* محمد بونوار
ثلاثة محاور مهمة ينتظرها المغاربة بفارغ الصبر ، ويطمحون أن تجد لها الحكومة المغربية حلولا جدرية وديموقراطية وذالك لتزكية الحكامة وحسن التدبيروالتسييرالذي يعتبر من أساسيات الدولة الديموقراطية ، والتي تعني بكل بساطة الميثاق الوطني وهو ما يسمى أيضا بالديموقراطية التشاركية.
في السنوات الاخيرة عرف المغرب أحداث كثيرة ، لا يتسع المجال لسرد جميع التفاصيل ، ولهذا السبب سوف نحاول الاكتفاء بالمحاور المهمة والكبيرة والتي يمكن تلخيصها في ثلاثة نقط.
1 – محاربة الفساد والمفسدين وابعادهم من الانتخابات المقبلة بشكل منيع ، وتحديد سقف الانتحابات في ولايتين ولا أكثر، قصد منح الفرصة للشباب وذالك لضخ دماء جديدة ، وأفكار جديدة ، لتحقيق التنمية المستدامة.
2 – ترميم مجلس الجالية وترسيم المؤسسة المحمدية لصالح الجالية المغربية القيمة بالخارج
3 – اعادة النظر في التنمية القروية والتي لم تلق حضها في جميع برامج التنمية
المحور الاول : محاربة الفساد والمفسدين
محاربة الفساد والمفسدين هو الموضوع الذي يهيمن على الساحة الثقافية والاجتماعية والسياسية ، ورغم أن الجهة المعنية – وزارة الداخلية – تبذل قصارى جهدها لمحاربة الفساد والمفسدين وكل من يختلس المال العام، لكن الامر ليس باليسير كما يتخيل البعض لان هناك مؤسسات أخرى تدخل على الخط مباشرة نذكر منها المجلس الاعلى للحسابات والمشرفين على المحاكم الادارية والفرقة الوطنية المكلفة بتهيء الملفات وتقديمها الى العدالة.
وهناك احصائيات متداولة تظهر أن 7،59 من مجموع أعضاء مجلس النواب الذين تم انتخابهم شهر شتمبر 2021 ، متابعون أمام القضاء ، أو صدرت في حقهم احكام قضائية.
وبخصوص الاحزاب الساسية ، فقد بلغت نسبة المتابعة القضائية كالتالي :
22،2 في 100 من حزب الاتحاد الدستوري
20 في 100 من حزب الحركة الديموقراطية الاجتماعية
11،7 في 100 من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
10،7 في 100 من حزب الحركة الشعبية
9،9 في 100 من حزب التقدم والاشتراكية
6،89 في 100 من حزب الاصالة والمعاصرة
6،86 في 100 من حزب التجمع الوطني للاحرار
3،7 في 100 من حزب الاستقلال .
من خلال هذه الارقام يظهر جليا أن هناك فساد اداري ومالي يهم النخبة التي فازت بمقاعد في البرلمان المغربي ، نفس التهم تبقى جارية على رؤساء الجماعات والذين تعرفهم وزارة الداخلية ، و يعرفهم المجلس الاعلى للحسابات بما في ذالك عدد الصفقات المشبهوهة وعدد الملايين التي تم اخلاسها بطرق ملتوية .
منذ انتخابات شتمبر 2021 ، تمت متابعة عدد كبير من البرلمانيين ورؤساء جماعات وبعض الموظفين في قضايا الفساد الاداري والمالي وسوء التدبير الاداري ، منهم من صدرت في حقهم أحكام بالسجن ومنهم من لا زالت ملفاتهم تحت أنظار القضاء المغربي .
وعلاوة على الفساد الاداري والذي له علاقة بالعمل السياسي ، والمسؤولية الملقات على عاتقهم ، هناك ملفات غليضة جدا وصلت الى المتاجرة في المخدرات الصلبة القوية وتبييض الاموال مع استغلال النفوذ والسلطة .
ولتفاذي تكرار هذه القضايا في المستقبل يتوجب على وزارة الداخلية أن تمنع كل من له سوابق في الفساد المالي والاداري واختلاس المال العام ، أن يترشح للانتخابات المقبلة ، وأن تعاقب الاحزاب التي تمنح التزكية لكل من له يد ملطخة بجرائم المال العام ، كما يتوجب على وزارة الداخلية أن تمنع كل مرشح استوفى ولايتين متتابعتين .
المحور الثاني : مغاربة العالم
يبلغ عدد المغاربة القاطنين بالخارج حوالي 6 ملايين نسمة متفرقين على 5 قارات ، يدرون على المغرب قيمة مضافة من العملة الصعبة تبلغ سنويا تقريبا11 مليار دولار ، وهذا الرقم لازال مرشح ان يرتفع في المستقبل ، دون الحديث عن الاموال التي يتركونها في الاقتصاد المغربي من خلال زيارة بلدهم الام ، مرة أو مرتين في السنة ، وهنا وجب التذكير أن عدد السياح الذين زاروا المغرب في سنة 2024 ، وصل الى عدد 17,4 مليون ، تركوا في خزينة الدولة ما يناهز 11 مليار دولار .
والمعادلة الجميلة في هذا السياق هو أنه تم احتساب مغاربة العالم كسياح في الاحصاء العام لعدد السياح الذين زاروا المغرب ، والذين وصلوا الى النصف ، وهو ما يعني أن مغاربة العالم يساهمون مرتين في الاقتصاد المغربي ، دون الحديث عن الاستثمارات الذاتية لافراد الجالية بوطنهم الام من خلال تشغيل مقاولات في البناء وتشغيل اليد العاملة في المشاريع الذاتية وغيرها .
