محمد الطيبي.. 50 سنة من رئاسة جماعة زايو: ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق؟

سعيد قدوري

خلال دورة ماي الأخيرة لمجلس جماعة زايو، طرح المستشار الجماعي كمال لمريني تساؤلاً جريئاً وصريحاً، قائلاً: “لدي اقتراح على الصحافة المحلية من أجل كتابة مقال بعنوان (محمد الطيبي.. 50 سنة من التسيير.. ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق؟). في الحقيقة هذا سؤال مشروع لكافة ساكنة مدينة زايو التي من حقها أن تعرف مصير مدينتها.”

وهو تساؤل لا يطرحه لمريني فقط، بل يردده الكثير من أبناء زايو ممن عايشوا التحولات التي شهدتها المدينة طيلة نصف قرن من تسيير محمد الطيبي لجماعة زايو، منذ سنة 1976، حين كانت الجماعة قروية، إلى أن أصبحت حضرية بموجب التقسيم الترابي لسنة 1992.

فما الذي تحقق خلال هذه المسيرة الطويلة؟ وما الذي لم يتحقق؟ سؤال يستوجب الوقوف عنده بموضوعية وجرأة.

زايو قبل 1976: إشراقات الماضي

قبل الحديث عن الحصيلة، من الضروري التذكير بأن زايو لم تكن “شيئاً نكراً” قبل سنة 1976. فقد كانت مشهورة بجمالها وتنظيمها، لُقبت بـ”مدينة الحدائق”، وكانت تجذب الزوار من مختلف المناطق بفضل مساحاتها الخضراء، في وقت كانت مدن كبرى بالمغرب تفتقر لهذه الميزة.

كما شهدت زايو قبل هذه الفترة إنشاء معمل السكر، أحد أبرز الوحدات الصناعية في البلاد آنذاك، إضافة إلى تأسيس سهل صبرة، خامس أهم سهل فلاحي بالمغرب، ما جعل المدينة تتبوأ مكانة متقدمة في الإنتاج الفلاحي. كذلك، احتضنت زايو أول ملعب لكرة القدم بالجهة الشرقية، وكانت بعض منازلها من أولى المستفيدات من الربط المائي على صعيد الجهة.

50 سنة من التسيير.. إنجازات محدودة وتحديات متراكمة

رغم كل هذا الرصيد التاريخي، يجد المتتبعون صعوبة في رصد إنجازات نوعية تحققت طيلة 50 سنة من تسيير الطيبي للجماعة.

اقتصادياً وصناعياً، تغيب عن زايو أي وحدة إنتاجية جديدة منذ معمل السكر. لم تتمكن المدينة من جذب استثمارات صناعية، كما فشل الطيبي في الترافع الجاد عن مشروع المنطقة الصناعية بأولاد ستوت، رغم كونه نائباً برلمانياً لعقود. كما لم ترَ منطقة التنشيط الاقتصادي النور، وظلت حبراً على ورق.

عقارياً وعمرانياً، لم تُحل أزمة العقار، ما أدى إلى فوضى عمرانية وانتشار البناء العشوائي، على خلاف مدن مجاورة كالعروي وسلوان والناظور التي تجاوزت هذه العقبة رغم تشابه الوضعيات العقارية.

تجارياً، يشتكي سكان المدينة من فوضى في أنشطة البيع بالتجوال، وغياب سوق منظم، ما أضعف أداء المركب التجاري وسوق مليلية للقرب، الذي خرج منذ البداية “مشلولاً”.

جمالياً وحضرياً، فقدت زايو طابعها الجمالي، حيث تفتقر اليوم لشارع رئيسي حيوي يليق بمدينة، بعد أن كانت سابقاً تتوفر على مركز ينبض بالحياة والجمال.

في مجال التعليم، ورغم تجاوز الاكتظاظ في الثانويات بعد بناء ثانوية جديدة، فإن المدينة ما زالت تفتقر إلى مؤسسات تعليمية عليا أو معاهد تكوين. كما أثار تقسيم إحدى الإعداديات إلى ملحقتين مستقلتين تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة.

صحياً، وبعد أن كانت زايو تتوفر على ثاني مستشفى بالجهة الشرقية، عانت لسنوات من تدهور خدمات القطاع، ولم تنجح حتى مستشفى القرب الجديد في سد الخصاص الحاد في الأطر الطبية والتمريضية.

رياضياً، اكتفت المدينة ببناء قاعة مغطاة، مسبح شبه أولمبي وملعبين للقرب، وهي تجهيزات أصبحت متاحة حتى في جماعات قروية أصغر، مثل حاسي بركان.

إدارياً، خسرت زايو مكانتها الإدارية كعاصمة لدائرة لوطا، بعدما تم نقل الإدارة إلى سلوان.

بنيات تحتية وتجهيزات، لا تزال المدينة غارقة في الأحياء “ناقصة التجهيز”، بل إن وصف “ناقصة التجهيز” قد ينطبق على مجمل أحيائها.

لغة الواقع لا يمكن تكذيبها

بعد نصف قرن من التسيير، يحق لساكنة زايو أن تطرح تساؤلات مشروعة حول الحصيلة: هل تم فعلاً تحقيق ما يليق بمدينة بحجم وتاريخ زايو؟ أم أن الزمن توقف في محطة التسيير الفردي، دون رؤية تنموية متكاملة؟

فيما يرى بعض الموالين للطيبي أن الرجل حافظ على الاستقرار وساهم في ضمان سير مرافق الجماعة، فإن “لغة الواقع” – كما جاء في مداخلة كمال لمريني – تقول شيئاً آخر، وتحتم على الجميع فتح نقاش عمومي شفاف حول المستقبل، بعيداً عن منطق الولاءات، وقريباً من تطلعات الساكنة.