لازال مسجد تنملال يسكن الذاكرة الجماعية المشتركة لأهل تنملال وللمنطقة ككل من سواحل كبدانة المتوسطية إلى أولاد ستوت جنوبا ومن أنجاد وبني ايزناسن شرقا إلى قلعية وقبائل الريف غربا .
تقع جماعة تنملال في شمال شرق مدينة زايو على بعد سبع كيلومترات ،وتنتمي ترابيا وإداريا لإقليم الناظور وبالضبط إلى جماعة ايت داود زخانيين وإلى قيادة رأس الماء ،إلا انها اقتصاديا واجتماعيا أكثر ارتباطا بمدينة زايو بحكم القرب الجغرافي .
-تضاريسيا : يغلب على سطح المنطقة جبال وهضاب قليلة الارتفاع ذات سفوح متباينة الإنحدار وأودية ذات قيعان ضيقة
– نباتيا : تكسو المنطقة تشكيلات نباتية تتكون أساسا من الحلفاء والدوم والشيح وأزيروتشكيلات سهوبيةاخرى بسبب سيادة المناخ شبه الجاف .
– بشريا : عرفت منطقة تنملال تعميرا قديما واستوطنتها بطون من قبيلة زناتة الأمازيغية التي شكلت عصبية قيام دولة بني مرين في بلاد المغرب الأقصى وتتكون جماعة تنملال من ثلاثة فروع وهم أولاد الناصر ثم أولاد بوجمعة التي ستنزح فئة منهم إلى منطقة سيدي عبد الله في إطار عملية ” التعزيب” ثم اولاد بووشاون وحسب الروايات المتواترة فإنهم كانوا قد هاجروا إلى الأندلس في فترات معينة من التاريخ وأثناء رجوعهم عرجوا عن مدينة الشاون ومكثوا فيها مدة معينة قبل إلتحاقهم بموطنهم الأصلي بكبدانة وبذلك سموا بهذا الاسم .
وقد اشتهرت الجماعة منذ قرون بوجود مسجد تنملال الذي ضل ولازال يشكل جزءا من كيانها وتراثها وهويتها المحلية وجمعت بينهما علاقة جدلية وحميمية وعفوية لم تزدها الأزمان إلا رسوخا ولازالت الذاكرة المحلية تحمل عن هذا المسجد، العديد من الصور ا للامعة والمشعة المرتبطة بلحظات التحصيل المعرفي والعلمي في مختلف مناحي العلوم الشرعية فضلا عن لحظات العبادةوالذكر والقيام وحفظ القران وتأصيل ثقافة الخير وتكريس العادات المغربية الأصيلة القائمة على قيم التضامن والتأزر والمحبة والوفاء ولإخلاص والتسامح .
أما بالنسبة لعمر هذا المسجد فجميع الروايات والشهادات تتفق على انه يزيد عن قرنيين من الزمن بل تذهب أخرى أنه يقترب من ثلاثة قرون نظرا لقدم تعمير المنطقة .
أما بالنسبة لأصل التسمية فهناك بعض الروايات والتفسيرات المتباينة لمعنى اسم تنملال والتي استقيناها من الأهالي.
الجزء الأول : اماكن في الذاكرة المحلية ..مسجد تنملال
– التفسير الأول :يرى ان لفظة تنملال تعني بالأمازيغية بياض التربة ،هذه التربة التي تغطي جوانب كثيرة من طبوغرافية المنطقة وبالفعل لازالت بعض الحفر شاهدة على عملية استخراج الجبس وخوصا ان الصخور الغالبة على جبال كبدانة هي من النوع الكلسي والسجيلي والملحي …
– التفسير الثاني : يرى أن تنملال تعني بالأمازيغية مجموعة من المدارس والمفرد منها هو تنمل أي المدرسة ، إلى ان بعض الروايات المحلية تذهب بالقول أن تنملال كإسم وكمكان و كتجمع سكاني سابق عن المسجد اوالمدرسة يعني أن التسمية قديمة وبناء المسجد جاء في وقت لاحق الأمر الذي يجعل هذا التفسير قليل لأهمية .
