طارق أشقر
قال أكاديمي فرنسي إن الثورات والاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية حالياً أدهشت الغرب، وأوجدت بوادر تحول دبلوماسي غربي تجاه المنطقة بوتيرة اختلفت عن النمط الذي كان مستنداً على مفهوم أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونظيره التونسي زين العابدين بن علي من أهم شركاء أوروبا وأميركا السياسيين بالمنطقة.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية بباريس وجامعة كليرمون فيرون -فردريك شاريون- أن هذه الأحداث وجهت صفعة للسياسة الخارجية الأميركية التي يرى أنها حاولت في البداية دعم عدد من الثورات العربية غير أنها فوجئت بالكثير من التحديات أهمها بروز أنظمة غير مرغوب فيها أميركياً.
وتساءل شاريون في محاضرة ألقاها مساء الأحد بالنادي الثقافي بمسقط تحت عنوان “رؤى مستقبلية بعد بعض الثورات العربية”، عن الكيفية التي سيعتمدها الغرب لإيجاد نموذج لمساعدة دول المنطقة العربية دون أن يتدخل في شؤونها، مشيرا إلى أن أوروبا ما زالت بحاجة إلى تفسير ما يجري بالمنطقة.
”
شاريون قسم ثورات واحتجاجات المنطقة إلى تغييرية كما في مصر وتونس وإصلاحية كما في المغرب وعمان
”
وأوضح أن لكل دولة مشاكلها المختلفة عن الأخرى، منبهاً إلى عنصري جيل الشباب وتكنولوجيا الاتصالات المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي كأبرز تلك القواسم في تقديره.
وفرق المحاضر بين الحالة المصرية التي يرى أنها متأثرة بتداعيات الكثافة السكانية والحالة التونسية التي يرى أن علمانية نظامها تجعلها مغايرة عن غيرها، والسورية وآثار اعتماد نظامها على العلويين كأقلية، والبحرين وتداعيات تركيبتها ذات الأغلبية الشيعية.
وقسم ثورات واحتجاجات المنطقة إلى تغييرية كما في مصر وتونس وإصلاحية كما في المغرب وربما عمان، حسب تعبيره.
قواسم مشتركة
وفي مداخلة لأحد الحضور يدعى علي الشحري، أوضح أن القواسم المشتركة بين الشعوب أكبر من مجرد وجود التكنولوجيا بل هي في تقديره تعود إلى وجود مشكلات داخلية مشتركة بين كثير من الدول العربية.
وفي مداخلة أخرى لرئيس مركز الاعتماد لخدمات التدريب، الدكتور محمد بن سعيد العامري، بين للمتحدث أن سياسة الغرب تجاه المنطقة ما زالت في حاجة إلى الخروج عن دائرة ازدواجية المعايير التي يرى أنها شابت حتى مفهوم الديمقراطية.
مستشهدا بموقف الغرب من نتائج الانتخابات الديمقراطية في الجزائر عند فوز جبهة الإنقاذ وفي الأراضي الفلسطينية عند فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس). واصفا ما يحدث بأنه بداية لثورة عربية ضد الهيمنة الأميركية والأوروبية بالمنطقة العربية.
المطروشي: الشعوب سترسم مستقبل المنطقة بعيدا عن الشرق الأوسط الكبير (الجزيرة نت)
دهشة أوروبية
وفي تفسيره للدهشة الأوروبية اعتبر الكاتب زكريا المحرمي أن هذه الدهشة جاءت منسجمة مع رؤية قديمة للفيلسوف الإنجليزي برنارد راسل ترى أن التكنولوجيا تؤدي إلى ديمومة الدكتاتوريات التي تستخدمها لمحاصرة الكلمة.
وأضاف المحرمي في حديثه للجزيرة نت أن الشعوب العربية استطاعت كسر تلك الرؤية الفلسفية الأوروبية في استخدام التكنولوجيا، واعتبر أن الحيرة الأوروبية تجاه ما يحدث بالمنطقة العربية تؤكد أن العقلية الأوروبية ما زالت غير قادرة على فهم حراك المجتمعات العربية أو فهم الخصوصية العربية.
بدوره أوضح مدير النادي الثقافي حسن المطروشي للجزيرة نت أن الامتدادات الأخطبوطية السريعة للثورات العربية والتحولات التي أعقبتها وسقوط أنظمة كانت في الأصل مدعومة من الغرب نفسه، جميعها كفيلة بأن تسبب تلك الدهشة التي لم تكن متوقعة من جانب الغرب.
وأكد أن تلك التحولات أكدت للغرب أن الوجه الجديد للمنطقة سوف ترسمه الشعوب العربية فهو ليس كالوجه الذي ظل الغرب يحلم به والمتمثل في مشروع الشرق الأوسط الجديد
الجزيرة