بديع الحمداني
أعلنت السلطات الإسبانية، امس الجمعة، عن توقيف مواطن مغربي في مدينة غوادالاخارا، يُعتبر من المقاتلين “الجهاديين” الذين شاركوا ضمن الجماعات الجهادية في كل من سوريا والعراق في وقت سابق، وكان موضوع مذكرة توقيف دولية صادرة عن السلطات القضائية المغربية.
وحسب ما أفادت به الصحافة الإسبانية، فإن الموقوف جاء اعتقاله من طرف عناصر الحرس المدني بعدما قدمت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربية (DGST) معلومات عن مكان تواجده في منطقة غوادالاخارا.
وأضافت المصادر نفسها في هذا السياق، أن العملية تندرج ضمن الجهود المشتركة بين الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية “لرصد وتحييد التهديدات المرتبطة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب”، والذين يشكلون أولوية بالنسبة للأجهزة المكلفة بمكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي.
وأشارت الصحافة الإسبانية نقلا عن بلاغ للحرس المدني الإسباني، أن الموقوف وُضع حاليا رهن إشارة قاضي الحراسة القضائية بالمحكمة الوطنية الإسبانية بالعاصمة مدريد، وهي الهيئة المختصة بالنظر في ملفات التوقيفات الدولية، من أجل دراسة ترحيله إلى المغرب حيث تطلبه السلطات المغربية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا يُعد حجر الزاوية في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث يواجهان تحديات مشتركة تتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ويتجسد هذا التعاون في التنسيق الوثيق بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في البلدين، مما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتمكنت السلطات المغربية والإسبانية في السنوات الأخيرة من تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية التي كانت تخطط لتنفيذ عمليات داخل أوروبا وشمال إفريقيا، وقد لعبت الاستخبارات المغربية دورا محوريا في تقديم معلومات دقيقة ساعدت نظيرتها الإسبانية في إحباط مخططات إرهابية خطيرة.
وبالإضافة إلى مكافحة الإرهاب، يشمل التعاون الأمني بين البلدين جهودا مشتركة في التصدي للهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، حيث تعمل الأجهزة الأمنية على تبادل المعلومات والخبرات لضبط الحدود ومنع تسلل العناصر الإجرامية، كما أن هذا التعاون يمتد ليشمل الأمن السيبراني، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز قدراتهما في مواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة.
ويواصل المغرب وإسبانيا تطوير آليات التعاون الأمني بينهما، خاصة مع اقتراب تنظيم كأس العالم 2030 الذي سيجمع البلدين مع البرتغال، إذ يتطلب هذا الحدث الرياضي الكبير تنسيقا أمنيا عالي المستوى لضمان سلامة المشاركين والجماهير، مما يعزز أهمية الشراكة الأمنية بين الرباط ومدريد في مواجهة التهديدات المحتملة.
جدير بالذكر أيضا، أن توقيف الجهادي المطلوب للمغرب، يأتي بعد أسابيع فقط من الزيارة التي قام به اللواء لويس بالييز بنيرو، المسؤول عن الاستعلامات بالحرس المدني الإسباني، الذي كان مرفوقا بوفد أمني رفيع المستوى، حيث حل بالعاصمة الرباط وعقد لقاء مع عبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وذكر بلاغ للمديرية أنذاك أن هذه الزيارة تكتسي أهمية خاصة، لكونها تعد أول جولة دولية يقوم بها هذا المسؤول الأمني الإسباني رفيع المستوى بعد تعيينه، والذي اختار المملكة المغربية كوجهة أولى للتأكيد على متانة علاقات التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خصوصا في مجالي مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
وقد انصبت مباحثات المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني مع المسؤول الإسباني حول سبل تطوير آليات التعاون الثنائي في المجال الأمني، وتعزيز الشراكة بين البلدين بما يضمن تضافر الجهود وتنسيقها لمواجهة التحديات الأمنية التي يفرضها المحيط الإقليمي المشترك والمخاطر الإرهابية في مناطق التوتر العالمية، لاسيما في منطقة الساحل والصحراء.