اظهرت احصائيات رسمية اسبانية تصدر اسماء ذات اصول مغربية، ضمن الالقاب العائلية الاكثر شيوعا بين سكان مدينة سبتة، ما يعكس امتدادا ديمغرافيا وثقافيا يربط المدينة بمحيطها المغربي بشكل واضح ولافت.
وبحسب بيانات المعهد الوطني للاحصاء باسبانيا برسم سنة 2024، فان اسم “محمد” يسجل كلقب اول لدى 7750 شخصا، ويظهر كلقب ثان لدى 7479 شخصا اخر، بينما يحمل 1731 شخصا الاسم المركب “محمد محمد”، متقدما بذلك بفارق كبير على باقي الالقاب المتداولة في المدينة، من بينها “احمد”، “عبد السلام”، و”غارسيا”.
ويمنح هذا التوزيع الاسمي، الذي لا يشبه ما هو سائد في اسبانيا، سبتة ملامح ديمغرافية اقرب الى مدن الشمال المغربي، مثل تطوان والفنيدق والمضيق، حيث تنتشر الالقاب ذاتها ضمن النسيج المجتمعي المحلي. وتضم قائمة الاسماء الشائعة في سبتة ايضا “بنعلي”، “عزوزي”، “ابركان”، و”وحدوشي”، وهي القاب معروفة في مناطق الريف وجبالة.
ولا يفصل عدد من المتابعين بين هذه المؤشرات وبين التاريخ الطويل من التواصل السكاني والاسري بين سبتة المحتلة وما يجاورها، خاصة ان جانبا كبيرا من سكان المدينة يعود باصوله الى عائلات مغربية مستقرة هناك منذ عقود، او الى موجات استقرار تعود لفترات ما قبل الاستقلال.
وفي الوقت الذي تسجل فيه اسبانيا على المستوى الوطني انتشارا واسعا لاسماء مثل “غارسيا”، “رودريغيث”، “غونثاليث” و”فرنانديث”، تبدو سبتة المحتلة خارج هذا السياق، باحتفاظها بتوزيع اسمي يعكس خصوصيتها السكانية والثقافية.
كما يشير مراقبون الى ان تواتر الاسماء المغربية لا يرتبط فقط بالهوية الدينية او التاريخية، بل يعبر كذلك عن بنية اجتماعية لا تزال وفية لمرجعها الاصلي، رغم التحولات القانونية والادارية التي عرفتها المدينة.
ويلاحظ ان اسم “محمد”، الذي يستخدم في المغرب كلقب شخصي، اصبح يسجل في سبتة كاسم عائلي، في تفاعل مع نظام التسجيل المدني الاسباني.
لكن هذا التغيير في البنية الشكلية لم يؤثر على مضمون الانتماء، بل ساهم في بروز هوية مغربية ظاهرة حتى في الوثائق الرسمية.
وفي ظل غياب نقاش واسع داخل اسبانيا حول دلالات هذه الارقام، يربط عدد من الفاعلين المحليين في الضفة الجنوبية للمضيق بين هذه المؤشرات وبين استمرار حضور مغربي صامت لكنه راسخ في الحياة اليومية لمدينة سبتة، بما في ذلك اسماء السكان، وعاداتهم، وروابطهم التي تتجدد في كل التفاصيل، في سياق لا توجد فيه حدود برية بيننا.
وبين تقارير الاحصاء وخرائط الهوية، تقدم سبتة مثالا حيا على ان التداخل البشري والثقافي يتجاوز التعريفات السياسية، ويتجلى في تفاصيل دقيقة، منها الاسم الذي يحمله الفرد في بطاقة تعريفه.