محمد أمزيان
صُدمتُ من حجم التجني على لغة الأمازيغ في كلامٍ ورد في شريط صوتي منسوب للدكتور بنحمزة، العالم الرباني المعروف، وهالتني أكثر جرعةُ الاستهزاء من لسان قوم جمعهم دين التوحيد بغيرهم من الأجناس والأقوام والألسن. لماذا هَوَيتم يا دكتور لمستوى لا يليق بأمثالكم من الدعاة لعالمية الرسالة المبنية على التقوى وليس على وحدة اللسان؟
تحدثتم عن “تمزيق الأمة”، وعقدتم مقارنة غريبة بين وضعية “الهوتو والتوتسي”، وما جرى بينهم في التاريخ القريب من اقتتال وإبادة، فهل اللغة هي التي أبادتهم أم هو الغبن السياسي والإقصاء المتعمد من قبل فئة قليلة استأثرت بكل شيء مقابل أغلبية فقدت كل شيء؟ هل علينا أن نذكّركم بالحقيقة المرة، وهي أن أكثر الصراعات دموية في الشرق الأوسط الآن، لا علاقة لها باختلاف اللغة وتناحر الألسن وإنما بسبب التّحاقُد العقدي؛ فئتان تتنازعان “حقا” ضيّعته السياسة رغم توحد اللسان؟ ذكرتم أيضا أن “الاستعمار يحرّض بعضنا على بعض”، وهذه مقولة لا يستقيم راهنُها مع وجود ناس نبهاء مثلكم يستطيعون، إن شاءوا، تنبيه الغافلين إلى الأطماع والمؤامرات الدولية الخفية والظاهرة. أم أنكم لم تجرؤوا على وضع الأصبع على أسباب التناحر وأدواته الحقيقية، والمتمثلة أساسا في الحكام (عربا ومسلمين)، فأجهزتم على الحلقة الأضعف؟
تحدثتم عن يوسف بن تاشفين الذي رأيتم فيه قائدا “يعتز بالإسلام”، وهنا تبرز أعناق الخطاب المغلوط الذي يحاول المعادون للسان الأمازيغي تسويقه دائما وأبدا، ألا وهو الربط الآلي بين المناداة بالحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ بمعاداة الإسلام. هذه مغالطة كبيرة لا تخدم سوى أعداء الدين الحقيقيين، وتغذي عند طرفيْ الغلاة شعلةَ التطرف وتمدهم بوقود الصدام. اختزال اللسان الأمازيغي في معاداة الدين تجن ما بعده تجن، وأنتم سيد العارفين في هذا المجال وخاصة ما تعلق منه بحملة كتاب الله في كل المناطق الأمازيغية. يوسف بن تاشفين كان قائدا حربيا ومغربيا وأميرا للمسلمين، وقبل كل هذا وذاك كان أمازيغيا مؤمنا بدينه ومعتزا بلغته الأم وبلغته التي تعلمها. أليس هذا شأن أمازيغ هذا العصر؟ يحتفظون بلسانهم دون النطق بالطلاق الثلاث، وإعلان الانفصال عن اللغة التي تعلموها وأتقنوها ومارسوها في كتاباتهم ومراسلاتهم وحتى في إبداعاتهم.
تحدثتم باستهزاء لا يليق برجل دين محترم مثلكم عن افتقار الأمازيغية لكتب العلم، من طب الإنسان إلى طب الحيوان، من الفلسفة إلى الرياضيات والهندسة.. بالله عليكم، من ألف في تلك الأصناف وكتب تلك الكتب؟ هل يليق بنا الآن أن نذكركم بأن أشهر علماء الإسلام عبر التاريخ ليسوا عربا؟ أم أن المنطق عندكم أن كل من كتب باللغة العربية فهو بالنتيجة عربي؟
تحدثتم عن شيء غريب حقا حينما ربطتم دعوات إحياء الأمازيغية ب”الصحوة الإسلامية”! هكذا تاريخنا المشترك نحن. كلما طالب شخص ما بحقوقه، حتى ولو كان حقا تافها، إلا ويواجه بتهمة جاهزة: إياكم والمؤامرة الخارجية! وهذا يذكرني بخرافة “الظهير البربري” سنة 1930. ذلكم الظهير الذي خُطط له في دوائر استعمارية مغلقة، وتم التوقيع عليه من قبل من تعرفونهم، ووزعه موظفون تابعون للإدارة التي تعرفون أسيادها جيدا. ومع كل ذلك حُملت كل أوزاره على عاتق الأمازيغ! حتى الاسم المشؤوم ألصق بهم زورا وبهتانا، علما أنه ظهير سلطاني مشابه للظهائر التي صدرت قبله، وللظهائر التي صدرت بعده وتلك التي ما تزال تصدر حتى الآن.
تحدثتم عن “الدارجة” المغربية باستخفاف أقل من استخفافكم بالأمازيغية، وطالبتم بتنقية اللغة العربية الفصحى منها كما تنقى لغة الفرنسيين النقية من دنس التأثير الإنجليزي، ولاحظتُ باستغراب أنكم في نفس الوقت تتواصلون بها مع من كان يستمع إليكم. ما هذه المفارقة؟ أتريدون أن تجعلوا من اللغة العربية لغة محنطة لا يفهما إلا الكهنوت؟ كيف يمكن لكم أن توصِلوا الرسالة المحمدية إلى العالمين إن كنتم تشمئزون من لسان المتلقي وتحتقرونه؟
لو كانت العبرة في اللغة العربية وحدها وليس في كنه الرسالة السماوية وجوهرها، لظل الإسلام غريبا في أرض نجد والحجاز وصحراء الربع الخالي، ولما أصبحت إندونيسيا أكبر بلد إسلامي وتركيا وإيران والهند والسند وهلم جرا. هل أقول لكم: اتقوا الله في دينكم وفي وطنكم الذي نريده بصدق للجميع؟
هولندا، الاثنين 29 فبراير 2016
– See more at: http://lakome2.com/opinion/11757.html#sthash.g9tgNhuj.dpuf
للأسف لم تفهم شيء مما قاله الدكتور بنحمزة في شريطه ولا وضعته في سياقه ، أعمتك عصبيتك وأمازيغيتك أن تفهم ما قاله الدكتور