عبد الرحيم الهاني
زيو والماء الصالح للشرب
في مدينة زايو، الماء الذي يقال إنه “صالح للشرب” هو في الحقيقة سبب للقلق اليومي، ماء قاس، مثقل بالكالكير، بطعم ترابي ورائحة غريبة تتغير من حين لآخر، وكأنها تذكرنا بأننا نشرب ماء غير موثوق، ما يثير الغرابة أكثر من الطعم والرائحة، هو الصمت، صمت الجهات المسؤولة، وصمت العادة التي جعلت السكان يتأقلمون مع الضرر وكأنه قدر مكتوب.
كيف يمنح الماء صفة “صالح للشرب”؟ ما المعايير التي تجعل من ماء يترك طبقات من الكلس على الغلايات والحنفيات، ويعكر مذاق الشاي والقهوة، ماء آمنا؟ في مدينة زايو، لم يعد الماء من الصنبور خيارا مريحا، كثير من الناس فضلوا التنقل إلى العيون الطبيعية أو اقتناء قنينات الماء المعلب، رغم غلاء ثمنها، فقط من أجل شربة ماء بلا ضرر.
الآثار الصحية لفساد جودة المياه لا تظهر فورا، لكنها تترسب في الأجساد بصمت.
ارتفاع نسبة الكالكير في ماء زايو يؤدي إلى إرهاق الكلى، اضطرابات هضمية، وتغيرات في التوازن الكيميائي داخل الجسم، الطعم والرائحة المزعجة قد تكون مؤشرات على وجود شوائب عضوية أو مواد ملوثة دقيقة، بينما الأطفال وكبار السن يدفعون الثمن مضاعفا، في كل بيت، بات شرب الماء يشبه مقامرة صحية.
وفي السنوات الأخيرة، بدأ سكان زايو يلاحظون ارتفاعا مقلقا في حالات الإصابة بأمراض الكلى.
المراكز الصحية تسجل تزايدا في مرضى القصور الكلوي وتكون الحصى، ومرضى يحتاجون لتصفية الدم أو تدخلات طبية مزمنة، الكارثة أن هذا الارتفاع لا يقابله تحقيق علمي أو حملات توعية، بل يقابل بنفس الصمت والإنكار المعتاد. الماء الذي يفترض أن يكون شريان الحياة، أصبح خنجرا صامتا يطعن في الكلى.
في هذا المناخ، ازدهرت تجارة فلاتر الماء، وتحولت إلى سوق موازية تعكس فقدان الثقة في المؤسسات المشرفة هلى هذه الخدمة العمومية.
لا يكاد يخلو حي من فلاتر متعددة الأحجام والأنواع، من لم يستطع الشراء، أصبح يركب سيارته للعيون أو يغلي الماء كما في زمن الجدات، أين المسؤولين من هذه الأزمة؟ وأين المراقبة والمسؤولية؟ وهل أصبحت جودة الماء مرتبطة بالقدرة على الدفع بدل الحق في الحياة؟
الماء ليس ترفا.
الماء حياة.
وفي زايو، الحياة أصبحت مكلفة أكثر مما ينبغي.
“زايو” لا ماء لا هواء لا تجارة لا حياة …… معادلة صعبة للعيش فيه ، لأن الحرص على مقاعد السياسين واللعب في دهاليز اللعبة الإنتخابية الأوحدية جعلت من زايو قطب منسي في الحاجيات التنموية ، كما أن التقطيع السياسي لدائرة زايو جعلته حي كبير تنعدم فيه مساحات الإستثمار ، فقد عرف منذ أواخر التسعينات إنغلاقا إقتصاديا لا يجدب المستثمرين ولا يحاول البحث عن آليات الإنفتاح . خير دليل على عدم المصادقة على إنشاء مركب ثقافي ، وغلق باب الدعم للجمعيات النشيطة ، وغيره….. وزد على ذلك أن زايو تعيش تهميشا ممنهجا في جميع المجالات والميادين ، بالرغم من أن أبناءها المرموقين في مناصب عالية لا يستطيعون المساهمة في الرفع من مردودية بحكم ” التسيير الأوحد” والمنغلق على ذاته ،
تحياتي أخي الهاني على مقالك الذي نبش في ما لا يمكن النبش فيه ، إلى الامام