قلم – يوسف زعناني – هولاندا
يتوزع الناطقون بالامازيغية على مساحة جغرافية شاسعة تمتد من جزر الكناري بالمحيط الاطلسي الى واحة سيوة بمصر, ومن البحر الابيض المتوسط الى النيجر ومالي. ويتشكلون في مجموعات بشرية تتفاوت كثافتها من منطقة لاخرى. على ان اكبرمجموعة بشرية منهم توجد بالمغرب.ويتواصل الامازيغيون فيما بينهم باللغة الامازيغية التي يصفها الاستاذ الشامي بانها اللغة الام والاصلية .
ورغم قدم اللغة الامازيغية تاريخيا واحتكاكها مع حضارات قديمة وحديثة ,فانها استطاعت ان تحافظ على وجودها وكيانها ,يقول حسن ايد بلقاسم : ” ورغم نزوح جماعات متنوعة الى شمال افريقيا فان اللغة والثقافة الامازيغية استمرت حية وسط الشعب الامازيغي طيلة الاف السنين ولم تنقرض رغم ان لغة السلطة كانت دائما ذات بريق جذاب “
والاهتمام بالامازيغية ليس حديث العهد , بل يعود الى عهود سحيقة في التاريخ , اذ عرف الامازيغ الكتابة بفضل خطهم المتميز ” تيفيناغ ” , مما يؤكد انهم كتبوا وابدعوا في مجالات كثيرة , الا ان يد الزمان اتت عليها . وعن هذه الابجدية يقول الاستاذ محمد الشامي : ” هي اول كتابة استعملت من طرف ايمازيغن – توارك- ومازالت حية حاليا بمجال جغرافي شاسع يمتد من نيجيريا الى الاطراف الجزائرية –الليبية ومن الهوغار الى النيجر.”
وما دامت هذه الابجدية الامازيغية قد وجدت منذ عصور قبل الميلاد – منذ القرن السادس قبل الميلاد – فان ايمازيغن دخلوا التاريخ وعرفوا الحضارة , ذلك ان المؤرخين يعتبرون الملك ” جوبا الثاني ” من اهم المفكرين المغارية الكبار في العصر القديم , فقد كان عالما في النبات . يؤكد ذلك زيارته للمنطقة الجنوبية بسوس حيث درس بها بعض النباتات والزهور وسمى احداها – اثوربي – نسبة الى طبيبه وتذهب الدراسات الى ان جوبا الثاني كان يملك خزانة عظيمة من الكتب تسمى ” لابيكا ” لكنها اندثرت وفي نفس السياق يقول حسن ايد بلقاسم :” ان النهضة والازدهار الذي شهدته شمال افريقيا تحت قيادة الزعيم – ماسين يسن – لابد ان يكون قد شمل الثقافة واللغة ومختلف جوانب الابداع ” .
ولم يقتصر دور اللغة الامازيغية على الجانب الابداعي فقط , بل تعداه الى الجانب الديني كذلك . بحيث كان لها الفضل الكبير في نشرالدين الاسلامي في شمال افريقيا لتنقله بعد ذلك الى ربوع اروبا وافريقيا وفي هذا الشان يقول محمد شفيق :” ان بقاء هذه اللغة على قيد الحياة ,لمن دواعي الفخر والاعتزاز لانها تكون اقدم عنصر من الارث الذي ورثناه عن اجدادنا وهي لا تزال نشيطة تواكب اللغة العربية في وئام تام ,تؤازرها في تعميق الوعي الديني كما ازرتها فيما مضى في ربوع اروبا وافريقيا ,بدليل ان اسماء الصلوات في بوادي كل من السينغال ومالي والنيجر وتشاد هي ” تيفاوت ” لصلاة الصبح و ” تيزووري ” لصلاة الظهر و” تاكوصين ” للعصر و” تيووشي” للمغرب و” تييضس” للعشاء .”
وهنا لا نحتاج الى قراءة التاريخ المغربي عامة والامازيغي خاصة في عهد الامبراطوريات التي حكمته للتاكيد على ان اللغة الامازيغية كانت لغة الدين الاسلامي , كما كانت لغة الحضارة , فالموحدون كان لهم الفضل الكبير في هذا المجال وخاصة في عهد ” المهدي بن تومرت” الذي كتب عددا من الكتب باللغة الامازيغية وجعلها الى جانب العربية لغة رسمية ويبدو ان المحفوظات الدينية التي لا تزال يرددها الامازيغ شفويا ترجع الى عهده .
ورغم الدور الرائد الذي قامت به هذه اللغة والذي لا يستطيع احد تجاهله – الا من كان جاهلا بتاريخ هذه الامة – فانها لا تزال تعاني من تهميش قاتل ومزمن , مما يجعل مهمة النهوض بها صعبة خاصة وان المثقفين هم اول المتحاملين عليها بحيث ينادون باماتة اللغة والثقافة الامازيغيتين . ونشير في هذا السياق الى مثقف كبير له وزنه داخل الساحة الوطنية والعربية وهو معروف بعدائه الشديد للغة الامازيغية ,انه الدكتور محمد عابد الجابري الذي دعا الى العمل على اماتة اللهجات البربرية ومحوها من البيت والمدرسة. بجانب مطالبة مثقف اخر بقمع ” كل من يدعو الى الامازيغية”.
