سعيد قدوري
في الوقت الذي تؤكد فيه التغيرات المناخية والواقع الميداني ضرورة الانتقال من منطق التدخل بعد الكارثة إلى منطق الاستباق والتخطيط، تبدو عمالة الناظور متأخرة في تبني سياسة فعالة لتدبير المخاطر، وعلى رأسها مخاطر الحرائق التي تهدد الغطاء الغابوي والمرافق الحيوية بالمنطقة.
ورغم أن المغرب أطلق في السنوات الأخيرة إستراتيجية وطنية لتدبير مخاطر الفيضانات، فإن مخاطر الحرائق لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام، خصوصاً على مستوى الأقاليم التي تعرف كثافة غابوية وأسواقاً كبرى، كما هو الحال في إقليم الناظور. فبالموازاة مع الغياب التام لقسم مخصص لتدبير المخاطر داخل العمالة، تُسجَّل عدة اختلالات تؤكد ضعف المنظومة المحلية في هذا الباب.
لقد سبق لوزارة الداخلية أن اقترحت إحداث أقسام لتدبير المخاطر داخل كل عمالة، إلا أن هذا المقترح لم يُفعّل على أرض الواقع لأسباب لا تزال مجهولة. وبدلاً من الاستعانة بأطر مختصة، غالباً ما يتم الاعتماد على تقنيين يفتقرون للخبرة في هذا المجال الحيوي، ما ينعكس سلباً على نجاعة التدخلات عند وقوع الحوادث.
من بين أبرز مظاهر الخلل أيضاً، الغياب شبه التام لأي تحيين للمعطيات المتعلقة بالحرائق، وغياب التنسيق بين مختلف المصالح المعنية، مما يعمق من هشاشة الاستعدادات في مواجهة الكوارث، لا سيما ونحن على مشارف فصل الصيف الذي يشهد سنوياً تزايداً في الحرائق.
وتكمن الخطورة أكثر في هشاشة البنية التحتية المتعلقة بمكافحة الحرائق داخل المجال الحضري، حيث إن العديد من فوهات الإطفاء في مدينة الناظور غير صالحة للاستعمال، في حين تُعد المدينة محاطة بغطاء غابوي كثيف وتحتضن أسواقاً كبرى سبق أن تعرضت لحرائق خطيرة. ومع غياب تدريبات دورية لفائدة الأطر المحلية في مجال مكافحة الحرائق، يبقى مستوى الجاهزية دون المستوى المطلوب.
إن إقليم الناظور في أمسّ الحاجة إلى إحداث قسم مسؤول عن تدبير المخاطر، مؤطر بأطر كفأة ومتخصصة، مع ضرورة إطلاق إستراتيجية محلية واضحة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجغرافية والعمرانية للمنطقة، وتضع ضمن أولوياتها تأمين المرافق العمومية وشبه العمومية، وتحديث قاعدة البيانات الخاصة بمخاطر الحرائق، وإرساء ثقافة التمرين والتنسيق بين المصالح المختلفة.
فالتدبير الجيد للمخاطر يبدأ من التخطيط الاستباقي، وما لم تتدارك السلطات المحلية هذا التأخر، فإن المنطقة ستظل عرضة لكوارث يمكن تفاديها بقليل من الحكامة وكثير من الإرادة.