على بعد اسابيع قليلة من ذروة فصل الصيف، تستنفر السلطات الاسبانية بسبتة المحتلة اجهزتها الامنية وسط مخاوف مما وصفته تقارير محلية بموجة غير مسبوقة من محاولات الهجرة غير النظامية، في ظل تصاعد مؤشرات العبور انطلاقا من السواحل الشمالية للمغرب، رغم استمرار الرباط في تأدية دورها الاستباقي في ضبط الميدان.
وخلال النصف الاول من شهر ماي الجاري، تم تسجيل عدة محاولات، من بينها عبور جماعي فاشل لحوالي ثمانين مهاجرا عن طريق البحر، اعقبه تسلل اكثر من تسعين شخصا الى داخل المدينة المحتلة، وفق معطيات متطابقة اوردتها وسائل اعلام اسبانية.
اعتبرت مندوبة الحكومة المركزية في سبتة، كريستينا بيريز، ان المعطيات الاخيرة تستدعي تعزيز الموارد الميدانية تحسبا لتحركات اوسع خلال اشهر الصيف، لكنها اشارت في الوقت ذاته الى ان التنسيق مع المغرب يظل اساسيا لضبط الوضع، في اشارة مباشرة الى قدرة الرباط على احتواء محاولات مماثلة في مراحلها الاولى.
وتعزز هذا التقدير بعد تدخل امني مغربي في شتنبر الماضي اسفر عن افشال عملية اقتحام جماعي شارك فيها مئات المهاجرين انطلاقا من ضواحي الفنيدق، حيث تم تفكيك التحرك قبل اقترابه من محيط المدينة المحتلة، دون ان تضطر القوات الاسبانية للتدخل.
ويعتبر مراقبون ان المغرب لا يتعاطى مع هذه الظاهرة من منطلق ظرفي، بل ضمن مقاربة سيادية شاملة، تنطلق من رفض تحويل السواحل المغربية الى بوابة عبور، وتؤكد في الآن ذاته التزام الرباط بمسؤوليتها في استقرار الضفة الجنوبية للمتوسط.
وتواصل المملكة منذ مطلع السنة تعزيز حضورها الميداني عبر وحدات امنية ودوريات بحرية، اضافة الى عمليات تفكيك منهجية لشبكات التهريب في محيط طنجة وتطوان والفنيدق، بما ينسجم مع توجه مغربي يربط بين امن الحدود والامن الوطني الداخلي.
في الجهة المقابلة، تستعد سلطات سبتة المحتلة لتفعيل خطط استباقية تشمل توسيع الحراسة الساحلية ونشر تقنيات مراقبة جديدة، وسط دعوات محلية الى مضاعفة التنسيق مع المغرب، باعتباره الطرف الاكثر قدرة على تحييد المخاطر قبل وصولها الى محيط المدينة.
ولا تخفي بعض الاوساط في مدريد ان اي خلل محتمل في التنسيق مع الرباط قد يفتح الباب امام سيناريوهات ضغط ميداني يصعب التحكم فيها، خاصة وان صيف 2021 لا يزال حاضرا في الذاكرة، حين تدفق آلاف المهاجرين دفعة واحدة نحو سبتة في ظرف ساعات.
غير ان الواقع الحالي، وفق المتابعين، يختلف جذريا بفضل الموقف المغربي الحازم، الذي يُبقي الساحل تحت السيطرة، ويمنع تكرار عمليات العبور الجماعي، ليس فقط عبر البحر، بل ايضا عبر تفكيك التجمعات قبل ان تتحول الى تهديد فعلي.
وتؤكد الرباط ان دورها في هذا المجال نابع من قناعة سيادية ترفض منطق المقايضة، وتستند الى اعتبار استقرار المنطقة مسؤولية مشتركة، لا يمكن فصلها عن رهانات التنمية والعدالة بين ضفتي المتوسط.