زايو سيتي: أسامة اليخلوفي
في قلب الطبيعة الهادئة عند سفح جبل شمال مدينة زايو، ينهض مسجد سيدي عثمان العتيق، شامخا على امتداد أكثر من أربعة قرون من التاريخ والروحانية. هذا المكان الذي ظل شاهدا على عصور من العبادة والعلم والسكينة، يستعد اليوم لاستعادة بريقه من جديد، بعد أن تقرر رسميا الشروع في مشروع تأهيل ضريحه ومسجده ومحيطه.
المبادرة، التي بعثت الأمل في نفوس ساكنة المدينة، جاءت كثمرة تعاون بين مندوبية الشؤون الإسلامية بالناظور، والمجلس العلمي المحلي، ونظارة الأوقاف، إضافة إلى جمعية الوفاق، التي تم تأسيسها خصيصا لهذا الغرض. وتشمل العملية ترميم الضريح التاريخي لسيدي عثمان، وتجديد المسجد العتيق المجاور، الذي خرّج على مر السنين عددا من حفظة كتاب الله وطلاب العلم، من بينهم رئيس المجلس العلمي المحلي الحالي، السيد ميمون برسول.
ولا يقتصر المشروع على الجانب الديني فقط، بل يمتد إلى الجانب الاجتماعي والبيئي، حيث ستتم تهيئة منتزه طبيعي حول المسجد والضريح، ليكون فضاء للترويح عن النفس ومتنفسا لساكنة زايو، التي لطالما اشتكت من ندرة الفضاءات الخضراء ومرافق الراحة. وسيشمل هذا الفضاء منطقة خضراء مزودة بالإنارة العمومية، ليبقى المكان نابضا بالحياة حتى بعد غروب الشمس، في صورة تعيد إلى الأذهان أمجاد المكان الذي كان في السابق يعج بالزوار.
ويزيد من سحر هذا الموقع وجود عيون مائية طبيعية تُعرف بعيون سيدي عثمان، التي تضفي على المشهد روعة وجمالا قلّ نظيرهما. ويأمل عدد من سكان المدينة والمهتمين بالتراث المحلي في أن يشمل التأهيل أيضا الطريق المؤدية إلى المسجد، لما تعانيه من وعورة، إضافة إلى دعوات لغرس أشجار بالجبل المحيط، لإضفاء طابع بيئي وسياحي متكامل.
تحويل المكان إلى مزار روحي وسياحي لا يعود بالنفع على ساكنة زايو فحسب، بل يمكن أن يشكل نقطة جذب للزوار من مختلف المناطق المجاورة، لما يحمله من قيمة تاريخية وجمالية وروحية. وفي الوقت الذي تنطلق فيه أولى خطوات التأهيل، يبقى الأمل قائما في أن تستعيد هذه المعلمة التاريخية مكانتها، وأن تعود الحياة لتنبض من جديد في ربوع هذا الفضاء الفريد.