زايوسيتي/ أسامة اليخلوفي
أصدرت محكمة النقض بتاريخ 15 أبريل 2025 قرارًا حديثًا يُرتقب أن يُحدث تأثيرًا عميقًا على القضاء المغربي، بعد أن نظرت في قضية مؤلمة تتعلق بفتاة معاقة تعرضت للاغتصاب، نتج عنه حمل وولادة طفل.
في هذه القضية، أدين الجاني بالسجن النافذ لمدة سنة واحدة، غير أن الأم، التي كانت ضحية الاعتداء، رفعت دعوى أمام المحكمة الابتدائية بالحسيمة للمطالبة بنفقة لطفلها المولود من هذه العلاقة غير الشرعية. استندت في طلبها إلى أن الأب البيولوجي لا يمكن إعفاؤه من مسؤولية رعاية الطفل، باعتبار أن كل إنسان مسؤول عن أفعاله وما يترتب عنها من نتائج، خاصة عندما يتعلق الأمر بحياة طفل بريء.
لكن المحكمة الابتدائية بالحسيمة رفضت الطلب، معتبرة أن الطفل غير الشرعي لا يستحق النفقة ولا يترتب عن هذه البنوة أي أثر قانوني. وجاء قرار محكمة الاستئناف مؤيدًا للحكم الابتدائي.
لم تستسلم الأم، فطعنت في القرار أمام محكمة النقض عبر محاميتها الأستاذة سعاد الإدريسي، المعروفة بكفاءتها ومرافعاتها القوية. وجاء قرار محكمة النقض حاسمًا، حيث نقضت الحكم الاستئنافي وعللته بتعليلات قانونية دقيقة، أبرزها:
1. للمحكمة صلاحية إعادة تكييف طلبات الأطراف وفقًا للوقائع.
2. الحكم الجنائي على المغتصب لا يسقط مسؤوليته المدنية تجاه الطفل.
3. الحمل الناتج عن اغتصاب يشكل ضررًا محققًا يصيب الطفل في حاضره ومستقبله من حيث النفقة والمعيشة.
4. لا يجوز تحميل الطفل أي ذنب ناتج عن فعل والده.
وبناءً على هذا القرار، قررت محكمة النقض إحالة الملف إلى محكمة الاستئناف بفاس لإعادة البت فيه. من المنتظر أن تأمر المحكمة بإجراء خبرة جينية للتأكد من النسب، وفي حال تأكدت الأبوة، سيُلزم الأب البيولوجي بأداء نفقة شهرية للطفل حتى بلوغه سن الرشد، أو سن 25 في حال استمر في دراسته.
هذا القرار يعتبر سابقة قضائية من شأنها تعزيز حماية حقوق الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية، بغض النظر عن الإطار الشرعي للعلاقة التي نتجوا عنها.