ان اصحاب هذه المواقف قد عبروا عن نزعاتهم الايديولوجية وخلفياتهم السياسية التي ترفض التعامل مع المكونات الثقافية والحضارية المغربية بالروح الديموقراطية. وعلى نقيض هؤلاء خطا بعضهم خطوات مهمة عن وعي منهم باهمية الثقافة الامازيغية فمحمد جسوس يقول ” وبالنسبة لي , فالطعن في التراث الامازيغي لايقل خطورة عن الطعن في الاسلام , وهذا من باب القناعة العميقة وليس من باب الديماغوجية الظرفية.” او ما قاله عبد الله زريقة :” لماذا كلما تحدثنا عن الثقافة المغربية لا نتحدث الا عن اللغة العربية مع انها لم تكن شاملة ومهيمنة في المغرب منذ تاريخ الفتح الاسلامي ببلادنا وقبله.”
بعض الباحثين الاخرين سامحهم الله يعتبرون المسالة الامازيغية في عمقها ليس مجرد قضية مطالبة بحقوق لغوية اوثقافية وانما هي دعوة الى الطائفية وهذا الراي لا يدعمه التاريخ الامازيغي على الاطلاق , سواء في الماضي او الحاضر لان الامازيغ لم يكونوا ابدا عنصرا من عناصر التفرقة والتجزئة والطائفية , بل عملوا ويعملون دائما على تكريس الوحدة في ظل التعدد , ويكفي ان نستحضر في هذا السياق موقفهم الشجاع من الظهير البربري الذي استصدرته فرنسا سنة 1930 في مكر ودهاء ,والذي كانت تسعى من ورائه نهج سياسة ” فرق تسد “. وعن هذا الموقف يقول علال الفاسي : ” لقد وقف البربر المراكشيون من موقف بلادهم الموقف المشرف الذي لا يماثله موقف , فاستبسلوا في الدفاع عن وطنهم بصفة تستحق الاعجاب , وبزغ في وسطهم ابطال رفعوا اسم المغرب عاليا مثل موحا وحمو الزياني ومثل ” سيدي رحو والامير عبد الكريم ” وحدو وزايد وغيرهم ممن اعترف الفرنسيون انفسهم بقوة شخصيتهم وعظمة ايمانهم بقومهم ووطنهم .” ويضيف قائلا ” وهل يعقل ان يقبل شعب مجيد مثل شعب الامازيغ استعمارا بغيضا كالاستعمار الفرنسي …”.
هل هذه الانسية المغربية تتركب من الامازيغ والعرب فقط ام ان هناك من سيدخل من الشمال الى المغرب بعد سقوط اخر امارة في الاندلس عام 1492 م ومن هم هولاء القادمون الجدد ؟ وماذا حدث سنة 1497 م ؟ .
المراجع المعتمدة :
نشرة اللهجات – مقاربة معجمية – لعبد الكريم بوضع .
محمد شفيق حول المعجم الامازيغي ,سلسلة اعلام الثقافة الامازيغية -1995- ص : 72
سليم شاكر – اهمية اللغة في تحديد الهوية الامازيغية-تاسافوت ,اكتوبر, نونبر , 1993 ص :5
محمد الشامي – الوضعية اللسنية في المغرب , مجلة الزمان المغربي العدد 5 -1981 ص 36
تحية خاصة لصاحب المقال على مجهوده وغيرته للتعريف بالهوية الأمازيغية ، ولقد كان مصيبا وحكيما فيما تناوله .
لدي ملاحضات بسيطة وهي لإثراء الموضوع أكثر ، هو الملك الأمازيغي المذكور في المقال إسمه الحقيقي هو ” يوبا ” وليس جوبا كما تحاول الكتب الرسمية تحريفه ، وكذلك فمكتبته ” ليبيكا ” والتي يصفها العديد من المؤرخين أنها أكبر مكتبة بالتاريخ ، وقد كان هو كذلك كاتبا وعالما لع العديد من المؤلفات ويعتبر أول من إستحدث الخرجات الإستكشافية العلمية حيث زار الجنوب وكذا زار جزر كاناريا وقام بدراسة الحيونات والنباتات وتوثيقها .
الملاحضة الثانية هي حديثك عن الظهير الملكي أو ما يدعى بالظهير البربري والذي كان مطية لعملاء الإستعمار للبروز للواجهة ، وأظنك مثل كل من يتحدث عنه لم تقرأه ولم تضطلع عليه فهو قانون ينظم ويدون الأحكام العرفية في القبائل ولم يكن يوما قانون للتفريق ، والتفريق هو ما حدث حينما دخل المستعمر بين أهل فاس الذين إستقبلوه بالورود والزغاريد وأهل القبائل الذين إستقبلوه بالبارود والمقاومة
الإختلاف لا يفسد للود قضية. معا لخدمة الوطن ونبذ الفتنة والشقاق
azul khak awma nat9adach min tagid swatas ntatar atrnid m9al nadni bach iwdan adsnan tarikh nsan tahya itghi wzaio magha ini tahtaman zi tarikh tmazight
ان بقاء هذه اللغة على قيد الحياة ,لمن دواعي الفخر والاعتزاز لانها تكون اقدم عنصر من الارث الذي ورثناه عن اجدادنا وهي لا تزال نشيطة تواكب اللغة العربية في وئام تام ,تؤازرها في تعميق الوعي الديني