سعيد قدوري
رغم أنها ليست مدينة محورية، وتعاني من ضعف في البنيات التحتية وغياب المشاريع التنموية الكبرى، تشهد مدينة زايو مفارقة غريبة في سوق العقار؛ حيث تعرف أسعار الأراضي ارتفاعا غير منطقي مقارنة بواقع المدينة الاقتصادي والاجتماعي. فزايو، المدينة الفقيرة نسبيا، صارت تشهد مضاربات عقارية تجعل من شراء بقعة أرضية حلما بعيد المنال لعدد كبير من المواطنين.
الأدهى من ذلك أن الارتفاع الصاروخي في أسعار العقار لا يوازيه أي استقرار قانوني. فالوضعية العقارية في المدينة تعاني من فوضى كبيرة بسبب الفشل المستمر في تسوية وضعية العقارات، ما أفرز عشوائية في التملك والبناء، وشجع على التوسع غير المنظم في أغلب الأحياء، وهو ما يطرح تحديات عمرانية وإنمائية جسيمة.
وقد ساهم هذا الواقع في انتشار البناء العشوائي، مدفوعا برغبة السكان في امتلاك سكن رغم غياب التأطير القانوني، وبتواطؤ، في بعض الأحيان، مع لوبيات عقارية تستغل الوضع لترويج أراضٍ غير محفظة وغير مجهزة بأسعار خيالية. ففي الوقت الذي تُعرض فيه تجزئة “العمران” – وهي منطقة مجهزة ومحفظة – بسعر لا يتجاوز 800 درهم للمتر المربع، تصل أسعار بعض الأراضي في مناطق غير مجهزة ولا محفظة إلى 3000 درهم للمتر، و1200 درهم في مناطق أخرى، في مفارقة تكشف حجم الاختلالات.
هذا الوضع فتح المجال أمام شبكات غير رسمية تسيطر على السوق العقارية، وتكرس فوضى عمرانية سيكون من الصعب تصحيح تبعاتها مستقبلا، خصوصا إذا استمر تجاهل تسوية العقار بالمدينة. وقد خلف هذا الفساد العمراني واقعا مقلقا، تنعكس آثاره سلبا على المظهر الحضري، وعلى فرص الاستثمار، وعلى جودة الحياة عموما.
إن الوضع الراهن يطرح سؤالا ملحا حول جدية السلطات في التعاطي مع هذا الملف، ويؤكد أن أي أفق للتنمية المحلية بزايو يمر حتما عبر تسوية الوضعية العقارية، ووضع حد لفوضى البناء، وقطع الطريق أمام المضاربات التي تخنق حلم السكن اللائق لدى فئات واسعة من المواطنين.