كانت هذه مقدمة بسيطة حول مغاربة العالم والذين يشكلون دعامة أساسية في الاقتصاد المغربي ، لكن رغم كل هذه الارقام ، تبقى المشاركة السياسية بحاجة الى اعاد النظر في المنظومة ككل .
مجلس الجالية الذي يعتبر الناطق الرسمي والجسم الاستشاري لم يقدم الكثير لمغاربة العالم ، وغالبا ما يتورى الى الوراء في المساءل الحساسة ، والجالية المغربية والتاريخ لن ينسى أبدا موقفها خلال وباء كورنا حيث لم يساهم لمتابعة المغاربة الذين دخلوا الى المغرب ولم يستطيعوا الرجوع الى عملهم ومقرات اقامتهم بالخارج ، ومنهم من فقد عملهم ومنهم من فقد سكناه ومنهم من فقد أموال كثيرة بدون جدوى .
في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان اكتوبر من سنة 2024 ، اعلن الملك عن منعطف جديد في تدبير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج , وكان هذا الخطاب نسخة طبق الاصل لما جاء في خطاب غشت 2022 والذي يمكن تلخيصه في عبارة صريحة ألا وهي ترميم مجلس الجالية واعادة تركيبته وفتح وكالة جديدة تحمل اسم المؤسسة المحمدية والتي هي عبارة عن الذراع التنفيذي للسياسات العمومية التي تهم المغاربة المقيمين بالخارج .
وللتذكير فقد تم انشاء مجلس الجالية سنة 2007، وكان حسب بنود الدستور المغربي أن يتم تجديده في سنة 2011.
لكن منذ التأسيس الاولي لم يجر اي تغيير يذكر ، والامر الذي يعقد المعادلة هو تواجد عدة مؤسسات تتكلم باسم الجالية منها مثلا :
وزارة الجالية
مجلس الجالية
وزارة الخارجية والتعاون المكلفة بالجالية المغربية
خلاصة ما يمكن قوله هو أن موضوع مغاربة العالم يحتاج الى اعادة النظر لترتيب المسؤوليات وتقاسم الادوار وتحديد المهامات.
المحور الثالث : التنمية القروية
في السنوات الاخيرة ، قطع المغرب خطوات كبيرة بأوراش التنمية ومن خلال مكتسبات تنم عن تقدم كبير في تشييد الطرقات والقناطر والملاعب الرياضية من المستوى العالي ، وتوسيع جاذبية المدن من خلال محطات طرقية عصرية ومحطات قطارات متطورة ، ومسارح ومتاحف ودور ثقافية وكورنيشات عصرية وشواطء بحرية تجذب السياح والناظرين وغيرها من المنشآت والبنيات التحتية التي تعطي رونقا وتمييزا ملحوظا .
لكن ، هناك اشكالية كبيرة تسمى بالتفاوت المجالي ، وهو ما يزكي غياب العدالة الاجتماعية ، بمعنى آخر هناك تقدم كبير في المدن الساحلية والجنوبية والشمالية ، يقابله تهميش كبير في المجالات القروية والجبلية ، وهو ما يعني أن السياسات العمومية التي تعتبر العمود الفقري للتنمية القروية لازالت تحتاج الى اعادة النظر ، لكن بدون تسويف وبدون تأجيل ، وذالك لسبب بسيط ، لأن الهوة بين التنمية المستدامة في العالم القروي والعالم الحضري تزداد في الاتساع بشكل مضطرد.
في العالم القروي مثلا ، الطرقات لازالت مهترئة ، والقناطر غير صالحة ، والبنيات التحتية في القرى والجماعات لازالت تحتاج الى مراجعة ، ويكفي أن المرضى والحوامل في بعض المناطق القروية ومع غياب الطرقات التي تكرس التهميش ، يتم حملهم فوق نعوش الاموات رغم أنهم لازالوا أحياء يرزقون.
دون الحديث عن الهدر المدرسي والذي يعود سببه الى غياب الطرقات ووساءل النقل المدرسي الملائم ، أما الاسواق الاسبوعية والتي هي مجال اجتماعي لتبادل الخدمات والبضائع واقتناء المؤن وتوفير العلف والحبوب وأدوات الفلاحة . فهي تعود الى عهد الاستعمار بدون احترام شروط النظافة للسلع المعروضة ، وبدون مرافق النظافة.
الطرقات في العالم القروي ، منها ما هو غير صالح ، ومنها ما يستوجب اعادة صيانته، ومنها من يحتاج الى التهيئ الكلي ، أما حواجز السلامة فهي غالبا غير متواجدة وهو ما يسبب حوادث مميتة ، دون الحديث عن قبائل ودواويير معزولة وسط الجبال ، يعانون الامرين في الوصول الى السوق الاسبوعي والمستشفى ومقر القيادة.
الموضوع طويل وفيه أشياء كثيرة تثقل كاهل الساكنة القروية، لكن نكتفي بهذا القدر لانه كما يقول المثل اذا ظهرت المعنى لا فائدة في التكرار.
وبما أن المغرب مقبل على تنظيم تظاهرات عالمية في المستقبل القريب ، لازال باب الامل مفتوح على أن ينكب أصحاب القرارات الكبرى على تخصيص برامج التنمية في العالم القروي.
كاتب مغربي مقيم بالمانيا
المغاربة المعيشين في الخاريج هم وطنيين للدولة في المغرب لا تنطبق عليهم صفة المواطن الذي يعيش من ثرواتهم التي ينقلوها لهم إلى المغرب لهاذا هم وطنيين ليسو هم مواطنين لا توجد عندهم حقوق في المغرب يتقاظونها بدون دفع مقابل يعود بالربح على أصحاب الكراسي في الأدارات الدولة.