زايو سيتي
في مشهد يبعث على الأسى ويكشف عن حجم الانتهازية السياسية، يتكرر بإقليم الناظور سيناريو صادم يتمثل في مغادرة عدد من المستشارين الجماعيين إلى أوروبا مباشرة بعد حصولهم على التأشيرة، دون نية للعودة أو الوفاء بمسؤولياتهم التمثيلية. هؤلاء الذين وصلوا إلى مناصبهم بفضل أصوات الناخبين، استغلوا ثقة الساكنة ليس لتحقيق التنمية أو خدمة الشأن العام، بل لتحقيق مكاسب شخصية بحتة، على رأسها الهجرة تحت غطاء “التمثيل الجماعي”.
السلوك الذي بات يتكرر في جماعات متفرقة داخل الإقليم، يطرح تساؤلات جوهرية حول دوافع الترشح من الأصل، إذا لم يكن هؤلاء المعنيون في مستوى المسؤولية الأخلاقية والدستورية التي تعنيها العضوية داخل المجالس الجماعية. فالمقعد الجماعي ليس جواز سفر، بل عهد أمام الله وأمام المواطنين.
وإذا كان حلم الهجرة مشروعا، فإن وسيلته لا يجب أن تكون عبر خيانة الأمانة واستغلال مناصب انتخابية كان الأجدر ألا يترشح أصحابها إن لم تكن لديهم نية صادقة في خدمة المواطنين والوفاء بالواجب.
ما يحصل اليوم يفرض تدخلا عاجلا من عامل إقليم الناظور، من أجل التصدي لهذه الظاهرة التي تسيء إلى العملية الانتخابية برمتها، وتدمر الثقة التي وضعها المواطنون في مؤسساتهم المنتخبة. كما أن من الضروري العمل على وضع آليات قانونية وتنظيمية لمنع مثل هذا “الهروب الممنهج”، الذي بات يشكل إهانة مباشرة للناخبين وتهريبا أخلاقيا لمسؤولية عمومية.
إن النماذج المتعددة التي ظهرت في مختلف جماعات الإقليم، لم تعد حالات معزولة، بل تحولت إلى ظاهرة تستحق المعالجة العاجلة، ليس فقط من باب القانون، بل أيضا من باب رد الاعتبار لكرامة المواطن وثقته في المسار الديمقراطي.