مراد ميموني
في قلب مدينة الناظور، حيث تمر السيارات والحافلات في شارع طنجة المؤدي الى بني انصار وبوابة أوروبا، يختبئ حي “الريكوراليس 2” كعجوز فقد ذاكرته، لا يتذكره أحد، ولا يزوره مسؤول أو ربما لا يعرفه، حي لا يزال يحتفظ بإرثه التاريخي، لا من باب الفخر، بل كوشم لا يُمحى على جبين الخزي الجماعي!
هنا، قرب المحطة الطرقية، توجد الثكنة العسكرية الشهيرة “ريكوراليس 2” التي كانت مسرحًا لجريمة عسكرية بشعة: تجنيد الأطفال الأمازيغ في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولا حتى صباط! الجنرال فرانكو، الذي قرر أن مستقبل هؤلاء الصبية ليس المدرسة ولا اللعب بالكرة، بل الصفوف الأمامية لحرب أهلية في إسبانيا، ترك لنا تركة من الأشعار والدموع، وعلى رأسها قصيدة “طابور لالة يما”، التي كانت تبكي بها الأمهات أبناءهن المخطوفين إلى معسكرات الموت.
واليوم، بعد قرن تقريبًا، عاد التجنيد… لكن بشكل مختلف. الأطفال لم يعودوا يُجرّون إلى الحروب، بل إلى الهروب. هروب من التعليم، من الرياضة.. من الكرامة. فالحي الذي صنع التاريخ، يعيش اليوم وضعًا كارثيًا لا يشرف تاريخه ولا يليق بموقعه. طرق مهترئة، إنارة خافتة كضمير المسؤولين، وجدران تصرخ كلما هبت رياح التهميش.
لكن، من المسؤول؟ سؤال يُطرح بين الفينة والأخرى خاصة في المقاهي حيث يكثر “الناب”، وتُجاب عليه الكؤوس الفارغة: البعض يشير بإصبع الاتهام إلى وكالة مارتشيكا، بدعوى أنها “المسؤولة” على المدينة، آخرون يحمّلون المجلس البلدي المسؤولية لأنه “قريب وما دّاهاش”، وفئة ثالثة تقول إن العمالة والداخلية هي “الحاكم بأمر التهميش”. وبينما المسؤوليات تُرمى كالكرة الطائرة، يبقى الريكوراليس مرميًا ككرة مثقوبة في حفرة.
الريكوراليس اليوم لا يحتاج إلى وزارة التجهيز، بل إلى وزارة الإنعاش الروحي! إلى من يقرأ قصيدة “طابور لالة يما” ويستوعب أن التهميش أيضًا نوع من التجنيد القسري… في جيش البؤس.
لماذا تم تجاهله؟ هل لأنه لا يُدرّ “صوتًا انتخابيًا” كافيًا؟ أم لأن المسؤولين يعتقدون أنه ما دام الحي لم يعلن رسميا عن تمرده، فهو بخير؟! أليس من الوقاحة أن تُزف الأحياء الجديدة بأشرطة حمراء، بينما حي بحجم الذاكرة الجماعية يُعامل كجثة في مشرحة؟
أيها اللامسؤولون! ألا يليق بكم أن تزوروا هذا الحي ولو على سبيل “السخرية القدرية”؟ ضعوا خرائط مشاريعكم جانبًا، وخذوا معكم فقط ذاكرة تاريخية وبعض الضمير… إن وُجد، فالريكوراليس اليوم لا يريد تمثالا ولا حائطًا تذكاريا… فقط يريد أن يُعامل كحي وسط المدينة، لا كقصة منسية في كتاب التاريخ.
احسنت .
Regulares,,,ماشي ريكوراليس ،،هههه،،،،،،هذا هو الاسم ريگولاريس