تجربة خاسرة امتدت في التاريخ لعقود ،بمرها الأكثر رواجا بين ثنايا وطيات هذا الزمن الكئيب ،الموغل في الارتجالية ،وسوء الظن،وموجات من الغل والحسد الدفين والمعلن ،والنفاق الفاضح والمخجل.فكان لزاما على الحر أن لا يلين فيستكين،وإنما يعلن استنكاره لبؤس الحال، والمسير في المحال. وبديهي أن يلقى الشريف في مسيره وضيعا يقتفي أثره، ومعلوم أن الجاهل لا يورث إلا جهلا .وبالضرورة فإنه لا أمان .فإذا انقطع السلام فلا أمان .وجب إذن فك الارتباط لبعث أمل جديد في عيش متفرد يروم الحرية والانعتاق.
“حصاد الهشيم” لا أقول إنه شعر،وإنما توترات تقذف بحممها تجاه أحاسيس مزجت بتعس. فكان لزامـا أن تتواتر الكلمات موجعة ومستفزة ،ونابضة بفك الارتباط .فما كان للشنفرى أن يتغـنى بلاميتـه :
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى قوم سواكم لأميل
إلا لاستحالة التعايش مع قومه ، فتصعلك .فكان له الحق في ترك الآثميـن .
وإني إلى الشنفرى أميل حينا ** فأبغض القوم وأزدري الأنذالا
——————-
مرت علي السنين أحــوالا فحملت مـن الأثقــال أحمــالا
ورجــوت الله خيـر منصف يقينا شرور الخلق والأهوالا
من ظلم تطــايرت شحنـاته فولت علــى الـورى أسمــالا
حتى أضحى الربيع خريفا يجلي الكساء ويرخي سدولا
هكذا القوم صيروها خريفا وعاثوا فسادا مؤلما وعذولا
وإني أكره أن أكون مهانـا وإني أمقت أن أصير خـذولا
أزدري الذل كرها عظيمــا ولا أخـــال أن أكون عجـولا
أبسط اليد الطولى بسخاء وأميل بالرضـــا ميلا خجولا
أرى في الخير نبلا وفضلا وجـــاهـــا يعتلـــي الإكليـــلا
فلله در من سار في ضياء ومــال إلى الهدى ميلا قبولا
أصارع عن حق طال عمره ومال إلى ضياع وساء سبيلا
من طغمة تحكمت فتجبرت فنلــت منهــا شـــرا هطــولا
فتضورت من أحقاد ألامسها بين ثنايا العمر هولا جليــــلا
طوقوني بجرم منتهى أمره دفـــاع عن حق غـــاب أفولا
وتاه بين طيات الخبث عاليا تلاحقه أطماع خانت التنزيلا
وتشبعت بالحقد تجتث بـــه كل ذي حـــق خالـــوه دخيــلا
فرب دخيل حبلت به حـــرة رد أمانة كـــان عنها مسؤولا
ومشى صوب الصلاح مؤملا يرجو السلامة والرد الجميلا
وبئس القوم قد سيدوا آمرهم فضلوا الهدى وحبذوا التقبيلا
وساروا مع الطالحين ديدنهم تقرب الى من خالفوا الترتيلا
هم للشح أصحــــاب فضل وجـــاه قد مثلــــوه دليــــــلا
هم للذل أقرب من وريــــد بــــاعوا العـــز نزرا قليــــلا
فتاهوا في الغي جرم غافل تمسك بالدنـا فلاقــى وبــــالا
هم للخسة حبل واصـــــل قضـى لؤمــا وبؤســا مرذولا
هم الى الخوف ابلغ من يهود حرفوا التوراة وخانوا الانجيلا
هم الى الوحدة أبرد من يخ تراخـى كســلان دهرا طويـلا
بئس القوم تاهوا في ضياع فنسوا الجد واتبعــوا الخمــولا
عيروني بأصل شرفت أعراقه وتأصلت في المجد جيلا فجيلا
بأني امرؤ قد ضل خيــــاره فكالـــوني ظلما وحقدا ملــولا
فلست أدري ما الأمر أذنبته ولست مقترفــــا جرما عـذولا
إلا أني قد خبرت مراميهم فضقت منهــم ذرعــــا ثقيــــلا
فلم أك غير صاحب فضل تسامى سماحة وخيرا معسولا
فأجهش حين أشكو تبرما وقد عـــانيت من الأعباء جزيلا
وأسعد حين أرى تبسمـــا يجلي الهموم ويعـــاف الإشكالا
فتالله ما نال امرؤ سعي أمره وقد ملئ جوفــه غـــلا مخذولا
ووالله ما ربحت تجارة كائن أضحى للشيطـــان خلا خليــلا
وإني إلى الشنفرى أميل حينا فأبغض القوم وأزدري الأنذالا
******
فأميل عنهم وأظـــل ماشيـــا كغيلم كــــل فأضحى غاديـــا
ولست أبالي وقد لفتهم ضائقة ولست أدري كائنا منهم ألاقيا
كرهت كل جزر تراخت أمواجه فولت نكوصا وخابت أمانيــــا
تقززت النفس من نفوس آثمة تحــاكي الخبث جبلا عاديـــــا
واشمئزت من وجوه شح بريقها فتلونت كما الحرباء لاقت واديا
فظلت تقلب في الغاب زاهية بأطياف من ألوان حفزت حاديا
هكذا القوم قد خانوا ضمائرا فسنوا الخسة نهجـــا مغاليـــــا
