في عمق مدينة فاس العتيقة، المدينة التي عُرفت بعلمها وتاريخها، يرقد قبر تحيط به هالة من الغموض منذ عقود طويلة. قبر لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، لا مسؤول ولا عامل، مهما تبدلت الوجوه وتعاقبت الأجيال.
في زاوية منسية من المدينة، يتربع هذا القبر كأنه حارس لسر دفن معه. لا أحد يعرف لمن هو، ولا ما يخفيه تحت ترابه، لكن الجميع يتفادى المساس به، وكأن لعنة خفية تحميه من التدخل البشري.
الحكايات حوله كثيرة، تُروى كما تُروى الأساطير، وتُتناقل من جيل إلى جيل. البعض يراه قبراً لولي صالح، وآخرون يعتقدون أنه لشخصية غامضة طواها النسيان. لكن الحقيقة… لا أحد يملكها.
حتى في آخر مشروع حضري شهدته المنطقة، حين شرعت السلطات في تهيئة موقف للسيارات، توقفت الآلات أمامه. لم تجرؤ الجرافات على الاقتراب، بل تم تزفيت الأرض حوله بدقة، تُرك القبر كما هو، صامتًا، كأن المدينة كلها اتفقت على احترام سكينته.
من يرقد هنا؟ ولماذا هذا القبر بالذات؟ الأسئلة كثيرة، لكن الأجوبة… ما تزال في طيّ الغيب.