زايو سيتي.نت سعيد قدوري
قع ولاية كانو في شمال جمهورية نيجيريا الاتحادية، ويحدها من الشمال الغربي ولاية كاتسينا، ومن الشمال الشرقي، ولاية جيغاوا، ومن الجنوب ولاية بوتشي، وهي إلى الشمال من هضبة جوس، الواقعة في منطقة السافانا، التي تتدفق بالقرب منها الأنهار التي تنبع من الجنوب الغربي، حتى تتلاقى لتشكيل نهر”Hadejia”، الذي يصب في نهاية المطاف في بحيرة تشاد. وتقع كانو على ارتفاع حوالي 481م فوق مستوى سطح البحر.
وتعد ولاية كانو إحدى الولايات الست والثلاثين لجمهورية نيجيريا الاتحادية، وهي القلب الاقتصادي، وأحد أهم المراكز الثقافية في غرب أفريقيا، كما تعتبر كانو ثالث أكبر مدينة في نيجيريا الاتحادية بعد مدينتي لاجوس وإيبادان، وسكان ولاية كانو يتحدثون الإنجليزية لغة رسمية، بالإضافة إلى استخدام الهاوسا المكتوبة بحروف عربية ولاتينية في جميع أنحاء الولاية.
تتفق جل المصادر التاريخية على أن الإسلام دخل إلى ولاية كانو بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، في عهد الصحابة، وبالتحديد في عهد سيدنا عثمان بن عفان ( 23 ـ 35 هـ/ 643 ـ 655م)، ( رضي الله عنه )على يد القائد العربي عبدالله بن سعد بن أبي السرح ضمن الفتوحات الإسلامية في أفريقيا.
والثابت تاريخيا، أن ملوك الهوسا أعلنوا في عام 1800م اعتناقهم الإسلام، واعتبروه الدين الرسمي لهم، وصاروا أكبر تجمع عرقي في نيجيريا، حيث شكل سكان الهوسا حوالي ربع سكان البلاد، وكانت نسبة المسلمين في هذه القبيلة حوالي 98% ، وقد استقر معظمهم في مدينة كانو في شمال نيجيريا.
وشهدت مدينة “كانو” نموا سريعا في التجارة والصناعة منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وذلك بفضل موقعها الجغرافي الرابط بين طرق التجارة الرئيسية في القارة الإفريقية، وأصبحت “كانو” منذ عام 1820م، من أكبر المراكز التجارية في غرب أفريقيا، وصارت تمتلك الأسواق الكبيرة التي تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حيث ساهمت وفرة المنتجات الزراعية مثل: الذرة، والأرز، والقطن، والفول السوداني، والثروة الحيوانية، والصمغ العربي، بالإضافة إلى الصناعات النسيجية، والمواد الخام، والجلود، في انتشار التبادل التجاري على نطاق واسع بواسطة قافلة الشمال عبر الصحراء إلى طرابلس وتونس وفاس، ومنها إلى أوروبا.
وتعتبر ولاية “كانو”، ثاني أكبر مركز صناعي في جمهورية نيجيريا الاتحادية، حيث اشتهرت ببضائعها المختلفة من النسيج، والمنتجات الزراعية، وكانت وما تزال أغنى الولايات الشمالية الهوسية في حكومة نيجيريا الاتحادية.
شهدت مدينة “كانو” توسعا ملحوظا في النواحي العمرانية منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وساهم وصول العلماء والتجار العرب سواء من المغرب العربي أو من بلاد السودان ومصر في العصور الوسطى في انتشار التأثيرات العربية الإسلامية في شتى مناحي حياة سكانها، بالإضافة إلى بروز المؤثرات العربية في العمارة والفنون في مدينة كانو، مما ساهم في تعزيز الهوية العربية الإسلامية في تلك المنطقة.
وتزخر “كانو” بالأبنية الحضارية المتنوعة، حيث تضم العديد من المعالم التاريخية والأثرية، والأسوار الحصينة القديمة، والتي شيدت بأسلوب الطراز المغربي في العمارة الإسلامية.
وتتميز مدينة كانو بأسوارها العتيقة المحيطة بها من جميع الجهات في هيئة دائرة نصف قطرها 14 كم، ويذكر بعض المؤرخين أن أول من بنى هذه الأسوار هو الأمير “غجيما سو” (1095-1134م)، ثم توسعت الأسوار والبوابات ولحق بها الإضافات والتجديدات في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، كما تضم مركز المدينة العتيقة المسجد الجامع، وقصر الأمير، والبيوت التقليدية، والسوق الكبير، وغيرها من المنشآت.
تشهد مدينة كانو العديد من الاحتفالات والمواكب الفولكلورية، والتي تعكس سمات الفنون الشعبية والتقليدية في تلك المنطقة، ومنها: الاحتفال بالموكب الملكي، الذي يضم العديد من الرجال الذين يمتطون صهوة جيادهم، ويتزينون بملابسهم التقليدية في كامل البهاء، وترافقهم الآلات الموسيقية التقليدية، وهو من أهم الاحتفالات التقليدية المميزة لمدينة كانو.
إن مدينة كانو بتاريخها العريق تمثل مركزا حضاريا إسلاميا مهما، وتعد علامة متميزة في تاريخ الحضارة الإسلامية التي شعت أنوارها في الآفاق، وساهمت بقوة في بناء الحضارة الإنسانية عبر العصور.