عبد المومن حاج علي
في سابقة قضائية تثير الكثير من الجدل والنقاش، أصدرت محكمة النقض المغربية قرارا حاسما يقضي بنقض حكم صادر عن محكمة الاستئناف، كانت قد أيدت بدورها حكما ابتدائيا برفض طلب التعدد تقدم به متقاعد مغربي، بعد معركة قضائية دامت أكثر من عامين، حيث يعيد هذا القرار، الذي جاء بعد طعن قانوني مستند إلى مبررات اجتماعية وشخصية، طرح الأسئلة حول مدونة الأسرة في التعاطي مع قضايا التعدد، وحدود السلطة التقديرية للقضاة في تأويل بنودها.
وتعود فصول القضية إلى 21 يناير 2021، حين تقدم الزوج بطلب رسمي أمام المحكمة الابتدائية يلتمس فيه الإذن بالتعدد، مرفقا مذكرته بجملة من المبررات التي رأى فيها وجاهة قانونية وإنسانية، حيث أكد في طلبه، أن زوجته التي اقترن بها منذ 12 دجنبر 2011، ترفض الإنجاب لأسباب صحية، وهو ما يحول دون تحقيق رغبته في توسيع أسرته، لا سيما أنه أنجب منها ابنة وحيدة بتاريخ 29 يناير 2013. كما أشار إلى تخوفه من الوقوع في الرذيلة إذا ما ظل محروما من الأبناء، مشددا على تمسكه بالحل الشرعي والقانوني.
وأبرز المعني قدرته الكاملة على الإنفاق، سواء على أسرته الحالية أو المستقبلية، من خلال كشفه عن دخله المتنوع، الذي يتكون من راتب تقاعدي شهري يبلغ 3737.98 درهم، وعائدات إيجار شهرية بقيمة 2500 درهم، بالإضافة إلى شراكة بنسبة 50% في محل تجاري، ودخل قار من قطيع أغنام يتجاوز 20 ألف درهم شهريا، كما أرفق طلبه بموافقة مكتوبة وموقعة من طرف الزوجة الأولى بتاريخ 7 يناير 2021، وهي وثيقة غالبا ما تعتبر حاسمة في مثل هذه القضايا.
غير أن المحكمة الابتدائية لم تقتنع بالمبررات المقدمة، واعتبرت في حكمها الصادر بتاريخ 14 أبريل 2021، أن طلب التعدد لا يستند إلى ما يكفي من الحجج الواقعية، لا سيما في غياب تقرير طبي يثبت عقم الزوجة أو استحالة حملها، مما أدى إلى رفضه، وهو الموقف الذي تبنته أيضا محكمة الاستئناف، التي أيدت الحكم الابتدائي معتبرة أن المبرر المعتمد – وهو رفض الزوجة للإنجاب – لا يرقى إلى المستوى المطلوب قانونيا للسماح بالتعدد.
إلا أن محكمة النقض كان لها رأي مخالف تماما، حيث اعتبرت أن القرار المطعون فيه يشوبه قصور في التعليل، وأن محاكم الموضوع لم تحسن تأويل مقتضيات المادة 41 من مدونة الأسرة، والتي تنص على أن الإذن بالتعدد لا يمنح إلا بعد تحقق المحكمة من وجود مبرر استثنائي وظروف موضوعية تبرره، دون أن تحصر هذه الظروف في حالة العقم أو المرض فقط، لتذهب إلى أن عدم رغبة الزوجة في الإنجاب – مهما كانت أسبابه – يعتبر عنصرا موضوعيا يجب أخذه بعين الاعتبار، لا سيما في حال وجود رغبة جدية من الزوج في إنجاب المزيد من الأبناء، كما هو الحال في هذه القضية.
وشددت محكمة النقض على ضرورة التحقق من الموارد المالية للزوج للتأكد من قدرته على ضمان العدل في النفقة والمعيشة، وهي النقطة التي رأت المحكمة أنها ثابتة في ملف الطاعن، استنادا إلى الوثائق الرسمية المقدمة.
وبناء عليه، قررت محكمة النقض نقض الحكم الاستئنافي وإحالته من جديد على نفس المحكمة لإعادة النظر فيه، مع التقيد بالمبادئ القانونية التي أرستها، وفي مقدمتها التوسيع في تأويل المبررات الاستثنائية للتعدد بما يراعي الواقع الاجتماعي وتنوع الحالات الشخصية للأزواج.
وأعادت محكمة النقض بهذا القرار الاعتبار لفلسفة مدونة الأسرة القائمة على التوازن بين مصلحة الفرد واستقرار الأسرة، مؤكدة أن التعدد، وإن كان استثناء، يظل حقا مشروعا متى توفرت مبرراته القانونية والواقعية.
بغظ النظر عن القوانين والتشريعات فإن المجتمع فاقت نسبة مساؤه عن رجاله بوتيرة متباينة، لهذا يجب وضع تسهيلات بل تحفيزات وتشجيعات تعدد الزوجات للتخفيف من العنوسة التي أصبحت تهدد المجتمع بأنواع شتى من السلوكيات التي لا تمث بالأخلاق والدين بصلة …
فتعدد الزوجات أصبح ضرورة ملحة