تتواصل تداعيات انقطاع التيار الكهربائي غير المسبوق الذي شهدته إسبانيا في 28 أبريل الماضي، حيث كشف تقرير نشرته صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية، نقلاً عن مصادر أوروبية ببروكسيل، أن الحادث كان نتيجة “تجربة فاشلة” قامت بها حكومة بيدرو سانشيز لاختبار مدى قدرة البلاد على الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة، تمهيدًا للتخلص التدريجي من الطاقة النووية بحلول سنة 2027.
ويُعد هذا الانقطاع من أكبر ما شهدته البلاد في العقود الأخيرة، إذ أدى إلى توقف مفاجئ للكهرباء عن ملايين المنازل والمستشفيات والخدمات الأساسية في مختلف أنحاء إسبانيا، بالإضافة إلى مناطق في البرتغال وجنوب فرنسا. ووفق المعطيات الرسمية، فقد تم تسجيل اختفاء مفاجئ لـ15 غيغاواط من الطاقة، أي ما يعادل 60% من الاستهلاك الوطني في تلك اللحظة، في ظرف خمس ثوانٍ فقط.
ورغم مرور أسابيع على الحادث، لم تصدر الحكومة الإسبانية أو شركة “ريد إليكتريكا” المشرفة على الشبكة، أي توضيحات رسمية شاملة، مما أثار غضب الرأي العام وقلق المؤسسات الأوروبية من مدى هشاشة البنية التحتية الطاقية في البلاد. وتحدثت الحكومة عن فتح تحقيق في الموضوع، لكن تقرير “ذا تلغراف” ذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن ما حدث لم يكن نتيجة عطل تقني عرضي، بل تجربة حكومية تم تنفيذها بشكل سري وخطير.
ووصف التقرير البريطاني الانقطاع بأنه “أسوأ فشل كهربائي شهدته أي دولة متقدمة في العصر الحديث”، منتقدًا بشدة حكومة سانشيز و”ريد إليكتريكا” بسبب ما وصفه بـ”التستر” و”تضليل الرأي العام” حول حقيقة ما جرى، مشيرًا إلى أن الثقة في التحقيق الرسمي “انعدمت”، وأن التفسيرات الحكومية “غير منطقية أو عبثية”.
ويثير هذا التطور تساؤلات جدية حول مستقبل السياسة الطاقية في إسبانيا، لاسيما في ظل عزمها الإغلاق التدريجي للمفاعلات النووية، واعتمادها المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة. كما يفتح باب النقاش مجددًا حول مدى جاهزية أنظمة الطاقة الأوروبية لتحمل الانتقالات السريعة نحو بدائل أكثر استدامة، دون الإضرار باستقرار الشبكات أو أمن المواطنين.