بعد أن ظلت عالقة في البرلمان لأكثر من عام، بدأت المبادرة التشريعية الشعبية لتسوية أوضاع المهاجرين في إسبانيا تفرض نفسها كخيار لا مفر منه، في ظل التحديات المرتبطة بقانون الهجرة الجديد الذي من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.
وتقترح المبادرة تسوية أوضاع حوالي 400 ألف أجنبي في وضع غير قانوني، وقد حظيت بدعم واسع منذ إطلاقها، بعد جمع 600 ألف توقيع بدعم من 900 منظمة مجتمعية.
وتمت إحالتها إلى البرلمان في أبريل من العام الماضي، حيث حازت موافقة جميع الكتل البرلمانية باستثناء حزب “فوكس” اليميني المتطرف، في حين أبدى كل من “الحزب الشعبي” و”الحزب الاشتراكي” في البداية تحفظات واضحة.
لكن خلال الأسابيع الأخيرة، شهدت المبادرة تحولا لافتا في مسارها، بعد أن أبدى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز اهتماما مباشرا بها، بحسب مصادر برلمانية متطابقة نقلت عنها صحيفة “إل باييس”، مؤكدة أن الملف أصبح على رأس أولويات “لا مونكلوا”.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تُواجه فيه الحكومة انتقادات حادة بشأن القانون الجديد للهجرة، الذي يُنتظر أن يُيسر إجراءات الإقامة في بعض الحالات، لكنه قد يُقصي الآلاف من طالبي اللجوء، ويزج بهم في وضعية غير قانونية تُهدد مصادر رزقهم، وتدفعهم نحو سوق العمل غير النظامي.
ويأمل الحزب الاشتراكي، بحسب مصادر داخلية، أن تُشكل هذه المبادرة التشريعية مخرجا آمنا لتصحيح ثغرات القانون الجديد، في ظل ضغوط متزايدة من القطاعات الاقتصادية التي تعاني من خصاص حاد في اليد العاملة، وفي مقدمتها الفلاحة والرعاية الصحية والخدمات.
كما يُرتقب أن تُعرض الصيغة المعدلة من النص على مختلف الكتل البرلمانية خلال الأيام المقبلة، وسط مفاوضات جارية بين الحكومة وحزب “بوديموس”، في انتظار موقف “الحزب الشعبي” الذي يواجه بدوره ضغوطا من الكنيسة الإسبانية.
ورغم المناخ السياسي المشحون والمواقف المتشددة في بعض الدول الأوروبية، تُراهن الحكومة الإسبانية على الطبيعة الشعبية للمبادرة، باعتبارها صادرة عن البرلمان وليس عن الجهاز التنفيذي، مما يُخفف من وطأة الانتقادات المرتقبة، سواء داخليا أو من جانب المفوضية الأوروبية.
وتؤكد مصادر في الحزب الاشتراكي أن الوقت أصبح ضيقا، وأن عدم المصادقة على المبادرة قبل الصيف سيُربك الجدول التشريعي، ويترك عشرات الآلاف من المهاجرين في فراغ قانوني يصعب تداركه لاحقا.