بقلم الدكتور محمادي لغـزاوي
تقديم
من منا لم يصادف يوماً موقفاً يُفاجَأ فيه بإشارة من شرطي أو دركي يطلب منه التوقف؟ بعد التحية بأدب يطلب منك الدركي وثائق السيارة ليخبرك أنك ارتكبت مخالفة تتعلق بتجاوز السرعة. كثيراً ما يتم عرض شاشة جهاز الرادار المحمول لتُثبت أن السائق كان يسير بسرعة تتجاوز المسموح به، قبل تحرير محضر المخالفة والمطالبة بأداء الغرامة. غير أن ما يثير تساؤلاً مشروعاً هو غياب أي تشوير أو علامة مسبقة تُنذر بوجود مراقبة بالرادار، وهو ما يجعل المخالفة، وإن بدت قانونياً مثبتة، محل نقاش من حيث مشروعيتها القانونية والإجرائية.
الإشكالية: الرادار دون تشوير… قانوني أم لا؟
ما يستدعي التأمل في هذه الممارسة هو الاختباء المتعمد لبعض رجال المراقبة الطرقية خلف الأشجار أو في مواقع يصعب رؤيتها من طرف السائقين، أو دون أي إشعار على الطريق بوجود مراقبة رادارية. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يجوز قانوناً ضبط مخالفة سرعة دون سابق تشوير؟ الجواب نجده في المادة 192 من مدونة السير المغربية، التي تنص بوضوح على ضرورة التشوير المسبق قبل القيام بأي مراقبة مرورية، سواء داخل المدن أو خارجها. ويجب أن يتم هذا التشوير بواسطة لوحات مرورية رسمية وفق مقتضيات تنظيمية دقيقة، على أن لا تُجرى المراقبة في الأماكن الخطرة كالمُنحدرات، القناطر، الأنفاق، أو المنعطفات. بل إن المقتضيات التنظيمية توضح أكثر أن المراقبة يجب أن تُسبق بإشعار على بعد 200 متر على الأقل في كلا الاتجاهين بالنسبة للمراكز الثابتة الدائمة، و100 متر للمراكز غير الدائمة.
من الوقاية إلى المباغتة: انزياح عن روح القانون
إن المراقبة بالرادار لم تُشرّع، في الأصل، لتصيّد المخالفين أو إيقاعهم في كمائن. بل الغاية الأساسية منها هي الوقاية من حوادث السير، وهذا ما أكده حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش سنة 2023، قضى ببطلان محضر مخالفة تم تحريره في غياب التشوير. المحكمة خلُصت إلى أن استعمال الرادار ينبغي أن يكون وسيلة للتحسيس والردع، لا فخاً لاصطياد المخالفين.
ثغرة في مسطرة المنازعة: الحق موجود والتنزيل غائب
قد يُقال إن المادة 230 من مدونة السير تتيح لكل مخالف الحق في الاعتراض على المخالفة داخل أجل 15 يوماً، سواء أمام العون الذي حرّر المحضر، أو أمام النيابة العامة. لكن الإشكال أن هذه الإمكانية تبقى نظرية أكثر منها عملية، في ظل غياب مسطرة مبسطة واضحة، ما يدفع بالمواطن في أغلب الأحيان إلى أداء الغرامة تحت ضغط الوقت والإجراءات، الأمر الذي يُعتبر إقراراً ضمنياً بالمخالفة، ويُصعب بالتالي إمكانية الطعن فيها لاحقاً.
دعوة إلى تقنين عادل وشفاف
لا أحد ينكر أهمية الردارات في ردع السرعة الزائدة والمساهمة في السلامة الطرقية. ونؤكد في هذا السياق أن لا أحد يُعارض الصرامة في تطبيق قانون السير إذا كان الهدف هو حماية الأرواح. لكن في المقابل، لا يمكن التساهل مع ممارسات خارجة عن مقتضيات القانون نفسه، خاصة إذا تعلق الأمر بغياب التشوير أو استغلال نقاط ضعف في المسطرة الشكلية. من هنا، نوجّه دعوة صريحة إلى جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها الفاعلون في المجال القانوني والتشريعي، للتدخل من أجل:
– توضيح الإطار القانوني لاستعمال الرادارات المتنقلة والمخفية.
– فرض التشوير الإلزامي والموحد قبل أي مراقبة رادارية.
– إصلاح مسطرة المنازعة وتبسيطها لتكون فعالة وسهلة الولوج.
إن بناء الثقة بين المواطن والإدارة يمر عبر احترام القانون من كلا الطرفين. وكما يُطلب من السائق احترام السرعة القانونية، فإن من الواجب أيضاً على من يُطبّق القانون أن يخضع للضوابط والإجراءات القانونية، دون انتقائية أو تأويل مجحف.
في الختام ، نحن في حاجة إلى عدالة مرورية قائمة على الشفافية، لا على المباغتة. فسلامة مستعملي الطريق هدف سامٍ لا يحق أن يُستعمل كذريعة لتجاوز النصوص القانونية أو تشويهها. إن الرادار أداة رادعة، نعم، لكنه يجب أن يشتغل في إطار واضح ومنظم، بما يحفظ حقوق السائقين، ويصون هيبة القانون، ويعزز ثقافة الطريق لدى الجميع.
نعم يجوز للشرطي اذا كان المخالف للقانون في المدينة ليس بالضرورة ان يكون هناك تشوير اذا كان الرادار متنقلا وكذلك الشأن بالنسبة للدرك الملكي خارج المدينة اما اذا كان الرادار سواء داخل المدينة أو خارجها اذا كان ثابتا فلابد من التشوير في بعض الأماكن نجد بلاكا مكتوب فيها احذر الرادار
الغرض الاساسي من الردارات بالمغرب هو جمع المال فقط لا غير لذلك لا يترك لك مجال للطعن لان المساطر معقدة وطويلة وفيها خسران المال والوقت بدون اي طائل.الغاية غير اخلاقية وغير قانونية والمطلوب منه تطبيق القانون هو من يخرقه وهو من يعاقبك على خرقة
الجانب الربحي يطغى على كل شيء. سؤال كم تذر المخالفات على خزينة الدولة. لا اريد جوابا لان في السؤال جواب