بديع الحمداني
قالت صحيفة “لوبوان” الفرنسية إن الملك محمد السادس وجّه في خطاب العرش الأخير، نداء مباشرا إلى “الأشقاء في الجزائر”، مشددا على تمسكه الراسخ بسياسة اليد الممدودة، انطلاقا من قناعة عميقة بوحدة شعوب المنطقة، وذلك في لحظة سياسية مشحونة.
وأضافت الصحيفة الفرنسية في هذا السياق، بأن العاهل المغربي اختار أن يرفع راية الحوار الإقليمي موجها رسائل واضحة إلى الجزائر، رغم تمسكها بموقف القطيعة، ورغم الجمود الدبلوماسي الذي يطبع علاقاتها مع المغرب وفرنسا على حد سواء.
وأشار تقرير “لوبوان” إلى أن الرباط تواصل نهجا استراتيجيا يقوم على فتح قنوات الحوار دون التراجع “قيد أنملة” عن قضية الصحراء، إذ يصر الملك على موقف حازم منفتح، داعيا إلى “حلّ لا غالب فيه ولا مغلوب”، معتبرة أن هذه الرسائل الملكية ليست موجهة فقط إلى الجزائر، بل أيضا إلى الحلفاء الغربيين، في ظل تزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي أصبحت تحظى بإسناد متنام على المستوى العالمي.
كما لفتت الصحيفة في ذات التقرير إلى أن المغرب لا يستغل الخلاف الفرنسي-الجزائري، بل يتحرك وفق أجندته الدبلوماسية الخاصة، مؤكدة أن الرباط باتت تقود المبادرة السياسية في المنطقة، في مقابل عزلة جزائرية متزايدة.
وبخصوص اليد المغربية الممدوة للجزائر، قالت الصحيفة في تقريرها إن هذه البادرة تتكرر منذ 2021، لكن لم تجد أي صدى، مضيفة أن “القناة الثنائية مغلقة، ولا يوجد أي سفير جزائري في الرباط، والقطيعة شاملة”، مشيرة إلى أنه “ومع ذلك، يواصل الملك تمسكه بسياسة اليد الممدودة، وهو ثبات أعاد تأكيده في خطاب العرش لعام 2025. لكن الجزائر لا تحيد عن موقفها المتصلب، والذي يزداد حدة بسبب قربها من جبهة البوليساريو”.
وأضاف المصدر نفسه أن التوتر مع الجزائر انتقل إلى مجالات غير تقليدية، مشيرة إلى هجمات سيبرانية استهدفت مؤسسات حيوية مغربية في أبريل 2025، نُسبت إلى قراصنة مرتبطين بالجزائر، وصفتها الرباط بأنها “جريمة إلكترونية ذات دوافع جيوسياسية”، خاصة أنها تزامنت مع تجديد واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.
وشددت “لوبوان” على أن قضية الصحراء تبقى محور الخلاف الجوهري بين الرباط والجزائر، مبرزة أن المغرب يسيطر على معظم أراضي الإقليم، في حين تواصل الجزائر دعم جبهة البوليساريو المطالِبة باستفتاء تقرير المصير، رغم تجميده منذ اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991.
وأكدت الصحيفة أن خطاب العرش أعاد التأكيد على تمسك المغرب بحل سياسي دائم تحت السيادة المغربية، في إطار مبادرة الحكم الذاتي، التي أصبحت تحظى بدعم 116 دولة من أصل 193 عضوا في الأمم المتحدة، في حين لا تعترف 85 بالمائة من الدول بـ”الجمهورية الصحراوية”.
هذا وأشارت “لوبوان” إلى تسارع الدعم الأوروبي للموقف المغربي، خصوصا بعد إعلان كل من إسبانيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وأخيرا البرتغال، دعمها الواضح لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرة أن الرباط تسير على نهج دبلوماسي ثابت، لكنه منخرط في توازنات إقليمية جديدة وقائمة على منطق القوة الناعمة والمبادرة الاستراتيجية.