اتخذوا الغش مسعى لمرادهم فاغتنوا من جوده كما وافيـــــا
أرض نالت من فيض موقعها وتربعت بين الحسنيين صافيـا
من مياه بحر أبيض فبحيرة توجت بمشاريع قد تسمو عاليا
بيد أن العدا لوثـــوها بجرم فنكسوا الأعلام وارتضوا ناديا
فلا الحكامة حكمـــوها دليلا ينيــر السبيل ويبعث هـــاديـــا
ولا الحساب علموا له حسابا يذهــل الخلق ذهـــولا ملاقيـــا
ولا الأخلاق جادت بها أنفس ملئت حقدا وإسفافـا واهيـــــا
فرب كريم حـــاربوه بخســة تحروها إثمـا وجرما معاديــا
وأخو الشقاوة سيدوه كريما فعــانقوه وقد أمـروه واليـــا
فهيهات أن ينساب الماء الى عل وبعدا لقــوم حكموا بـــاغيــا
******
وليت نفسي فخانني حدسي على خيار في الزمن المنسي
غــداة ضيـق عشنـــاه لظـى طـــوال سنيـــن ولــت بتعس
خيار خلته معيشــا زاهيـــــا يغنــي عــن البؤس والوكس
غير أن الغد نــاظره يولى محمــودا أو صــاحب نحــس
ما كان من بؤس ألفناه لظى يوقد بين جوانح رخوة اللمس
بيد أن الغد ناظره ذو حق يعلـو كما علت طــلائع شمس
فما نال امرؤ شرف العلا إلا بغلاب مــع أخــس الأخـس
حتى يستفيق الضال من غيه ليدرك معلوما غاب عن الحس
بأني امرؤ لا يستجير آثما ولا يقبل الظلم مــن أية نفـس
فتعالى ربي في علاه وقدره فقد جعل الحق آية في القدس
******
عجبا لمن يجحد زاد غيره ويرى فـي الظلم إمامــا للعداء
فيسلب من هذا حقا واجبا ويميل إلى ذاك بالمن والعطاء
فتراهم يقرون الخبث منهجا فيزيغون عن الحق والوفـــاء
وتراهم يغصبون المحق زاده وقد عموا عن صاحب الثنـاء
وتراهم لا يبخلون عن منكر فعلوه واسترسلوا في الجفـاء
فمحال أن يستقيم العود وظله إذا مال العـود وزاد في انحناء
ومحال أن يحل الأمر عنوة ففي ذاك نكــوص في استعلاء
هكذا علمــوا منـــا صدودا وعزمــا موقنـا بيوم الجــزاء
فما نــال امرؤ ثواب سعيه إلا بصـراع مستصـرخ الأصـداء
وما علا أمر إلا بجلال قدره وما الحق إلا من صاحب الرجاء
عبد الخالق مجدوبي.
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله مازال بقرية اركمان من يستطيع ان يعبر على وضع وصلت فيها القيم الانسانيةالى درجة من الانحطاط والاضمحلال باسلوب يغلب عليه مصطلحات تناولهاشعراء في العصر الجاهلي وبهذا قد يكون ارتبط هذا الواقع بالذي يعيشه واشاطره الراي واقول ما قاله ابو العلاء المعري لما رايت الجهل في الناس فاشيا تجاهلت حتى قد ضن اني جاهل واشكر الاخ المحتر م عن رده الاعتبار للكتابة الشعرية في زمن يكاد نفتقد فيه للغة العربية
فمحال أن يستقيم العود وظله إذا مال العـود وزاد في انحناء
الذروة والنزع الاخير.مرحلة التصديق والتسليم.ما اجمل ان ننهزم هكذا يا شاعر.ان قصيدتك استثمار رائع لحقد قديم.كلما جلوت صدأه شع ذهبا وتلألأ..
واصل بألق ان شاء الله.واننا في انتظار جديدك.
أشكرك أخي محمد على مرورك وعلى تعليقك الشيق . إن العيش وسط ظروف عمل شاقة ،سببها تدبير بشري أعوج لسنوات عديدة ، يستفزك لا محالة، كما يستنفرك لتواجهه بما أوتيت من أدوات المنازلة . وإن القلم لسياط يجلد به كل من ساهم في إزهاق حق أو نخر التعايش بهجر الصدق والوفاء،إلى أمراض قلبية مشينة. لذلك تنتعش الكلمات لصد كل لئيم أراد أن يتحكم فيك بجهله وجبروته ونقصه الدفين الموغل في الغل والحسد.بارك الله فيك أخي محمد .
أما أنت يا خالد،فقد خلدت بشهادتك هذه، في بضع كلمات ثمينة ، ما أثلجني .
نعم ، إن البيت الذي راقك،تنزيل حقيقي لواقع مؤلم نتعايش وسطه مكرهين .لذلك فتدبير الشأن عندنا يزداد في انحناء ونكوص بسبب المدبر الذي نكص على عقبه،وترك الشأن المحلي يميل أفولا .
تحياتي إليك يا أباأحمد.حفظك الله وحفظ الاسرة الكريمة.
بسم الله الرحمان الرحبم
تحياتي استاذ المجدوبي.قصيده رااعه تصوير لهذا . الزمن الغابر راايس لا ضمير له وشعب لا حول له. ولك الحق ان تشتاق الى عالم الصعاليك فارجوك ان كنت ذاهبا اليهم فخني معك.