في خطوة نوعية نحو رقمنة الخدمات البنكية والمالية، كشف بنك المغرب عن إطلاق بوابة إلكترونية جديدة، تتيح للمواطنين الولوج بسهولة وأمان إلى المعلومات البنكية التي كان الوصول إليها يتطلب تنقلا جسدياً ومساطر معقدة، وذلك على هامش فعاليات ملتقى “GITEX Africa 2025” المنظمة بمدينة مراكش مؤخراً.
المبادرة التي وُصفت بكونها “تحولًا هيكليًا في علاقة المواطن مع المؤسسة البنكية”، جاءت لتخدم هدفين رئيسيين؛ يتمثلان في تعزيز الشفافية وتوسيع الإدماج المالي، وفق ما أكده أنس الوزاني الشهدي، مسؤول قسم مكاتب المعلومات الائتمانية والخدمات ذات المصلحة العامة ببنك المغرب.
“هذه البوابة تمثل خدمة رقمية جديدة، وُضعت لتسهيل ولوج المواطنين إلى معلومات بنكية مهمة تُدار عبر سجلات خاصة، تُعرف بالخدمات ذات المصلحة العامة، مثل مركزة الحسابات البنكية وحوادث الدفع عبر الشيكات”، يوضح الوزاني خلال مروره ببودكاست “بنك المغرب”.
البوابة، المتاحة 24/24 ساعة و7 أيام في الأسبوع، تمكن كل شخص مرتبط بالنظام البنكي المغربي، سواء كان فردًا، وريثًا، موكلًا، أو حتى شركة – من الاطلاع على بياناته الشخصية، وتقديم شكايات، وتتبع تقدمها، وتحميل الوثائق التي يحتاجها، كل ذلك دون الحاجة إلى التنقل أو الخضوع لمساطر إدارية معقدة.
وفي الوقت الحالي تشمل البوابة عدة خدمات من بينها عرض قائمة الحسابات البنكية النشطة أو المغلقة في مختلف البنوك للزبون، وإمكانية طلب معطيات حسابات شخص متوفى بالنسبة للورثة أو الموصى لهم، والتحقق من وجود شيكات بدون رصيد أو حوادث أداء، وكذا إمكانية تقديم التظلمات والشكايات وتتبعها رقمياً.
لكن طموح بنك المغرب لا يقف عند هذا الحد، يؤكد المسؤول ذاته؛ “البوابة صممت لتكون قابلة للتطوير، وقريبا، سنضيف إمكانية الاستعلام عن حسابات الأشخاص المعنويين، كالشركات والجمعيات، كما نعمل على إدماج معطيات إضافية، مثل المعلومات حول القروض، الديون غير المؤداة، والشيكات”، مضيفاً: “نفكر أيضا في إطلاق نظام إشعارات تلقائي لإعلام المواطن بأي تغيير أو تنبيه يخص وضعيته البنكية”.
وأوضح الشهدي أنه حتى وقت قريب، كان الاطلاع على هذه المعطيات متاحًا فقط بالمقر المركزي لبنك المغرب، غير أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت انفتاحًا تدريجيًا سمح للمواطنين بالتوجه إلى أقرب وكالة بنكية منهم للحصول عليها، “أما اليوم، فكل شيء بات ممكنًا من منزل المستخدم، عبر منصة موحدة”.
وأشار المسؤول إلى أن هذا التطور هو “جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين البنية التحتية المالية، وتقوية الثقة بين المواطنين والنظام البنكي”، مضيفًا: “نعيش في عالم تتطلب فيه المعلومة أن تكون متوفرة في الزمن الفعلي، آمنة وسهلة الفهم، وهذه البوابة تجسد هذا التوجه”.
وبخصوص الضمانات الأمنية والتشريعية المتعلقة بهذه الخدمة الجديدة، حرص بنك المغرب على تأمين البوابة بأعلى المعايير الأمنية، حيث يُشترط استعمال البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية للولوج، في إطار منظومة تم تطويرها بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني؛ “كما أن المنصة منسجمة مع مقتضيات القانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، ما يعزز ثقة المواطنين في استخدامها”.
وبحسب المسؤول، يمثل هذا المشروع نقلة نوعية في تحديث العلاقة بين المواطن والبنك المركزي، حيث تتحول البوابة من مجرد أداة اطلاع إلى منصة تفاعلية شاملة، تسعى لتقريب المواطن من مركز القرار المالي، وتبسيط الإجراءات، وترسيخ مبدأ الشفافية في المعاملات البنكية.
وجدير بالذكر، أن بنك المغرب طرح على قناته بمنصة “يوتيوب” مؤخراً فيديو يبسط ويشرح طرق التعامل مع هذه المنصة للراغبين في ذلك.