كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن بعض المستجدات القانونية التي ستشمل الشيكات بالمغرب، والتي يرى خبراء قانونيون أنها تنتصر لـ”مقاربة تصالحية جديدة”، فيما يحذر آخرون من كونها ستلعب دوراً سلبياً في خفض موثوقية وسيلة الأداء هذه، وبالتالي تفاقم مشكلة التداول النقدي (الكاش) بالمغرب، و”تشجيع” مُحترفي النصب بواسطة الشيكات.
وأعلن وزير العدل، خلال مروره الأخير بجلسة المساءلة بمجلس النواب الاثنين قبل الماضي، عن مستجدات هامة تتعلق بمشروع قانون الشيكات، الذي دخل مراحله النهائية وفقاً للوزير، مشيراً إلى أن من أبرز التعديلات المرتقبة إلغاء تجريم الشيك بين الأزواج؛ “إذا تم إصدار شيك بين الزوجين (مثلا كضمان لمبلغ مالي)، وأُخل بالالتزام، فلن يتم تجريمه جنائيا، ويبقى الحل عن طريق رفع دعوى مدنية فقط، مما يخرج النزاع من الإطار الزجري”، وفقا للمحكم المعتمد والمستشار القانوني يوسف النصري.
كما تنص التعديلات المرتقبة على إسقاط المتابعة بعد الأداء؛ بحيث أن أداء مبلغ الشيك سينهي المتابعة بشكل نهائي؛ “إذا كان صاحب الشيك معتقلا، يفرج عنه فورا، وإن كان مبحوثا عنه، يتم إلغاء مذكرة البحث”.
من جهة أخرى، سيتم إرساء آلية جديدة قبل الاعتقال، إذ “لن يتم اعتقال صاحب الشيك فور تقديم الشكاية، بل سيمنح مُهلة شهر لتسوية وضعيته، مع إلزامه بارتداء سوار إلكتروني، ويمكن تمديد المهلة بشهر إضافي باتفاق مع الضحية”، يضيف المتحدث.
ومن المستجدات المرتقبة كذلك استثناء المبالغ الصغرى من طائلة الاعتقال، إذ “يوجد توجه لاستبعاد المتابعات بالاعتقال في حالة الشيكات التي تقل قيمتها عن 10.000 إلى 20.000 درهم”.
وأكد وهبي أن مشروع القانون وصل مرحلته النهائية، ولم يتبق سوى جلسة مصادقة أخيرة، وهو “توجه جديد يحاول تحقيق التوازن بين حماية الحقوق المالية للأفراد وتشجيع التسوية الودية بعيدًا عن المقاربة الزجرية الصارمة” وفقاً للخبير القانوني.
من جهة ثانية، حذر رئيس المركز المغربي للوعي القانوني، شعيب لمسهل، من أن “رفع الصبغة الزجرية عن الشيك سيفقده قوته التعاملية، ولن يبقى بالتالي وسيلة آمنة للأداء والتعامل التجاري والشخصي”.
ومن تداعيات ذلك، وفق الخبير ذاته، “تقليل التعامل بالشيك مما من شأنه زيادة التعامل بالكاش، وهو تدبير ليس في صالح الاقتصاد الوطني عملياً كما قد يفاقم مشكلة السيولة النقدية التي تعاني منها الأبناك”.
وفي انتظار الإفراج عن مشروع القانون المذكور، نبه لمسهل إلى أن الاتجاه نحو استبعاد المبالغ المالية التي تقل عن 20 ألف درهم من المتابعة الزجرية يهدد بتحويل الشيك إلى مطية لمحترفي النصب بالشيكات”، مذكراً في هذا الصدد بأن النصب والاحتيال يعد من أخطر جرائم الشيكات، “إما عن طريق تزوير التوقيع أو التصريح بالضياع، بالإضافة إلى إصدار شيك بدون رصيد، وكذا استخدام الشيك على سبيل الضمان”.
وفي السياق ذاته، كان وهبي قد لفت إلى أن ما يؤخر صدور مشروع القانون “هو علاقته بالمحفظة النقدية وبعض المعطيات الشخصية للمواطنين”.