن سياقات منفصلة كليا بعضها عن بعض أمرا غير ممكن. والله أعلم.
هذه محاولة متواضعة للإحاطة بواقع العالم العربي حاليا والاحتمالات التي قد تسير عليها التطورات في القادم من الأيام والسنوات، قد يطول على القارئ إطنابي في الكلام وكثرة
ستشهد هذه الدول تطورا ملحوظا خاصة الدول غير النفطية، لكن يبقى تطور على الطريقة التي يريدها الإستعمار الغربي، استهلاكي بالدرجة الأولى وبالتالي تطور خاطئ من الناحية الحضارية ولا يمت بصلة للإسلام بل ويعمل على تدميره داخل أوطانه.
ستنجح هذه الدول في تقديم نفسها كأنموذج للنجاح بإتباع نصائح وطرائق الغرب، غير أن تطور الوضع في الدول الأخرى وخاصة النزاع مع إسرائيل سيفقدها البريق الناتج عن إتباع الأنموذج التحديثي الذي يمتح من الغرب في حضارته وطرق تطوره لصالح أنموذج التطور القائم على المواجهة مع الكيان الصهيوني والعمل على اجتثاثه من أجل استنبات المشروع الحضاري الحقيقي القائم على هدي الإسلام، آنذاك ستدفع هذه الدول الثمن غاليا لأنها لا تدفعه حاليا ولأنها آنذاك ستجد نفسها قد أضاعت الطريق وأصبحت بعيدة عن المسار السليم للتطور الحضاري على هدي الإسلام.
في هذه الحالة ستنتزع ريادة العالم العربي الإسلامي من المناطق الهامشية والضعيفة الحالية لصالح المناطق التي انخرطت مبكرا في عملية التحدي الحضاري التي ستؤدي إلى طرد اليهود من أرض فلسطين.
لكن ليس الأمر بهذه البساطة كما قد يعتقد البعض، فالتداخل بين السنريوهات التي تم الحديث عنها أمر وارد، وكذلك تبادل التأثير والتأثر بين الدول التي تسير على هاذين السيناريوهين، سيجعل الحديث عن سياقات منفصلة كليا بعضها عن بعض أمرا غير ممكن. والله أعلم.
الله اعلم اين يسير ولكن الحكيم صدق حين قال
اتفق العرب على ان لايتفقوا
عن أي عالم عربي تتحدث وهل خلق الله مجموعة من العوالم لمدا لأجناس لأخرى لا تدعي بعالمها مثل الأوروبين أو لأمريكين أو لأسياوين أو المسيحسن أو اليهود إلا أنتم يا معشر العرب تدعون أن لكم علم عربي وأن الثورة عربية ولكن الحمد لله تعرفون في الحقيقة من ثار على القدافي ومن ثار على بن علي
عنوان باطل