وإلى جانب هذه الإفتراضات والتفسيرات يمكن ان أضيف إفتراض ثالث استنتجته من الدراسة التي قام بها الباحث والمؤرخ المغربي والناشط الأمازيغي علي صدقي أزايكو “الذي توفي سنة 1942” حول قرية تينمل التي اتخذها محمد بن تومرت الزعيم الروحي للموحدين عاصمة لحركته “سنة 1123م”،القرية التي تقع في جبال الأطلس الكبير جنوب شرق مدينة مراكش و التي سيشيد فيها عبد المومن بن علي الكومي خلف المهدي بن تومرت مسجد تينمل المعروف كذلك بمسجد الأعظم “سنة 1153م”،وفي سياق هذه الدراسة يقول علي صدقي أن النطق الصحيح لكلمت تينمل هو تينميلال والتى تعني بالأمازيغية المزار أو المحج والحرم والحرمة ،يعني المكان المقدس الذي تجتمع فيه القبائل لعقد المواثيق و العهودفيما بينها وهذا الطابع القدسي، هو الذي جعل ابن تومرت يختارها عاصمة لحركته ، أما مسجد تينمل فبني لاحقا ، وإذا وضعنا في الإعتبار أن جل الأعلام الجغرافية والبشرية وأسماء المواقع الأمازيغية لها نفس المعنى والدلالة، فيمكن ان نتساءل إلى أي مدى ينسحب هذا التفسير على تنملال كبدانة ،وخصوصا ان أهل كبدانة عرفوا بتقديسهم واحترامهم للعهود والمواثيق فهذا مولييراس يتحدث في كتابه” المغرب المجهول”ص 176 عن اهل كبدانة في القرن التاسع عشر فيقول “إنهم ورعون ويقدسون كل ما يرتبط من قريب أو بعيد بالدين ” ويعتبرون قبيلتهم موطناللإسلام ”
وأشير كذلك إلى أن بعض القبائل الأطلسية تسمي المدرجات التي يقيمها الفلاحون على سفوح الجبال لوقف عملية انجراف التربة بتنميلال .
اذن هذه التفسيرات والروايات تبقي افتراضات ليس إلا في غياب دراسات وأبحاث يمكن أن تثبت أو تنفي ذلك.
يتبع….. في الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لك أستاذي الكريم على هذه الإطلالة التاريخية الجديدة و هذه المرة على منطقة تينملال و بالاخص على معلمة حضارية و علمية لعبت دورا ثقافيا و دينيا و علميا لقرون و التاريخ يشهد لهذه المعلمة أنه تخرج منها أفواج من الطلبة حاملين لكتاب الله فمنهم تخرج الأساتذة و العلماء و الفقهاء فحقيقة هذه المعلمة تستدعي أكثر من وقفة فربما مقال أو مقالين تاريخيين لن يفيها حقها ..شخصيا لي كامل الشرف أنه قد سبق لي و كتبت مقالا تاريخيا عن هذه المعلمة و باعتباري أحد أحفاد المنطقة أرى أنه من الواجب على أبناء المنطقة و على المهتمين بالتاريخ الوقوف و النبش في تاريخ هذه المعلمة الحضارية لانه فيه إحياء لتراثنا و ذاكرتنا الذي سنورثه لأبنائنا و من ثمة لأحفادنا …أجدد لك التحية و التقدير أستاذي العزيز و سننتظر الجزء الثاني بشغف كبير
مرة اخرى نتقدم بالشكر الجزيل والعميق لاستاذنا المحترم الحسين اجعير عن هذه المعلومات القيمة حول مسجد تنملال والمنطقة ككل والسلام.
نشكر الأستاذ المحترم الحسين أجعير عن هذا البحث القيم على منطقة تينملال
مسجد تنملال مركز اشعاع و حظارة وعلم وفكر شكرا للاستاذ اجعير عن هذاالمجهود القيم وجزاك الله خيرا
شكرا للاستاذ الذي نبش في ذاكرةوتراث الاباء و الاجداد بكل احترافية ومنهجية اكاديمية وعلمية ونتمنى له التوفيق في عمله
نشكر الأستاذ الكريم اجعير على هذه الإطلالة التاريخية لهذه المعلمة الفقهية ٬ التي كان يقصدها الطلبة من القبائل المجاورة لحفض كتاب الله .
شكرا للاستاذ الفاضل السيداجعير الحسين على توضيحه لتنملال حياك الله ياابن الخير واطال الله في عمرك
شكرا للاستاذ الذي اطل علينا بهذه الاطلالة التاريخية لتغنينا عن الخطابات الانتخابوية التي صمت اذاننا غي هذه الايام
طريقتك في التعريف بالمنطقة ذكرتني بأيام الزمن الجميل. شكرا أستاذي الفاضل على المعلومات.
شكرا على مجهوداتك استاذنا الفاضل
ننتظر المزيد من مجهوداتك القيمة استاذنا الفاضل