في إطار جهودها لتنظيم قطاع التمويل الأصغر وتعزيز الشمول المالي، أقرت الحكومة المغربية مؤخرًا مرسومًا جديدًا يحدد الحد الأقصى للقروض الصغيرة التي تمنحها مؤسسات التمويل الأصغر، سواء للأفراد أو للمقاولات الصغيرة جدًا، بهدف تحسين ولوج الفئات الهشة إلى التمويل، وضمان استخدام القروض في تمويل أنشطة مدرة للدخل، بدل الاستهلاك غير المنتج.
تفاصيل المبالغ
وفقًا للمقتضيات الجديدة، تم تحديد سقف القروض الممنوحة للأفراد في 50 ألف درهم لتمويل الأنشطة أو الخدمات الخاصة بذوي الدخل المحدود، و100 ألف درهم كحد أقصى لتمويل اقتناء سكن.
كما تم تحديد سقف 150 ألف درهم لتمويل المشاريع الصغيرة بالنسبة للمسجلين في السجل التجاري أو الحاملين لصفة مقاول ذاتي.
أما مؤسسات التمويل ذات الطابع البنكي، فقد أصبح بإمكانها منح قروض تصل إلى 1.2 مليون درهم، في إطار برامج موجهة للمقاولات الصغرى التي تندرج في الاقتصاد غير المهيكل وتحتاج إلى موارد مالية أكبر لبلورة مشاريعها وتوسيع أنشطتها.
السقف الخاص بالإيداع
كما حدد القرار الجديد أسقف الإيداع لدى مؤسسات التمويل الأصغر، بحيث لا يتجاوز10 ملايين درهم للأموال المودعة من لدن الأشخاص الذاتيين الذين يمارسون أنشطة مدرة للدخل مهيكلة (مثل المسجلين في السجل التجاري، أو في التعاونيات، أو المقاولين الذاتيين، أو الخاضعين للرسم المهني).
كما لن يتجاوز المبلغ 2 مليون درهم للمشاريع الفردية غير المنتظمة، و400 ألف درهم لحسابات الادخار العادية.
تأثير مباشر وتحديات
يرى محللون اقتصاديون أنه من شأن هذا القرار أن يحدث تحوّلًا في طريقة تدبير التمويلات الصغيرة، إذ يمنح للأفراد والمقاولين الصغار إمكانية الوصول إلى مبالغ مناسبة لاحتياجاتهم، دون تعريضهم لمخاطر الإفراط في الاستدانة.
كما يتوقعون أن يُسهم هذا التنظيم في تشجيع الاستثمار الفردي والمقاولاتي، خاصة في الأوساط القروية والهشة، وكذا تعزيز الشفافية في التعاملات المالية بين المقترضين ومؤسسات التمويل، إضافة إلى توسيع نطاق التغطية المالية وتسهيل الولوج إلى خدمات مالية مهيكلة، وأخيرا تقليل لجوء الأفراد إلى السوق غير النظامي أو القروض ذات الفوائد المرتفعة.
وعموما، ورغم إيجابية هذه الخطوة، إلا أن بعض التحديات ما تزال قائمة، يضع مراقبون على رأسها ارتفاع معدلات الفائدة التي ترافق هذه القروض، والتي قد ترهق كاهل المستفيدين في غياب دعم مواكب أو تأطير مالي.
كما يحذرون من الحاجة إلى تعزيز التكوين والتحسيس وسط المستفيدين لضمان استخدام القروض بشكل سليم ومنتج، مع ضرورة ضمان رقابة صارمة على مؤسسات التمويل لتفادي أي تجاوزات في الشروط أو العقود.
ومن المرتقب أن يُساهم هذا القرار، بشكل عام، في تعزيز دينامية الاقتصاد المحلي وتحقيق اندماج أفضل للفئات الهشة في الدورة الاقتصادية، شريطة استكمال هذه الإجراءات بتدابير مواكبة على مستوى التكوين، التوجيه، والحماية المالية للمقترضين.