يفترش عشرات الشباب والقاصرين الأرض تحت القناطر والبنايات المهجورة في مدينة بني أنصار إقليم الناظور، على أمل الوصول إلى مدينة مليلية المحتلة. ينامون في العراء، يواجهون الجوع والمطاردة، ولا يفصلهم عن الضفة الأخرى سوى بضعة كيلومترات، وكثير من الألم.
في هذا السياق، وصل هؤلاء الشباب إلى مدينة بني أنصار، التي يطلق عليها “باب أوروبا”، من مدن مغربية مختلفة، حاملين أحلاما بسيطة بمستقبل أفضل. بعضهم قضى أسابيع في الانتظار، يتنقل بين أماكن مهجورة، ويتعرض لمضايقات واستغلال، في غياب شبه تام لأي دعم مؤسساتي أو تدخل إنساني.
وبالنظر إلى هذا الواقع المتفاقم، تحولت بني أنصار تدريجيا إلى محطة عبور معقدة، تعكس عمق أزمة الهجرة غير النظامية في المنطقة. ومع تزايد أعداد المهاجرين، تزداد التوترات، وتكثر الشجارات، وتغيب الحلول. يقول أحدهم: “نحن هنا منذ أيام، ننتظر فرصة للعبور.. لا أحد يهتم بنا.”
من جهة أخرى، فإن هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون على هامش المدينة وتحت وطأة الانتظار، لا يشكلون فقط مشهدا إنسانيا مؤلما، بل يعكسون أزمة بنيوية تتجاوز حدود بني أنصار.
وفي ظل غياب المقاربة الشاملة، التي تجمع بين البعد الأمني والاجتماعي والإنساني، تتحول المدينة إلى نقطة توتر دائمة، ومسرح لمعاناة تتكرر دون حلول ملموسة.
وعلى ضوء ذلك، تتصاعد الانتقادات الموجهة للسلطات المحلية والمركزية، التي تتهم بالتقاعس عن توفير الحد الأدنى من الحماية والرعاية لهؤلاء الشباب. كما أن غياب التنسيق بين الجهات الأمنية والاجتماعية يفتح المجال أمام شبكات التهريب والاستغلال، ويزيد من هشاشة الوضع العام.
وأمام هذا الوضع، تحولت مدينة بني أنصار إلى مرآة تعكس فشل السياسة الحكومية، وتطرح سؤالا مؤجلا: من يحمي هؤلاء الشباب والقاصرين؟ ومن يملك الجرأة السياسية لوضع حد لمعاناة تتكرر كل ليلة تحت القناطر؟.








